توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    الإدارة السورية الجديدة تُعلن أحمد الشرع رئيساً للبلاد    مجلة الشرطة تسلط الضوء في عددها الجديد على الشرطة السينوتقنية (فيديو)    بسبب سوء الأحوال الجوية.. وزارة التجهيز تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    رسمياً..أحمد الشرع رئيسًا لسوريا    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق من سوء الأحوال الجوية على خلفية نزول أمطار رعدية قوية    طنجة: تساقطات مطرية غزيرة وسيول جارفة تغرق عددا من الأحياء الشعبية (فيديو)    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    محكمة الاستئناف بطنجة: البت في 328.704 قضية خلال سنة 2024    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    نادي "غلطة سراي" يودع زياش    الحموشي يجري سلسلة اجتماعات بمدريد لتوسيع مجالات التعاون الأمني مع إسبانيا وألمانيا    أخنوش يذكر بالولوج العادل للأدوية    بلجيكا تؤكد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لقضية الصحراء.. توجه أوروبي متزايد لدعم السيادة المغربية    أونسا يؤكد إخضاع مشروبات "كوكا كولا" لمراقبة صارمة    الشبكة الكهربائية.. استثمار يفوق 27 مليار درهم خلال السنوات الخمس المقبلة    قيادة حزب الاستقلال تدعم سعي نزار بركة إلى رئاسة الحكومة المقبلة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تستفيد من استثمارات استراتيجية ضمن 17,3 مليار درهم صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمارات    معهد التاريخ يبرز عالمية المغرب    حصيلة أداء اليوم ببورصة البيضاء    رسميا.. الوداد يعزز صفوفه بضم مالسا    جائزة عبد الله كنون تكرّم الإبداع الفكري في دورتها الثانية عشرة حول "اللغة العربية وتحديات العولمة"    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    انهيار الطريق بين الحسيمة والجبهة..اتخاذ عدة إجراءات لضمان استمرار حركة السير    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    حزب "النهج" يستنكر التعسف في هدم المنازل بالأحياء المهمشة    إفران تطمح إلى الحصول على العلامة الدولية لمدينة نظيفة 100 في المائة    طقس المغرب: رياح قوية وأمطار رعدية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة يطلق منصة رقمية لتعزيز الشفافية في دعم الجمعيات والتعاونيات    ساعة نهاية العالم تقترب أكثر من منتصف الليل.. 89 ثانية تفصلنا عن الكارثة    الريان يعلن إنهاء التعاقد مع المغربي أشرف بن شرقي    تقرير: 66% من أسئلة النواب دون جواب حكومي والبرلمانيات أكثر نشاطا من زملائهن    ترامب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    ليفاندوفسكي:" أرغب في إثبات أن العمر مجرد رقم"    دلالات ‬الموقف ‬المغربي ‬المتزن ‬و ‬المتفرد ‬من ‬رؤية ‬الرئيس ‬ترامب    توقيف مروج للبوفا مبحوث عنه بموجب مذكرات بحث وطنية    توقيف شخص بتهمة التخطيط لقتل وزير في الولايات المتحدة    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    نجم كرة القدم الإسباني المعجزة لامين يامال إشترى لجدته وأمه وأبيه ثلاثة منازل في عمره 16 سنة    إجلاء 176 شخصًا بعد اندلاع النيران في طائرة بكوريا الجنوبية    التعاونيات كقوة دافعة للتنمية: نحو نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا    "كاف" يقرر رفع عدد المنتخبات المشاركة في "كان" تحت 17 سنة المقرر في المغرب إلى 16 منتخبا    الرجاء الرياضي يفك ارتباطه رسميا بالمدافع ياسر بالدي خلال فترة الإنتقالات الشتوية الحالية.    المغرب يتصدر قائمة الوجهات السياحية الموصى بها لعام 2025 من قبل كبار منظمي الرحلات البرازيليين    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون متعلق بنظام الضمان الاجتماعي    الذهب يصل إلى هذا المستوى    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    عائلة الشاب حسني والشاب عقيل تمنع حفلهما بالمغرب    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاصيل الكاملة لقضية اغتصاب الخادمة التي جرّت رئيسي جماعتين ووالدهما وراء القضبان
القضية تورط فيها عدلان وطبيب والمحكمة أدانت المتهمين ب40 سنة سجنا
نشر في المساء يوم 02 - 03 - 2015

أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، الأسبوع المنصرم، أحكامها في أشهر قضية اغتصاب، كانت جريدة «المساء» سباقة إلى كشف خيوطها وانفردت بإثارة تفاصيلها الأولى، التي هزت مشاعر الرأي العام بجهة الغرب الشراردة بني احسن، حينما قررت لبنى احميمن، الخادمة الضحية، كسر حاجز الخوف، وفضح ما تعرضت له من اعتداءات جسدية وجنسية، خلال لقائها بالجريدة بمدينة القنيطرة، على هامش زيارتها لمركز النجدة لمساعدة النساء ضحايا العنف.
