المنتخب المغربي يودع دوري الملوك    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    تهنئة السيد حميد أبرشان بمناسبة الذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    مراكش... توقيف مواطن أجنبي مبحوث عنه بموجب أمر دولي بإلقاء القبض    حرائق لوس أنجلوس .. الأكثر تدميرا والأكثر تكلفة في تاريخ أمريكا (فيديو)    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    الملك يصدر عفوه السامي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير الأنشطة الملكية    الصويرة تعزز ربطها الجوي بثلاث وجهات فرنسية جديدة    توقيف شخصين في مراكش بتهمة النصب والاحتيال وتزوير وثائق السيارات    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    "الباطرونا" تتمسك بإخراج قانون إضراب متوازن بين الحقوق والواجبات    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    الملك يعزي أسرة الفنان بنعبد السلام    مؤسسة طنجة الكبرى في زيارة دبلوماسية لسفارة جمهورية هنغاريا بالمغرب    أحوال الطقس يوم السبت.. أجواء باردة وصقيع بمرتفعات الريف    الملك محمد السادس يوجه برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنان الراحل محمد بن عبد السلام    المناورات الجزائرية ضد تركيا.. تبون وشنقريحة يلعبان بالنار من الاستفزاز إلى التآمر ضد أنقرة    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    الملك محمد السادس يهنئ العماد جوزيف عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية    توقف مؤقت لخدمة طرامواي الرباط – سلا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إيداع 10 علامات تجارية جديدة لحماية التراث المغربي التقليدي وتعزيز الجودة في الصناعة الحرفية    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    ميناء الحسيمة يسجل أزيد من 46 ألف من المسافرين خلال سنة 2024    فيلود: "المواجهة ضد الرجاء في غاية الأهمية.. وسنلعب بأسلوبنا من أجل الفوز"    "الأحرار" يشيد بالدبلوماسية الملكية ويؤكد انخراطه في التواصل حول مدونة الأسرة    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة نضالية بارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية وتحقيق السيادة الوطنية    من هو جوزيف عون الرئيس الجديد للبنان؟    جماعة طنجة تعلن نسبة تقدم أشغال تأهيل معلمة حلبة ساحة الثيران    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    ملفات ساخنة لعام 2025    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    تحذير رسمي من "الإعلانات المضللة" المتعلقة بمطارات المغرب    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    السعودية تستعد لموسم حج 2025 في ظل تحديات الحر الشديد    اتحاد طنجة يعلن فسخ عقد الحارس بدر الدين بنعاشور بالتراضي    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    فضيحة تُلطخ إرث مانديلا... حفيده "الرمز" في الجزائر متهم بالسرقة والجريمة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. إيفرتون يفك الارتباط بمدربه شون دايش    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    وفاة الفنان محمد بن عبد السلام    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة الكاملة لأكثر الصراعات غموضا على أعتاب الصحراء المغربية
جرت أطوارها بين رئيس بلدية كلميم والوالي العضمي الذي أعفته الداخلية
نشر في المساء يوم 12 - 03 - 2015

يبدو أن الأسباب الحقيقية لما يجري بباب الصحراء لم تنكشف بعد، وأن كل ما قيل وكل ما كتب عن الأمر لا يمثل إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم، خاصة وأن كل طرف يخفي من مبررات الصراع أكثر ما يظهر، بل إن المعنيين بالأمر يتحفظون عن الحديث أصلا إلى الصحافة وحتى إن تحدثوا فإنهم يقولون « السماء فوقنا والأرض تحتنا». في مقابل ذلك انبرى بعض الأشخاص وأحيانا بأسماء مستعارة عبر مجموعة من المواقع الإليكترونية بإطلاق الاتهامات، ويسربون وثيقة من هناك وحديثا من هنا ويغرقون في أحيان كثيرة في حديث كله غمز ولمز وقلما أفصح بعضهم إلا إذا أطلق بعضهم الشتائم مما لا تستوعبه التعابير المحترمة للغة أحيانا فيستعيرون من قواميس الشارع ما يسعفهم لإفشاء الغليل والنكاية بالآخر. في هذا العمل نحاول البحث عن الخيط الناظم لما يجري من أحداث داخل جهة كلميم السمارة؟ محاولين الوصول إلى نقل صورة مقربة مما يجري، أما الحقيقة فلا توجد إلا في صدور من حرروا التقارير تلو التقارير عن حلقات الصراع الذي اندلع مباشرة بعد تنصيب الولي علي العضمي على رأس ولاية جهة كلميم السمارة؟
ونحاول من خلال ذلك أن نطرح الأسئلة التالية: هل كانت النعرات القبلية وراء الصراع الخفي الظاهر؟ أم أن وراء الأجمة مصالح اقتصادية وامتيازات ونفوذ؟ أم أن الأمر مجرد تسخينات بنكهة انتخابية على مشارف الاستحقاقات الجماعية؟
في الخامس عشر من يناير 2015 صدر بلاغ يحمل توقيع ولاية جهة كلميم السمارة، يحاول الرد على ما وصفه بالتصريحات والبيانات الصادرة عن إحدى الهيئات السياسية التي تعتبر نفسها مستهدفة من طرف سلطات الوالي، وأكد البلاغ على أن هذا الأخير «.. يتعامل مع جميع الهيئات السياسية وجمعيات المجتمع المدني الفاعلة على قدم المساواة وبروح من التعاون والتشاور من أجل خدمة رعايا صاحب الجلالة بهذه الجهة».
