يروج الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وغيره من مسؤولي الإدارة الأمريكية لصفقة الاتفاق النووي مع إيران، مؤكدين بأنها ستحقق الكثير من المصالح، وأن إيران ستتعرض لضغوط كبيرة إذا خالفت شروط الصفقة، وأن العقوبات، المفروضة عليها جراء برنامجها النووي، والتي سيتم رفعها في حال التزامها بالاتفاق، ستفرض في الحال في حال فشلها بالالتزام به. وفي حقيقة الأمر فإن الاتفاق فكرة جذابة، وأكثر من ذلك، فهو ضروري إذا كان من الممكن تنفيذه. ومع ذلك، فقد أشار كل من وزيري الخارجية الأمريكية السابقين، هنري كيسنجر، وجورج شولتز، إلى سذاجة مفهوم إعادة العقوبات، التي تم فرضها على مدى اثني عشر عاما الماضية أو نحو ذلك للضغط مرة أخرى على إيران. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كل يوم يمر بعد رفع العقوبات سيقوي العلاقات الاقتصادية الإيرانية مرة أخرى مع المجتمع الدولي. وهذه العلاقات لا تقوي إيران اقتصاديا فقط، وإنما ستخلق مجتمعا من الشركات والدول التي لها مصلحة أكثر من أي وقت مضى في الحفاظ على تجارة مفتوحة مع إيران. وستصبح للشركات ذات النفوذ السياسي مصالح في التجارة مع إيران، أو ستكون لها استثمارات، خصوصاً بإيران، داخلها أو خارجها. ومع ذلك، فهذا لا يعني عدم الالتزام باتفاق الإطار النووي المقترح. ويبدو أن هناك حاجة كبيرة لتوضيح بعض النقاط في هذا الشأن، وأن يدرك المفاوضون أن نفوذنا على إيران سينخفض انخفاضا حادا إذا ما تم إحياء العقوبات. ولهذا ينبغي أن نتجنب الالتزام بمواعيد نهائية مصطنعة. ولكي يصبح أي اتفاق فعال حقا، ينبغي أن تكون الإدارة القادمة حازمة بما يكفي لفرض عقوبات أحادية الجانب أقوى من أي عقوبات أخرى فرضتها أمريكا على إيران من قبل، وهي العقوبات المالية التي من شأنها أن تجعل من الصعب جدا على إيران العمل في البيئة الدولية، بفضل أهمية وقوة الدولار الأمريكي، والنظام المصرفي الأمريكي في التجارة الدولية. كما يتطلب أيضا من الإدارة القادمة أن تكون على استعداد لاستخدام كل الضغط الذي يمكن أن تمارسه على حلفائها لمواجهة الجمود في سياستهم الخارجية. وبعبارة أخرى، يتطلب الموقف قيادة قوية على استعداد للقيام بكل ما هو ضروري لفرض ضغوط حقيقية على إيران، بما في ذلك، إذا لزم الأمر، استخدام قوة عسكرية ذات مصداقية. ويمكننا مناقشة ما إذا كانت إدارة أوباما تفي بمثل هذه المعايير أم لا. وبالتأكيد، فإن الإدارة خلال فترة ولايتها الأولى- عندما كانت إدارة البيت الأبيض تضم دعاة لسياسة أكثر صرامة نحو إيران، مثل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس، ومدير الاستخبارات المركزية السابق ليون بانيتا، وغيرهم- اعتنقت فكرة تشديد العقوبات على إيران، حيث تم دفعها إلى ذلك في البداية من قبل الكونغرس. كما بذلت الإدارة بعضا من أفضل جهودها الدبلوماسية في ذلك الوقت، لضمان أن تلك العقوبات ستكون فعالة وملتزم بها دوليا. وبما أن فترة أوباما في منصبه لن تطول أكثر من عام ونصف بعد التوقيع على شروط الاتفاق النووي مع إيران في أواخر يونيو، فإن الإدارة التالية هي التي سيقع عليها عبء ترجمة هذا الاتفاق لوضع نهاية حقيقية لجهود إيران في بناء قنبلة نووية، وهي التي ستتحمل أيضا مسؤولية ضمان مصالح وطنية أمريكية أوسع، واحتواء طموحات إيران الإقليمية، وما يمثله أيضا تاريخ الدولة في رعاية الإرهاب. كل هذه المسؤولية ستقع على هيلاري كلينتون، جيب بوش، تيد كروز، راند بول، يعني الرئيس القادم. لقد أثبتت كلينتون بالفعل حسن نيتها في هذا الصدد. فخلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2008، كانت من أشد منتقدي موقف أوباما اللين والساذج تجاه إيران، والذي يعتقد أن المشاركة وحسن النوايا وحدها التي تطلق العنان بطريقة أو بأخرى للطبيعة الجيدة لهذا البلد. وبوصفها أول وزيرة خارجية لإدارة أوباما، كانت وراء الأبواب المغلقة، متشددة دائما بشأن العقوبات الإيرانية وتنفيذها بلا هوادة، وتستخدم الدبلوماسية في نفس الوقت لمواصلة الضغط على هذا البلد. وتحدثت بقوة في الماضي عن أهمية ضمان أمن حلفاء أمريكا في المنطقة لإحباط أي استخدام إيراني للأسلحة النووية، وبالتالي يبدو من المعقول أنها ستتخذ موقفا أكثر صرامة مع إيران، أقرب إلى قواعد السياسة الأمريكية تجاه هذا البلد على مدى العقود الثلاثة والنصف الماضية. وبالمثل، من الصعب أن نتصور أن أي من المرشحين الجمهوريين للرئاسة – باستثناء راند بول، الذي يمثل جناح أوباما في الحزب الجمهوري – من شأنه أن يتخذ موقفا يختلف كثيرا عن الذي يمكن أن نتوقعه من كلينتون. وفي الواقع، ينبغي أن تدرك القيادة الإيرانية وحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط ذلك، بصرف النظر تماما عن كل ما تفعله إيران أو لا تفعله فيما يتعلق بالاتفاق النووي. إن هناك احتمالا كبيرا لعودة أمريكية مفاجئة أكثر صلابة بشأن سياساتها مع إيران. الفورين بوليسي