بداية القصة
تقول لبنى، بعد أن قبلت فتح قلبها ل«المساء»، والبوح بما يخالجها من آلام ومآسي، «اشتغلت، تحت وخز الفاقة والحاجة، كخادمة عند أحد أعيان الدوار الذي أقطنه، لأعيل أسرتي الفقيرة، كنت حينها حريصة على أن أنال رضا أهل البيت، سيما أن صاحبه كان فقيها وإماما لمسجد المنطقة، ولم أكن أتصور أبدا أن ألقى منه هذا الجزاء».
سكتت الفتاة برهة، ثم واصلت حديثها، «في إحدى ليالي أكتوبر من عام 2008، كنت غارقة في نوم عميق بعد يوم عمل مضن، قبل أن أتفاجأ بغريب يقتحم علي غرفتي، حاولت إنارة المكان، لكن يدا خشنة أمسكت بي، ومنعتني من تبديد الظلام، إذ ذاك أدركت أنه مشغلي الحاج، لم أفهم في بداية الأمر سر مجيئه إلي في هذا الوقت المتأخر من الليل، حاولت معرفة الجواب، لكنه سرعان ما انقض علي، وشرع في نزع ملابسي بالقوة، ورغم صرخاتي وتوسلاتي وبكائي الشديد، فإنه لم يأبه لذلك، ووضع يده على فمي لإجباري على السكوت، وواصل إشباع غريزته بكل عنف، قبل أن ينصرف إلى حال سبيله، بعدما افتض بكارتي، واعدا إياي بالزواج، رغم رفضي له، لطمس معالم جريمته».الاحتجاز لمنع تسرب خبر الاغتصاب
أصيبت الخادمة بصدمة شديدة جراء هذا الاعتداء، وتملكها خوف شديد من ما تحمله لها الأيام القادمة، كانت تنتظر فرصة مغادرة منزل مشغلها لتبوح لأسرتها بما وقع لها، لكن المتهم صد جميع الأبواب في وجهها، وظل يترصد تحركاتها، ولم يتركها لحظة تغيب عن مراقبته، في وضع أشبه بالاحتجاز أو الاعتقال، قبل أن يعاود فعلته، حسب ما جاء على لسانها، يبتغي مضاجعتها، فكان له ما أراد، مستعملا الأساليب الوحشية نفسها، والتي وصلت إلى حد التهديد بالقتل. وكان هذا الاعتداء الجنسي الأخير من نوعه، بعدما شاع الخبر بين أبنائه، اثنان منهم يوجدان على رأس مجلسين جماعيين، وشرع بطن الخادمة في الانتفاخ، رغم أنها لم تنتبه هي نفسها لهذا الأمر، لصغر سنها، وجهلها التام بأعراض الحمل وعلاماته.