وأضاف البلاغ أن المصالح المعنية داخل ولاية كلميم طلبت من الكاتب الجهوي ويقصد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عقد لقاء تشاوري حول ما أسماه البلاغ الدفع قدما بالمنطقة والرقي بها، فكان جواب هذه الهيئة هو الرفض حسب ما ورد في البلاغ المشار إليه.
المتتبعون لما يجري بهذه الجهة رأوا في البلاغ مؤشرا خطيرا على أن الخلاف بين الاتحاد الاشتراكي الممثل في رئيس المجلس البلدي لمدينة كلميم والوالي العضمي وصل إلى نقطة اللاعودة رغم أن البلاغ أشار في خاتمته إلى أن أبواب هذه السلطات الولائية لازالت مفتوحة في وجه جميع الهيئات السياسية على اختلاف توجهاتها، إلا أن لجوء الوالي إلى إصدار بلاغ للرد كان مؤشرا على ما تمت الإشارة إليه لينتقل الصراع إلى مستويات أكثر تقدما.
البلاغ جاء في أعقاب بيانات صادرة عن مجموعة من الجمعيات التي أطلقت على نفسها المنظمات المدنية والحقوقية بمدينة كلميم، والتي قالت بالحرف الواحد إنها «..تتضامن بشكل غير مشروط مع مؤسسة المجلس البلدي بكلميم ضد ما تتعرض له من هجوم شرس وكيدي بهدف تبخيس الإنجازات النوعية المحققة اقتصاديا وتنمويا بمدينة كلميم، كما استنكرت الهيئات المشار إليها ما وصفتها بالجمعيات المرتزقة والأقلام المأجورة التي سخرت لطمس الحقائق وخلق الفتن ونشر العنصرية وضدا على الدستور الذي جعل المواطنين سواء.
خارج الحدود
الصراع القائم بكلميم لم يقتصر على الهيئات الموجودة بالمدينة، بل انخرط فيه من أطلقوا على أنفسهم أبناء الجالية المتحدرين من واد نون، حيث أصدرت أربع جمعيات تتخذ من بروكسيل العاصمة البلجيكية مقرا لها وتضم في عضويتها مجموعة من الأفراد المتحدرين من مختلف قرى ومدن الجهة، أصدرت هذه الهيئات بيانا تؤكد فيه على العبارات ذاتها التي وردت في البيان السالف الذكر، إلى درجة أن ديباجة البيان الأول الذي يحمل توقيعات الجمعيات المحلية هو نفسه البيان الذي يحمل توقيعات الجمعيات الموجودة ببلجيكا.
