سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الملك يعطي الانطلاقة لأكبر مشروع لتهيئة مدن وبلدات الجنوب الشرقي الساكنة تطالب بفتح تحقيق لكشف المسؤولين عن انتشار «البناء العشوائي» وتدعو إلى فتح ملفات الاتجار في أراضي الجموع
تشن السلطات المحلية بإقليم تنغير، منذ ما يقرب من أسبوع، حملة على ما تسميه ب«البناء العشوائي» المنتشر في عدد من الدواوير التابعة للنفوذ الترابي للبلدية. ويقود هذه الحملة منتخبون ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، وهو الحزب الذي يتولى رئاسة هذه البلدية خلفا لحزب الاتحاد الدستوري. ويدافع حزب الإسلاميين عن هذه الحملة التي أغضبت عددا كبيرا من السكان الذين تعرضت بناياتهم للهدم، معتبرين أن هذا الإجراء يرمي إلى تقنين عمليات البناء في مناطق محسوبة على مركز المدينة، وإنقاذها من تفشي «البناء العشوائي» غير المنضبط لتصاميم التهيئة. وأعادت عمليات الهدم ملف أراضي الجموع إلى الواجهة بهذه المدينة, التي تتبع أغلب أراضي الدواوير المحيطة بالمركز للجماعات السلالية. وعمدت بعض القبائل، في الآونة الأخيرة، إلى تقسيم ما تبقى لها من أراض على ذوي الحقوق، خوفا من أن يتم «الاستحواذ» عليها من قبل السلطات العمومية. ولا زالت بعض القبائل الأخرى تحاول التوصل إلى «توافقات» بين «أعيانها» لحل مشكل هذه الأراضي. فيما تفجر النزاع في بعض القبائل الأخرى بين ذوي الحقوق ومجالس الوصاية بها. وتتهم هذه المجالس, التي تضم مسنين أغلبهم دون مستوى معرفي ب«الاتجار» في أراضي هذه القبائل، وذلك عبر عقد «تحالفات» غامضة بينها وبين مسؤولين من السلطات الإدارية. وعادة ما يتولى بعض «الشيوخ» لعب أدوار الوساطة بين الطرفين. وأدت هذه «التحالفات» إلى إجراء عمليات «بيع» واسعة النطاق في أجزاء كبيرة من أراضي هذه القبائل. ولم يسبق لأي تحقيق أن فتح حول الموضوع. ويقول سكان المنطقة إنهم متأكدون من أن مباشرة أي تحقيقات في الملف من شأنه أن يجر عددا كبيرا من أعوان وأعيان ورجال سلطة إلى القضاء بتهم تتعلق بالاتجار في أراضي الجماعات السلالية، وما يتبعه من تشجيع للبناء العشوائي وغض الطرف عنه من قبل المسؤولين. وساهمت هذه العمليات في ظهور طبقة جديدة من «الأغنياء» بالمنطقة، راكمت جل ثرواتها، عبر عقود من الزمن، من مداخيل البيوعات. ولم تفد عشرات الشكايات المتواصلة لذوي الحقوق في عدد من الدواوير في وقف هذا «النزيف». كما لم تفد تحركات معارضة من قبل عدد من أطر هذه القبائل في الإطاحة بمجالس المسنين. ويتحدث هؤلاء، بمرارة، عن وجود قوى نافذة من السلطات الإدارية المحلية تتحرك لحماية هذه المجالس، مضيفين أن هذه الحماية ترمي إلى الحفاظ على مصالح بعض المسؤولين، عبر ضمان استمرار «اقتصاد الريع» الذي يشكله الاتجار في هذه الأراضي. وساهم هذا الوضع في تفشي البناء العشوائي بالمنطقة. وبدأت السلطات المحلية بمدينة تنغير حملتها ضد «البناء العشوائي»، والتي «رقيت» إلى عمالة في التقسيم الإداري الجديد، أياما قليلة قبل بدء الملك محمد السادس زيارة رسمية يقوم بها إلى مناطق الجنوب الشرقي للمملكة لإعطاء دفعة للمشاريع التنموية بها. واطلع الملك محمد السادس، يوم الثلاثاء الماضي بالرشيدية، على برنامج جديد للتأهيل المجالي لإقليم الرشيدية وبعض الجماعات التابعة لإقليمي ميدلت وتنغير, والذي سيتم إنجازه خلال الفترة ما بين 2009 و2011 بغلاف مالي إجمالي يبلغ 193 مليون درهم. ويتوزع هذا البرنامج على ثلاثة محاور، يهم الأول قطاع الإسكان, ويشمل إعادة هيكلة تسعة عشر حيا لفائدة ساكنة تقدر