تحكي لبنى، وهي تحمل بين يديها طفلتها التي لم تطفئ بعد شمعة الثمانية أشهر من عمرها، «كانت البداية، ترحيلي إلى مدينة الدار البيضاء، للاستقرار لدى سيدة هناك، ومحاولة تزويجي لشخص أجهله بالمرة، لكنني رفضت رفضا قاطعا، فظللت أعيش مجبرة على هذا المنفى، حيث كانت هناك محاولات عديدة لإجهاضي عبر تعنيفي، وضربي بالقوة على مستوى البطن، وسبي وشتمي، ومع ذلك بقيت صامدة في وجه مخططاتهم، وما هي إلا أيام، حتى تم إرجاعي إلى مدينة جرف الملحة إقليم سيدي قاسم، بعدما علم أبي بخبر اغتصابي واختطافي، حيث أشعر وكيل الملك بابتدائية وزان بهذه الواقعة، وقام درك عين دريج بالتحقيق في الموضوع، دون أن يسفر ذلك عن اعتقال الجناة».
عدم اعتقال المتورطين في الأفعال المذكورة أعلاه، تقول الخادمة، فتح الباب على مصراعيه لتكون ضحية جرائم أخرى أكثر بشاعة، بينها احتجازها مجددا بمنزل آخر، وتعرضها للنصب والاحتيال، وفق ما صرحت به، بعد إجبارها، وهي حامل، على وضع بصمتها على عقد زواج، أشرف عدلان على إنجازه في الثانية صباحا من أحد الأيام، دون أن تدري أنها أصبحت في عهدة شاب يعمل بمقهى ابن الحاج المتهم.
بعد مرور أربعة أيام فقط، اشتد بلبنى المخاض، فحملت على سيارة الجماعة إلى مصحة جرف الملحة، ومنها إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم، لكنها وضعت مولودتها قبل الوصول، حيث تم إرجاعها إلى مكان الاحتجاز، وتُنتزع منها رضيعتها، بمبرر مباشرة إجراءات إدخالها في دفتر الحالة المدنية، والحال، تؤكد المشتكية، أن الأمر كان مجرد خدعة، حيث تم بيع طفلتها إلى امرأة أخرى، سبق وأن تم استدعاؤها من طرف الدرك الملكي، وهو ما جعلها تنتفض بقوة، وتخرج عن صمتها، لمقاومة الظلم الذي قالت إنه سلط عليها، وأفقدها حلاوة الحياة والعيش الكريم، فكانت أن طرقت جميع الأبواب، وحررت العديد من الشكايات، لاقت تجاوبا من لدن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومركز النجدة بالقنيطرة، في انتظار أن تنضاف إلى اللائحة هيئات مدنية أخرى لها الاهتمام نفسه.
تأسيس لجنة مشتركة لدعم الخادمة
بعد انتشار خبر الاغتصاب في أوساط الرأي العام الوطني، وتداول مختلف وسائل الإعلام لتفاصيله، بادرت العديد من الهيئات والفعاليات الحقوقية والنسائية إلى تأسيس لجنة مشتركة لدعم ومتابعة ملف الخادمة الضحية، تضم جمعية اتحاد العمل النسائي، ومركز النجدة لمساعدة النساء والأطفال ضحايا العنف، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، جمعية «ماتقيش ولادي»، جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والذين أعلنوا جميعهم، في بلاغ أصدروه بالمناسبة، عن التزامهم المبدئي بالعمل على أن تأخذ هذه القضية مجراها الطبيعي وفق ما يقتضيه ضمان التطبيق السليم للقانون، واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير العملية والقانونية الكفيلة بالدفاع عن الحقوق العادلة والمشروعة للخادمة، موجهين الدعوة إلى كل الهيئات والإطارات المناضلة لدعم ملف الضحية عبر تعزيز لجنة الدعم والمتابعة.