وفي السياق نفسه أشار بيان آخر صادر عن جمعية بالخارج إلى «…التعطيل الذي تعرض لها دور المجلس البلدي بالتزامن مع قدوم الوالي الجديد .. وقال البيان باسم جمعيات المجتمع المدني بالخارج وجمعية قبائل آيت النص إن الوالي جاء عن طريق التعيين، وإن رئيس المجلس البلدي جاءت به صناديق الاقتراع وطالبت الجمعيات الوالي بضرورة أن يرفع يده، وفي الأخير حمل البيان الوالي مسؤولية تعطيل المشاريع التنموية بالمنطقة والتطاول على اختصاصات المجلس البلدي، كما عبر الموقعون على البيان عن استعدادهم لتدشين حملات تضامن ودعم للسيد الرئيس إلى حين وقف حملات التغرير والتشويه «.
هذه البيانات وغيرها كشفت على أن الصراع أصبح شخصيا، حيث جعلت رئيس المجلس البلدي في مقابل الوالي، وهي مؤشرات لم ينتبه العديد من أصحاب هذه البيانات على أن الأمور أصبحت دفاعا عن الأشخاص، وأن الأمر تحول إلى معسكرات كل واحد يحشد التأييد لطرف على آخر.
الغايات والمبررات
من التفسيرات التي تقدم بها بعض أطراف الصراع بين الرئيس والوالي وهو أن هذا الأخير رفض الخضوع للأسلوب الذي يتبعه الرئيس في تدبيره للشأن المحلي، كما أنه اصطدم بما عبر عنه في إحدى الخرجات الإعلامية بالأخطبوط الجاثم على بوابة الصحراء، والذي يملك أذرعا إعلامية تساعده على تضليل الناس وتشويه الحقائق، وهو الاتهام غير المباشر الذي تم توجيهه إلى رئيس المجلس البلدي.
إلا أن هذه التحليلات رد عليها عبد الوهاب بلفقيه بالقول إن الوالي كان يملك من الصلاحيات الإدارية ما يمكنه من تفعيل العديد من الإجراءات والقيام بالعديد من التدابير، ولا يمكن للرئيس أن يحد من صلاحيات الوالي، كما أن الوالي لا يحق له أن يحد من صلاحيات رئيس بلدية كلميم التي تعتبر عاصمة للجهة.
سيول ونيران
عندما كانت أولى قطرات الأمطار تتساقط خلال الثلاثة أيام الأخيرة من شهر نونبر من سنة 2014 كانت نيران الصراع تزداد استعارا بين رئيس بلدية كلميم ووالي جهة كلميم السمارة، الأمطار التي تحولت إلى سيول جارفة لم تطفئ نيران الخلاف بل زادتها اشتعالا واتسعت الهوة بين الرجلين في خلاف تكرر في عدد كبير من المدن الكبرى خاصة في الأقاليم الجنوبية، بعض تفاصيل الخلاف خرجت إلى العلن وانخرطت العديد من المواقع الإليكترونية في نشر تفاصيلها لكن بلغة منحازة، الأمر الذي أضاع الكثير من حقائق هذا الصراع، في غمرة الاتهامات كشف رئيس المجلس البلدي عن مجموعة من المراسلات التي سبق وأن وجهها إلى المصالح المعنية من أجل التفاعل مع النشرات الإنذارية والقيام بالمتعين، كما في مراسلة مؤرخة في 21 نونبر 2014 موجهة من رئيس الجماعة الحضرية لكلميم إلى والي جهة كلميم السمارة موضوعها حول اتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية للحد من آثار الفيضانات.
وتحدثت الرسالة بلغة صدامية عندما استعرضت آثار السيول خلال مارس من 2013 وكذا 20 من نونبر 2014، والتي غمرت خلالها السيول مركز الندوات والاستقبال والمعهد العالي للفندقة، وشددت الإرسالية على أن الوالي هو المسؤول الأول عما حدث، وبأن الرئيس حاول الاتصال بمصالح الولاية، إلا أن الولاية لم تتجاوب ولم تتصل بالمصالح المعنية من أجل القيام بما يلزم للحد من آثار الفيضانات.
هذه المراسلات التي وجه بعضها إلى مديرية التجهيز وإلى وكالة الحوض المائي في خطوة استباقية، أي حوالي خمسة أيام قبل وقوع الكارثة التي تابعها العالم، طعن فيها بعض الأطراف وادعوا أن المصالح المعنية داخل المجلس البلدي قام بترقيمها خارج سجل المراسلات الصادرة عنه، وذلك من أجل إخلاء ذمته من المسؤولية وإلقائها على عاتق الوالي الذي ظهر أنه لم يقم بواجبه بتفعيل إجراءات اليقظة والتقليل من الخسائر وحماية أرواح الناس.
