أحمد الحضاري بعد تعرضها المتكرر للسرقة، قررت المفتشية الجهوية للمباني والآثار بتنسيق مع جمعية «أسفو» للمدينة العتيقة لآسفي، إغلاق نوافذ الكنيسة الإسبانية، الموجودة داخل السور البرتغالي، بالآجر والإسمنت. إلى ذلك، يسود غضب كبير وسط مهتمين بالآثار والتراث التاريخي لمدينة أسفي، بعد شيوع أخبار تتحدث عن منافسة وتسابق بين جهات، من داخل أسفي وخارجها، لاقتناء بناية الكنيسة الإسبانية وتحويلها إلى مشروع سياحي مدر للدخل، حسب مصادر «المساء». وأفادت مصادر على اطلاع أن أحد النافدين الإداريين بجهة دكالة عبدة فشل في محاولة سابقة للضغط لانتزاع تفويت الكنيسة لجمعية مقربة من زوجته الأجنبية، وتحويلها إلى مشروع خاص. وطالب عدد من المهتمين بالآثار، في اتصال مع «المساء»، بإعادة الاعتبار للكنيسة الإسبانية، وتصنيفها كمعلمة تاريخية، على غرار 16 موقعا أثريا، وتفويتها للدولة، لمنع المتربصين بها لأغراض تجارية، وتحويلها فضاء ثقافيا يغني التراث الرمزي للمدينة خاصة أن عددا من السائحين الأجانب يتوسلون زيارتها. وقال العلمي الربيع، رئيس جمعية «أسفو» للمدينة العتيقة بأسفي، في تصريح خص به «المساء»، إن سقوف غرف الكنيسة الإسبانية، التي سمي زقاق كبير باسمها، «معرضة للسقوط بسبب سرقة ألواح الخشب، التي تدعم أسقف غرفها»، مضيفا أنها تعرضت للإهمال، وسرقت آثارها النفيسة كالناقوس والزليج. والآن يتوافد على محيطها الباحثون عن الكنوز. وذهب سعيد شمسي، الباحث الأثري، في تصريح ل»المساء»، في نفس الاتجاه، إذ قال إنها «معلمة تاريخية كبيرة تعرضت للإهمال والتلف»، مشيرا إلى أنه في صيف سنة 2003 «كلّفتُ من طرف جمعية خريجي معهد الآثار بالقيام بدراسة للرفع الهندسي لأبواب المدينة العتيقة، وقادني البحث إلى أنها تعود للقرن ال19 الميلادي، بنيت من طرف البعثة الكاثوليكية الإسبانية بالمغرب، لكن لا يعرف هوية مالك بناية الكنيسة الإسبانية هل هي وزارة الثقافة الإسبانية، أم الشؤون الدينية، وهل ملكيتها مغربية بحيث قد يكون السلطان محمد بن عبد الرحمان العلوي وهبها للمسيحيين حينها». وفي وصف دقيق قال شمسي، خريج معهد الآثار، إن الكنيسة من الناحية المعمارية هي «عبارة هي عن مصلى رئيسي، وغرف، وسكن للكاهن، تحتوي على منارة منحوتة بالحجر الثماني الأضلاع، تشبه المنارات الإسبانية بغرناطة واشبيلية، جدرانها مكسوة بطلاء ورسومات نقشت بصباغة متعددة الألوان، وأشكال جذابة، سقوفها من الخشب المستورد من دول أجنبية، يعلوه القرميد». وأجمعت المعطيات التي حصلت عليها «المساء» أن حارسها قام بكراء بيوتها مقابل مبالغ مالية بعد أن غادرها رجل دين مسيحي. وفي إطار برنامج إعادة إيواء سكان المدينة العتيقة والدور الآيلة للسقوط تم إفراغها من عشر أسر منحا سكنا اجتماعيا، فظلت ملاذا للمنحرفين والقاصرين، الذين نهبوا خشبها، وباعوه للحمامات والأفرنة الشعبية، فاضطرت الجهات المعنية لإغلاق بابها بعد إلحاح من السكان والجمعيات. وتوجد داخل السور البرتغالي، الذي بني على طول 1500 متر على أنقاض السور الموحدي، إضافة إلى الكنيسة الإسبانية، عدد من المآثر التاريخية المصنفة وغير المصنفة، كالكاتدرائية البرتغالية ودار السلطان، والمسجد الكبير، ومسجد أفنان، والمدرسة القرآنية، ومدارس ومنازل أثرية كمدرسة مولاي عبد السلام، وهي أول مدرسة استعمل بها الورق والقلم، ودار الباشا، وبيت قنصل فرنسا، ومنازل فقهاء وأعيان ذكرهم التاريخ.