بداية التحقيق في القضية
رغم الشكاية، التي سبق، أن وضعها والد لبنى لدى مصالح الدرك، إلا أن التحقيقات لم تتسم بالجدية المطلوبة، إلا عندما شرعت الهيئات، التي تبنت ملف الضحية، في مراسلة الدوائر المسؤولة، لحثها على اتخاذ المتعين في هذه القضية التي أخذت بعدا دوليا، بعدما تناولت عدة قنوات فضائية أجنبية هذه القصة، وتماطل الجهات المعنية، في البداية، في استدعاء المشتكى بهم. قبل أن يتخذ الملف منحا آخر، بعدما أمر نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، شهر ماي 2010، الضابطة القضائية، بفتح تحقيق بخصوص الشكاية التي تقدمت بها الخادمة لبنى احميمن، ضد مجموعة من الأشخاص تتهمهم بالاغتصاب والاختطاف والاحتجاز والتعنيف وتزوير وثائق عقد الزواج، والاستماع إلى كافة الأطراف، للكشف عن الملابسات الحقيقية لهذا الملف.
المختبر الجيني للدرك يدخل على الخط
دخل المختبر الجيني التابع للقيادة العامة للدرك الملكي في الرباط على خط التحقيق في ملف الخادمة التي تتهم أشخاصا نافذين بإقليم وزان نافذين بالتورط في ما تعرضت له من اعتداءات، حيث، أخضع، خلال الأسبوع الأول من شهر نونبر 2010، كل من الضحية، البالغة من العمر 27 سنة، والقاطنة بدوار «البغال السفلى» جماعة «سيدي بوصبر» وزان، وطفلتها آية، المزدادة بطريقة غير شرعية، وكذا مشغلها الذي تتهمه باغتصابها، إضافة إلى الشاب الذي تقول إنها وجدت نفسها فجأة زوجة له بعد التحايل عليها قصد طمس معالم الجريمة، لإجراءات تحليل الحمض النووي للتأكد من نسب المولودة، والتي كانت نتائجه عنصرا حاسما في تكييف المتابعات بالنسبة لجميع أطراف هذه القضية، بعدما أثبتت نسب المولودة للأب البيولوجي بنسب 99,99 في المائة، والذي لم يكن سوى والد رئيسي الجماعتين الشقيقين.
وضع المتهمين تحت المراقبة القضائية
نظرا لضرورات البحث والتحري، وضمانا لحضور جميع المتهمين أجبرت قاضي التحقيق على إصدار أمر بوضع كل من المشتكى به الرئيسي وابنيه، المتابعين في الملف، تحت المراقبة القضائية لمدة شهرين قابلة للتجديد لضمان حضورهم، وحرمان رئيس جماعة جرف الملحة من مغادرة التراب الوطني، على اعتبار أنه مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية.
اعتقال المشتبه فيهم..
سادت تخوفات كبيرة في أوساط العديد من النشطاء في مختلف الجمعيات الحقوقية والنسائية بخصوص الضغوطات والتدخلات التي يمكن أن تنزل بكل ثقلها في الملف الذي بات يعرف بقضية الخادمة لبنى احميمن، خاصة بعدما قرر قاضي التحقيق باستئنافية القنيطرة، عند انتهائه من الاستنطاق الابتدائي، فبراير 2011، إيقاف جميع المتهمين ووضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالقنيطرة، ويتعلق الأمر برئيسي الجماعتين الشقيقين «ع ع ص» و»ع إ ص»، والعضوين في حزب التقدم والاشتراكية، وكذا والدهما «ع ك ص»، إضافة إلى شخص رابع يدعى «ع إ س»، الذي كان يعمل نادلا بمقهى يملكها باقي المتهمين، والمعروف في هذه القضية باسم الزوج الوهمي.
محاولة اختطاف فاشلة للضحية
بعد اعتقال الأظناء، قالت الضحية، إنها تعرضت لعملية اختطاف فاشلة، واتهمت في هذا الإطار، مقربيْن من عائلة المشتبه فيهم، بعدما حل أحدهما بمنزلها للضغط عليها لمرافقته إلى مدينة جرف الملحة، وإرغامها على التراجع عن أقوالها وتصريحاتها، التي سبق وأن أدلت بها سواء أمام الضابطة القضائية خلال مرحلة البحث التمهيدي، أو أمام قاضي التحقيق في إطار الاستنطاق الابتدائي.