قص الأجنحة
أثناء عملية مراجعة اللوائح الانتخابية بدائرة كلميم أسفرت النتيجة عن التشطيب على أزيد من ثلاثة آلاف مسجل قيل إنهم لا يقطنون داخل مدينة كلميم، في تفسير آخر قيل إن هذه الأعداد من الناخبين قد تم استقدامها من خارج المدينة، ويعتبرون الذخيرة الانتخابية لرئيس المجلس البلدي، في مقابل ذلك يفسر الموالون لهذا الأخير الأمر بأنه محاولة لقص أجنحة هذا الأخير وإعادته إلى حجمه الحقيقي في أفق الاستحقاقات الانتخابية القادمة، ولم تخف المصادر ذاتها أن يكون لذلك انعكاس مباشر على الخريطة السياسية القادمة بهذه المدينة، كما أن توازنات جديدة يتم التحضير لها من مدخل انتخابي لإعادة ترتيب ما تبعثر من حسابات بهذه الجهة ذات الحساسية الخاصة.
حماية المال
خلقت الندوة التي نظمتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام جدلا كبيرا في أوساط المتتبعين للشأن المحلي بكلميم، حيث تبادلت مجموعة من الأطراف الاتهامات بشأن محاولة نسف هذه الندوة التي أعلن على أنها ندوة فكرية، فإذا بها تتحول إلى مناسبة لنشر غسيل المجلس البلدي، الأمر الذي حدا بأطراف أخرى إلى قطع الكهرباء عن القاعة التي كانت تحتضن الندوة، كما تم تسريب وثيقة تفيد أن الجمعية التي أشرفت على الندوة تلقت مبلغ عشرين ألف درهم من والي جهة كلميم من أجل تمويل هذا النشاط، وتم تقديم هذه الوثيقة على أساس أنها دليل تورط الوالي في كل أشكال الهجوم على رئيس المجلس البلدي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراسلة المجلس الأعلى للحسابات ووزارة الداخلية ومحكمة جرائم الأموال لدى استئنافية مراكش بشأن ما تدعيه الهيئة من خروقات واختلاسات للمال العام همت مجموعة من المشاريع الكبرى التي تم تدشينها في إطار المشاريع الملكية الكبرى بالمدينة. هذه التطورات دفعت مجموعة من أعضاء فرع هذه الهيئة بإقليم كلميم إلى تقديم استقالتهم، مبررين ذلك بأن رئيس الهيئة أدخل نفسه في خصومات سياسية، الأمر الذي زاد المشهد غموضا وعجل بخلط الأوراق مرة أخرى.
حالة ترقب
تعيش مدينة كلميم حالة من الترقب بعد أن نشرت مجموعة من الجرائد والمواقع الإليكترونية خبر تلقي رئيس المجلس البلدي لأزيد من خمسين استفسارا تركزت معظمها على المشاريع التي تشهدها مدينة كلميم، وتم توجيه الأسئلة بشأن مدى احترام المساطر، وتم تحديد مدة الإجابة عن هذه الاستفسارات في أقل من أسبوع، خاصة وأن هذه الاستفسارات والطريقة التي تمت بها استصحبت معها أخبارا عن قرب صدور قرار عزل الرئيس، وهي الأنباء التي خلقت رجة بأوساط المتابعين للشأن المحلي بكلميم والجهة عموما، مع ما يعنيه ذلك من تحول كبير في مشهد سياسي ساد لأزيد من عقد من الزمن.
