الأرقام التي كشف عنها تقرير الشبكة المغربية للحق في الصحة، حول عدد المغاربة المصابين بالفشل الكلوي، صادمة بالفعل، وتحتاج من المسؤولين عن الصحة إلى أن يقفوا عندها مليا، خاصة وأنها تتحدث عن أزيد من مليون مواطن مغربي مصاب واكتشاف ما يقارب 4000 حالة سنويا، فضلا عن كون المرض يودي بحياة ما بين 10 و20 في المائة سنويا؛ بل زاد أن الأمر يزداد استفحالا لدى العلم بأن قلة قليلة من المغاربة تتمكن من الاستفادة من حصص تصفية الدم. التقرير أثار، أيضا، مسألة في غاية الأهمية وتتعلق بصعوبة الاستجابة لجميع طلبات العلاج، وهذا راجع بالأساس إلى ضعف بنيات الاستقبال وقلة الأطر، مما يقود عددا كبيرا من المصابين إلى الاحتجاج أمام المراكز الصحية والمستشفيات، لكن دون جدوى؛ وهذا -للأسف- رغم الجهود التي بذلت خلال السنوات الأخيرة لتوفير مراكز متخصصة وتزويدها بالآليات، إذ بقيت مع ذلك دون المعدل المطلوب، ذلك أن المغرب لا يتوفر سوى على 200 آلة غسيل كلية، أي آلة لكل 13.6 مريضا، وما يتجاوز المعدل العالمي المحدد في 4 مرضى لكل جهاز. ولعله يحق للمغاربة، أمام هذه الحقائق الصادمة، أن يطرحوا أسئلة حول حصيلة 60 سنة من السياسات الصحية التي تعاقبت مع تعاقب الحكومات منذ الاستقلال، وحول مصير ملايير الدراهم التي صرفت على قطاعٍ للصحة يحتاج اليوم إلى عملية إنعاش عسى أن تخرجه من أزمته؛ ويحق لهم، أيضا، أن يتساءلوا عن الحقائق التي تخفيها أمراض أخرى مزمنة يعانيها ملايين المغاربة في صمت، مثل السرطانات وأمراض القلب والسكري وغيرها… فكرة أخيرة أثارها التقرير وهي أن التصريحات المتعددة للحكومة بخصوص مجانية العلاج بالنسبة إلى المرضى ذوي القصور الكلوي، وخاصة منهم حاملي بطاقة «راميد»، تبقى مجرد شعارات، وهي فكرة لن يُكلف الحكومة َشيئا توضيحُ حقيقتها.