وأضافت الخادمة، أن رجال الدرك الملكي، تدخلوا في الوقت المناسب، وأفشلوا مخطط اختطافها، فيما لاذ من يقفون وراء هذه العملية بالفرار إلى وجهة مجهولة، مشيرة، إلى أنها حررت آنذاك شكاية في الموضوع، حيث استمع المحققون لإفاداتها في محاضر رسمية.
ودفعت هذه المستجدات الخطيرة، ممثلي العديد من الجمعيات الحقوقية إلى عقد لقاء طارئ مع نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في القنيطرة، كما أجروا اجتماعا مع القاضي المكلف بالتحقيق في ملابسات هذه القضية، هذا الأخير، أكد للحقوقيين أنه سيتعامل مع الملف وفق ما ينص عليه القانون، وأن القضاء مستقل، ولا يمكن لأي أحد كيفما كان نوعه أن يؤثر على مساره القانوني.
المحامية نزهة العلوي، مديرة مركز النجدة لمساعدة النساء ضحايا العنف، وصفت محاولة الاختطاف هذه، بالسلوك الشنيع الشبيه بالممارسات التي تقوم بها العصابات الإجرامية، ودعت كل من المجتمع المدني والعدالة إلى ضرورة التحرك العاجل لإيقاف المتورطين، وصد محاولات باقي الجهات التي تسعى نحو الضغط للتأثير على القضاء، وقالت، إن الملف، سيعرف تطورات أخطر، إذا وقع التمادي في نهج مثل هذه الأساليب غير المشروعة، التي تسيء إلى دولة الحق والقانون، طالما أن هناك من يتحدى سلطة القضاء.
قلق حقوقي بعد الإفراج عن المتهمين
تلقت الحركات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني، خاصة اللجنة السداسية المتبنية لهذا الملف، خبر الإفراج المؤقت عن المتهمين باستياء عميق، خاصة، عندما أحجمت النيابة العامة لدى استئنافية القنيطرة، وهي التي طالما طمأنت الحركات المذكورة بسهرها الشديد على تطبيق القانون في هذا الملف ولا شيء غير القانون، عن استئناف قرار قاضي التحقيق بالغرفة الثانية، بل الأكثر من هذا، حسب مصادر حقوقية، فإنها لم تعد ترى مانعا من تمتيع المتهمين أعلاه بالسراح المؤقت، وهي نفسها التي التمست إيداعهم السجن بعد دراسة معمقة لملف الطفلة الخادمة دامت قرابة الشهرين. وتساءلت نجية أديب، رئيسة جمعية «ما تقيش ولادي»، وسفيرة اتحاد سفراء الطفولة العرب بالمغرب، في تصريح سابق ل»المساء»، عن طبيعة الضمانات التي لم تكن متوفرة عند اتخاذ قرار إيداع المتهمين في السجن لتصبح بعدها بحوالي أسبوعين تقريبا متوفرة، معتبرة، أن مثل هذه القرارات الصادمة التي تمنح السراح لمتهمين بارتكاب أفعال خطيرة تشجع على التمادي في الإجرام. هذا في الوقت الذي وصف فيه خالد كوي، الناشط الحقوقي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قرار منح السراح المؤقت بالمؤشر غير الإيجابي، والذي يؤكد حينها الريبة التي انتابت الحقوقيين من أن يتم الإخلال بشروط المحاكمة العادلة في هذا الملف، سيما، يضيف المتحدث، أن طرفي هذا القضية لا يوجدان في الكفة نفسها، بحكم النفوذ السياسي والمالي الذي يتمتع به أحدهما.