بلفقيه*: يجب أن يحاسب الوالي بتهمة التقصير إذا بلغ إلى علمه وقوع جرائم ولم يفعل المساطر القانونية
– هل هناك خلاف حقيقي بين عبد الوهاب بالفقيه رئيس المجلس البلدي لمدينة كلميم ووالي جهة كلميم السمارة؟
بداية لا بد من التأكيد على أنه لا يوجد أي خلاف ذي طابع شخصي بين الوالي العضمي وعبد الوهاب بلفقيه، كما أن مؤسسة رئاسة المجلس البلدي لكلميم لم يسبق أن كان لها خلاف بين مؤسسة والي جهة كلميم السمارة، أما بخصوص الوالي الحالي فقد بادرت بمد يدي من أجل التعاون مع مؤسسة الوالي، الأمر الذي يمكن أن أؤكده من خلال عدد من الرسائل فضلا عن مجموعة من القرائن المسجلة بالصوت والصورة. والتي عبرنا فيها على أننا لا يهمنا من يكون في المقدمة ما دام الأمر يتعلق بمصلحة المدينة والجهة عموما، وقد قمنا في المجلس البلدي بتقديم برنامج عمل، كما التمسنا منه أن يتقدم بالاستراتيجية التي ينوي العمل وفقها، إلا أنه وبعد مرور سنة من تعيين الوالي العضمي إلا أنه لم يتقدم ولم يكشف عن أية استراتيجية أو برنامج.
– هل كان هذا هو سبب الخلاف بينكم ؟
أؤكد لكم أنه لا خلاف بيني وبين الوالي.
– وما سبب هذا الضجيج الإعلامي إذن؟ على المواقع الإليكترونية ؟
فعلا، بعد أن تبين لنا التحامل الكبير للوالي على مؤسسات الدولة والمجالس المنتخبة؟
– هلا .. شرحتم لنا ما تقصدونه بكلمة « التحامل»؟
السيد الوالي مع كامل الأسف لم يفهم بأن المغرب شهد تحولات كبيرة، ولم يستوعب بعد أن المؤسسات المنتخبة أصبح لها دور دستوري وقانوني من خلال التدبير اليومي لشؤون المواطنين، هذا ما لم يقبله الوالي الجديد، وحتى عندما مددنا يدنا بالتعاون لم يتجاوب مع مبادراتنا، وهنا وجب رفع التحدي في وجه السيد الوالي هل فعلا يملك تصورا لتدبير الشأن العام بالمدينة وبالإقليم عموما.
– هل من مؤشر يمكن من خلاله أن نفهم ما تقصدنه ؟
المؤشرات كثيرة لكن الأساسي هو أن الوالي أغلق كل أبواب التعاون.
لكن أنتم كمنتخبين سبق لكم أن انسحبتم من أحد اللقاءات التي ترأسها الوالي ودعوتم لمقاطعة الأنشطة التي يحضرها الوالي؟
نعم لقد قمنا فعلا كمنتخبين بمقاطعة أحد لقاءات الوالي، وقد كان الدافع وراء ذلك هو إقدام هذا الأخير على إقصاء المنتخبين من مجموعة من اللقاءات، خاصة اللقاء الذي استدعي له مدير وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، واستمر اللقاء على مدى يومين ولم يكلف الوالي نفسه عناء استدعاء المنتخبين، علما أن الوكالة هي شريك أساسي للهيئات المنتخبة، وعندما استفسرنا مدير الوكالة عن عدم استدعاء المنتخبين أجاب بالحرف الواحد « أنا لست هو والي جهة كلميم» وألقى باللائمة على الوالي باعتباره المكلف بمهمة استدعاء المنتخبين.
– إذن إقصاؤكم من هذا اللقاء كان بالنسبة لكم رسالة سلبية من الوالي؟
بالإضافة إلى خطأ برتوكولي تمت فيه إهانة إحدى الشخصيات البارزة بالمنطقة، وقام المنتخبون باحتواء الأمر الذي كاد أن يتطور إلى فتنة قبلية.
– هلا وضحتم لنا بعض من التفاصيل حول هذه الحادثة؟
رجاء.. أعفني من الجواب عن هذا السؤال.
– هل ما تفضلتم به كاف ليدفع علاقتكم بالوالي إلى هذا النوع من التشنج والقطيعة؟
ما أوردته من وقائع يعتبر من أبسط ما وقع، وأجدد التأكيد على أن الوالي لم يؤمن بالتغيير الديمقراطي الذي عرفته البلاد. والوالي يريد أن يسير لوحده، وأن يفعل ما يحلو له ولا يؤمن بأن للمجالس المنتخبة دور ينظمه القانون ويرعاه الدستور.