ب80 ألف نسمة، وترميم ستة «قصور» لفائدة 13 ألفا وخمسمائة نسمة، بكلفة إجمالية تبلغ 171 مليون درهم. ويهم المحور الثاني، قطاع التعمير، حيث يتضمن إعداد 33 وثيقة تعمير تنظيمية جديدة، وإعداد خمس دراسات عامة بكلفة مالية تناهز 15 مليون درهم، فيما يتعلق المحور الثالث بقطاع التنمية المجالية، ويتضمن مواصلة إنجاز برنامج التنمية المجالية المستدامة لواحات تافيلالت ودعم تنسيق التقائية السياسات العمومية الخاصة بالمجال الواحي، والمحافظة على الأنظمة الاستغلالية الملائمة وإعادة تأهيل الأنظمة الواحية، بغلاف مالي يصل إلى سبعة ملايين درهم. كما قدمت للملك شروحات حول مشروع تأهيل أحياء ناقصة التجهيز بمدينتي الرشيدية وأرفود والجماعة القروية الخنك، والذي رصدت له اعتمادات مالية بقيمة ستة وأربعين مليونا وخمسمائة ألف درهم. وتتوزع التركيبة المالية للمشروع ما بين تخصيص غلاف مالي بقيمة 18 مليون درهم للرشيدية، واثنين وعشرين مليونا وخمسمائة ألف درهم لأرفود وستة ملايين درهم للخنك. ويهم المشروع، الذي تستفيد منه ساكنة تقدر بنحو 37 ألف نسمة تعبيد الطرق وتبليط الأزقة والممرات وتبليط الساحات العمومية وإحداث مساحات خضراء. وإلى جانب ذلك، اطلع الملك على معطيات متعلقة بالشطر الثاني من برنامج ترميم 17 قصرا بإقليم الرشيدية. ويهم هذا الشطر ترميم ستة قصور، يقطنها 13500 نسمة، بغلاف مالي يناهر 49 مليون درهم. ويتضمن هذا الشطر، الذي تستمر أشغال إنجازه من أكتوبر الجاري إلى دجنبر2011 ترميم واجهات وأبراج القصور وتبليط الأزقة وإعادة تبليط جدران القصور. كما يشمل المشروع، الذي ستتولى وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية تمويل أشغال إنجازه, تقوية أسس الجدران وتدعيم الأسقف المهددة بالانهيار. وشمل الشطر الأول من البرنامج، ترميم أحد عشر قصرا لفائدة 12500 نسمة، بغلاف مالي بلغ خمسين مليون درهم. وقدمت للملك شروحات بخصوص برنامج جديد للتأهيل الحضري لمدينة الريش، والذي سيتم إنجازه بغلاف مالي يبلغ 17 مليون درهم. ويهدف البرنامج الجديد، الذي ستستفيد منه ساكنة تقدر بنحو 5500 نسمة، وطبقا للمعطيات الرسمية المتوفرة، إلى تحسين فضاءات المدينة وتأهيل المرافق العمومية وتنظيم المجال الحضري وتقوية جاذبية النسيج الحضري. ويشمل البرنامج إعداد تصميم التهيئة لمدينة الريش وإعادة هيكلة الأحياء ناقصة التجهيز (تعبيد الطرق وتبليط الأزقة والممرات وتبليط الساحات العمومية وإحداث مساحات خضراء وإنجاز شبكة التطهير)، وتهيئة الساحات العمومية والفضاءات الخضراء وتهيئة المحاور الرئيسية. ويساهم في تمويل أشغال هذا البرنامج، الذي سيتم إنجازه خلال الفترة ما بين 2010 و2011 كل من وزارة الداخلية بخمسة ملايين ومائة ألف درهم، ووزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية بثمانية ملايين وثمانمائة ألف رهم ومجلس جهة مكناس تافيلالت بمليوني درهم والجماعة الحضرية للريش بمليون ومائة ألف درهم. وتقول السلطات العمومية إن هذه البرامج التي اطلع عليها الملك ترمي إلى مواجهة الإشكاليات العمرانية بعدد من مدن الجنوب الشرقي وبلداته، وهي المناطق التي تعرف بكثافة الأحياء ناقصة التجهيز وغياب نماذج محلية للسكن. وتراهن السلطات على مثل هذه المشاريع كذلك لرد الاعتبار ل»القصور» التي تشكل إحدى أبرز الخصوصيات العمرانية بالمنطقة، في وقت تواجه فيه هذه «القصور» الإهمال وأغلبها مهدد بالانهيار بعدما هجرتها الساكنة لتشييد بناياتها بالإسمنت المسلح بعيدا عنها وتحولت إلى «أطلال» في حلة «مآثر» تاريخية يزورها السياح.