بعد طول انتظار..الشروع في محاكمة المتهمين
بعد الانتهاء من التحقيق في هذه القضية، الذي استمر لفترة طويلة أدخلت اليأس في نفوس جميع المتعاطفين مع الخادمة الضحية وطفلتها آية، تقرر، أخيرا، إحالة جميع المتهمين لمحاكمتهم، في مارس 2014، بعدما ظل الملف يراوح مكانه لما يقارب خمس سنوات قبل أن يجد طريقه إلى قاعة الجلسات للشروع في محاكمة الأظناء، الذين وجه لهم الوكيل العام للملك تهما تتعلق بالاغتصاب الناتج عنه افتضاض والمشاركة في التوصل بغير حق إلى تسلم شهادة عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة والمشاركة في التزوير في محرر رسمي واستغلال النفوذ وتسليم شهادة إدارية لشخص يعلم أنه لا حق له فيها والمشاركة في استعمالها، كل حسب المنسوب إليهم.
استئنافية القنيطرة تصدر أحكامها في الملف
وزعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، 40 سنة سجنا نافذا، على أربعة متهمين، حيث أدانت كلا من عبد العزيز الصادق، رئيس جماعة سيدي بوصبر، وعدلين ونادل بمقهى ب 10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، هذا في الوقت الذي أدين فيه عبد الكريم الصادق، وهو والد رئيس الجماعة، ب 8 سنوات سجنا نافذا، وب 3 أشهر سجنا موقوفة التنفيذ في حق طبيب يعمل بسيدي قاسم، بينما برأت، عبد الإله الصادق، رئيس جماعة جرف الملحة، الملقب ب»الميريكاني»، من التهم الموجه إليه.
شهادة الخادمة الضحية
«الأحكام في مجملها تبدو منصفة إلى حد ما، لكنها لا يمكن بتاتا أن تمحو تلك المعاناة الخطيرة، التي تعرضت لها لما يزيد على 7 سنوات، وإن كنت أطرح أكثر من علامة استفهام حول حكم البراءة الذي استفاد منه ابن الجاني، رئيس جماعة جرف الملحة، الذي أحمله كامل المسؤولية فيما تعرضت له من اعتداءات بعد اغتصابي من طرف والده، ومع ذلك لم تتم متابعته.
أنا الآن أعيش ظروفا جد صعبة رفقة طفلتي الصغيرة، التي لا زالت إلى حد الآن تجهل والدها، أناشد جميع الهيئات والمنظمات الحقوقية والنسائية التي آزرتني في محنتي، وهي مشكورة على كل ذلك، أن تواصل دعم قضيتي إلى آخر رمق، وحتى أسترجع كرامتي أولا، وأن أسجل ابنتي في الحالة المدنية، لأنها بدون وثائق هوية، خاصة وأنها مقلبة على الدراسة.
شهادة المحامي طارق السباعي
الأحكام الصادرة في هذه القضية تستحق الإشادة، وهي تضاهي الحكم الصادر عن القاضي البريطاني «ديفيد بين»، الذي استشهدت به في مرافعتي، الذي حكم على نجل ابنة الملك السعودي الراحل عبد الله، بعد تورطه في حادث راحت ضحيته خادمة، بالسجن مدى الحياة لمدة لا تقل عن 20 عاماً. وقال للأمير، أثناء النطق بالحكم، «من النادر أن يقف أمير في قفص الاتهام بتهمة القتل، لكن، لا أحد في هذا البلد فوق القانون»، فمثل هذه الأحكام هي التي من شأنها أن ترسخ الركائز الأساسية لدولة الحق والقانون، وتؤكد استقلالية جهاز القضاء.
فهنيئا لنا بنموذج الهيئة القضائية التي أنصفت الخادمة لبنى حميمين، ورفضت الانحناء لجبروت المال والنفوذ، رغم أن الملف في بدايته عرف تعثرا لمدة خمس سنوات، بسبب تدخلات ومحاولات لإقبار الملف من طرف جهات نعلمها جيدا، لقد كانوا يعتقدون أنهم قادرون على قهر خادمة وتركيعها والدوس على حقوقها بالحجز والتهديد والترهيب، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها، بفعل يقظة المجتمع المدني وإيمان هيئة الدفاع بعدالة القضية واستقلالية القضاء».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.