كلامكم لحد اللحظة غير واضح ولم تقدموا مبررات قوية لهذا الصراع القائم بينكم وبين الوالي؟
– هل لديكم سؤال أكثر دقة في الموضوع؟
نعم نود أن تكشفوا لنا عن مؤشرات حقيقية تبرر صراعكم المحتدم مع الوالي وأن يفهم الرأي العام ما الذي يحدث حقيقية في علاقتكم بالوالي؟
هناك بعض القرارات الصادرة عن المجالس المنتخبة وتتطلب أن يعمل الوالي كممثل لسلطة الوصاية على تنفيذها، إلا أنه لم يفعل سلطاته في الأمر، خاصة ما تعلق ببعض الجماعات القروية.
– ما هي القرارات التي اتخذتموها وتمت عرقلتها من طرف الوالي أو لم يعمل الوالي على تنفيذها؟
بل أود أن أسألك ما هي القرارات التي اتخذها الوالي ولم يوافق عليها؟ أو لم ينفذها رئيس المجلس البلدي لكلميم؟ في الواقع الوالي لم يقم بأي شيئ ولم يبادر إلى فعل أي شيئ يمكن أن يكون موضوع خلاف أصلا.
– بحسب التصريحات التي أدلى بها الوالي أخيرا ربما يختلف معكم في طريقة تدبير الأمور؟
القضية ليست قضية عبد الوهاب والسيد العضمي، بل الأمر يتعلق بمؤسستين وهناك ضوابط قانونية، فإذا كان لمؤسسة الوالي أي اعتراض أو ملاحظة على تدبير بعض الأمور فما عليه إلا أن يفعل صلاحياته وأن يراسل المجلس البلدي، وأتحدى السيد الوالي أن يدلي ولو برسالة واحدة قد يكون وجهها للمجلس يعرب فيها عن رفضه أو تسجيله لتحفظ أو ملاحظة على أي من القرارات الصادرة عن المجلس البلدي.
– سبق وأن تم الإعلان عن كون وزارة الداخلية قد فتحت تحقيقا في أسباب الخلاف بينكم وبين الوالي ما هي ملابسات هذا التحقيق؟
هذا السؤال من المفروض أن يطرح على وزير الداخلية.
– هل تمت مراسلتكم أو أخذ رأيكم من طرف أي جهة بوزارة الداخلية؟
لم نتوصل بأي رسالة في الموضوع وعلاقتنا بوزارة الداخلية ومختلف مصالحها علاقة طيبة ويسودها الاحترام المتبادل والتعاون.
– وفي أي سياق طرح موضوع خلافكم مع الوالي بالمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟
لقد طلب مني الإخوة في المكتب السياسي للحزب أن أشرح لهم حيثيات هذا الموضوع، كما حرمت عليهم أن يتدخلوا لأن الأمر لم يكن سياسيا، حيث كان الخلاف مؤسساتيا وفضلت أن يبقى الأمر على هذه الصيغة، ولم أكن أرغب في أن يدخل حزب الاتحاد الاشتراكي على الخط.
– ولكن بماذا يمكن أن نفسر تصريح الكاتب الأول للحزب على هامش اللقاء ذاته بأنه سيتدارس الأمر مع وزير الداخلية؟
أولا الكاتب الأول له الحق في اتخاذ المبادرة التي يراها مناسبة في إطار تدبيره للحزب، وأؤكد لك أنه لم يتم أي تدخل في هذا الأمر لدى وزير الداخلية، وبقي الأمر داخليا ولم يسبق لأي أحد أن تدخل في هذا الموضوع.
– وماذا يعني خروج بديعة الراضي بمقال تنتقد فيه الوالي العضمي بعنوان « الدعوة إلى الانفصال في دفتر والي كلميم «؟
لقد تحدثت بديعة الراضي ككاتبة وما صرحت به في حق الوالي العضمي مجرد وجهة نظر تخصها والناطق الرسمي باسم الحزب هو كاتبه الأول، وهو الذي من شأنه أن يعبر عن المواقف الرسمية للحزب.
– ما رأيكم في بعض المواقع التي تجندت من أجل النيابة عنكم في توجيه النقد للوالي وأخرى تجندت لتوجيه النقد لكم بأسلوب مغرق في التحامل سواء عليكم أو على الوالي؟
لا يمكن للمغرب أن يتقدم ما لم يتم احترام حرية التعبير.
