حمل محمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، مسؤولية تراجع حكومته عن النسخة الأولى لمشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها للتدبير الفاشل لحكومة عباس الفاسي لهذا الملف، والذي اعتبره تملقا سياسيا للوزير الأول السابق عند توكيله لمهمة إعداد المشروع لنفس المؤسسة المحدثة منذ سنة 2000، والتي تنتظر توسيع صلاحياتها تماشيا مع روح الدستور الجديد، فكان من الطبيعي «أن نصير أمام مشروع على المقاس بعيد عن الواقع»، يقول الوفا. وفسر الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، في لقاء نظمته «ترانسبارانسي المغرب» مساء أول أمس في الرباط، تعاطي حكومته مع مشروع القانون بالقول إن «هذا القانون مؤسس في تاريخ المغرب لما له من تأثير مباشر على حياة الأفراد وحقوقهم، وقد خضعت مصادقته داخل المجلس الحكومي لمنطق التوافقات بين مكونات الائتلاف الحكومي». قبل أن يستطرد «أن كل طلب للتعديل يجب أن يندرج في المناقشة البرلمانية وليس الحكومة» ليرد بذلك على انتقادات «ترانسبرانسي المغرب» والباطرونا لمشروع القانون، بعد أن أشار ممثلوهما إلى أن مشروع القانون «أفرغ الهيئة من محتواها الدستوري». نفس الموقف عبر عنه وزير الشؤون العامة والحكامة فيما يتعلق بمشروع القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة. إذ أفصح المتحدث أن الحكومة صادقت على المشروع وأدخلت تعديلات بواسطة لجنة تقنية خاضعة لرئيس الحكومة، مشيرا إلى أن المشروع جاهز اليوم لعرضه على مجلس النواب في الأسبوع المقبل. وحول انتقادات «ترانسبارانسي المغرب» والباطرونا للتعديلات التي اتخذتها اللجنة دون إشراك المعنيين أو تمرير تأشيره على المجلس الحكومي، اكتفى الوزير بالقول: «إننا مستعدون للتفاعل مع ما يلزم تأكيده أو توضيحه في المواد المعدلة داخل قبة البرلمان». في مقابل ذلك، وصف رشيد الفيلالي المكناسي، ممثل «ترانسبارانسي المغرب» موقف الحكومة بالانفصامي. وبخصوص مشروع هيئة محاربة الرشوة، حذر الفيلالي من تنزيل مقتضيات الدستور بطريقة غير ديمقراطية ولا تراعي منطق المقاربة التشاركية، خاصة أن «الملك حرص على تمتيع هيئة محاربة الرشوة بالاستقلالية والتحريك الذاتي للدعوى، وهما تدبيران لا نجد ترجمة لهما في نص المشروع». أما في الشق المتعلق بمشروع الحصول على المعلومة، فقد سجل اللقاء اتهامات بين الباطرونا والحكومة، فسرت تعارض المواقف حول تصور تنزيل الفصل 27 من الدستور، مما سيؤثر سلبا على النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلد، ضاربا بذلك مثلا عن «سد الطريق على المستثمرين الأجانب على الوصول إلى المعلومة وتوفير مناخ منافسة غير شريفة مع المستثمرين المغاربة المتمتعين بالمعلومة الاقتصادية»، مما من شأنه تفويت فرص عمل ونمو اقتصادي على المغرب والمغاربة. إلى ذلك، أجمع ممثلو «ترانسبارانسي المغرب» والباطرونا على تراجع الحكومة على تجربة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة المحدثة سنة 2000 والتفريغ الكامل للفصل 27 من الدستور حول الحس في الوصول إلى المعلومة، في الوقت الذي يصر الوزير على ضرورة الأخذ بالمصالح المختلفة للجسم الحكومي وتأجيل الحسم في المشروعين إلى البرلمان.