– من التفسيرات التي يتم تداولها لأسباب الخلاف بينكم وبين الوالي هي أن هذا الأخير رفض الخضوع لطريقة التدبير نفسها التي درج عليها الولاة السابقون مع المجلس البلدي لكلميم؟
الولاة السابقون كانت لهم تجارب مهمة في تدبير الشأن العام، ومن بينهم من تجاوزت تجربته أزيد من 25 سنة، فضلا عن تكوينهم المهني كمهندسين أو محامين وكرجال سلطة مثلوا المغرب خارج أرض الوطن، ولا يمكن القول بأنه تم إخضاعهم لضغوط وأساليب، فما هي إذن هذه الضغوط وهذه الأساليب التي يجب تحديدها ويجب أن لا تبقى الأمور غامضة.
– وما معنى قول الوالي في تصريح سابق ل»المساء» بأن مدينة كلميم يسيطر عليها أخطبوط بأذرع إعلامية؟
هذا كلام يخصه ويجب أن يطرح عليه السؤال حول من يقصد بهذا الكلام
لكن التصريح بمثابة اتهام لكم شخصيا؟
(يجب بانفعال) شغلو ..هداك، ولكنه لم يذكرني بالاسم ولم يوجه لي أي اتهام بشكل شخصي، ولا إلى المؤسسة التي أمثلها ولو فعل ذلك فسأكون له بالمرصاد.
– ولكن ما الذي يدفع شخصا برتبة والي على جهة أن يتحدث بهذه اللغة وأن يقول بأن هناك أخطبوطا يحكم مدينة كلميم؟
كل شخص يجب أن يتحمل مسؤولية تصريحاته ويعلم أن الرأي العام الوطني وحتى الدولي يتابع هذا الكلام. والحالة هذه فإن الوالي لا يجب أن يكتفي بالتصريح، بل وجب عليه أن يفعل القانون في حق من يوجه إليهم الاتهامات، فإذا كان الوالي يعلم بمخالفات وقعت ولم يبلغ عنها فهذه « مصيبة كحلة» وإذا لم يفعل القانون فهذا يشكل خطرا، وإذا لم يفعل فيجب أن يحاسب هو شخصيا بتهمة التقصير إذا بلغ إلى علمه وقوع جرائم ومخالفات ولم يفعل المساطر القانونية الجاري بها العمل.
– هل ستبقى مدينة كلميم مرتهنة بهذا الصراع إلى أن يتم انتخاب رئيس جديد للمجلس البلدي أو أن يتم تعيين والي جديد على الجهة؟
بالنسبة لنا على مستوى المجلس البلدي فإننا رغم كل ما قيل فإننا مستمرون في عملنا، أما الأوراش التي تشرف عليها الولاية فإنها متوقفة، وما تعلق باختصاصات وزارة الداخلية فإنها تقوم بدورها على الوجه الأكمل بما فيه صالح السكان.
– خلال النقاش الذي صاحب خلافكم مع الوالي ظهر عنصر القبلية كأحد أسباب الصراع ما تعليقكم على هذا المعطى؟
آيت بعمران التي أتحدر منها قبيلة صحراوية متجدرة في الصحراء المغربية، وما يتم تداوله بأن المتحدرين من هذه القبيلة يسيطرون على أغلبية المجالس بالإقليم في مقابل تهميش باقي أبناء القبائل الأخرى هذا كلام غير صحيح، وأنا أترأس مجلس بلدية كلميم ليس بصفتي باعمرانيا وإنما كمواطن مغربي وأعتز بانتمائي لهذه المدينة التي قضيت بها زمنا طويلا.
– فما مبرر إثارة موضوع القبلية إذن؟
موضوع إثارة القبلية حديث جدا بحيث ظهر خلال الشهور الأخيرة من سنة 2014، ولتتحمل الجهات التي أثارت هذه النعرات القبلية مسؤوليتها، فهذه بوادر فتنة خطيرة وفي المجلس البلدي لم نشعر يوما بهذا النفس القبلي، بل شهد المجلس على مدى الولايتين اللتين تشرفت برئاسة المجلس خلالهما توازنا بين أبناء القبائل كلها، ولم يكن موضوع القبلية يثار بهذا الشكل الذي يؤسس للفتنة بين أبناء القبائل الصحراوية.
* رئيس بلدية كلميم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.