أنشئت قناة العيون الجهوية لتكون بمثابة خطوة هامة على طريق انخراط الإعلام الوطني، بفعالية وقوة، في معركة الوحدة الترابية، وعلى كافة المستويات الداخلية والخارجية. ومما لا شك فيه أن حسن أداء هذه القناة لمهامها الإعلامية، الجهوية منها والوطنية –حسب ما أكدت شهادة العديد من المهتمين والمتتبعين لمسار المحطة- يظل رهينا بمدى جرأة خطابها، وبمدى التزام برامجها بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية لساكنة الأقاليم الصحراوية، ومراعاتها للخصائص السياسية والسوسيوثقافية للمنطقة، وبمدى انخراطها في حركة النهوض بالمقومات الجهوية الصحراوية للثقافة الوطنية، لذلك عين «محمد لغظف الداه» مديرا لأول قناة جهوية فوق تراب المملكة، لما يعرف عن الرجل من كفاءة وخبرة، راكمها خلال سنوات طويلة شغل فيها عدة مناصب صحافية، خصوصا على صعيد الصحافة المكتوبة. ورغم ما تعرض له «الداه» من انتقادات واتهامات من طرف أعيان ومنتخبين في المدن الصحراوية، فإنه لم يرضخ لضغوطاتهم. كما أن المدير الجهوي لقناة العيون ورئيس قسم الإنتاج «شرف الدين زين العابدين»، قيل عنه الكثير من طرف بعض الفعاليات المحلية واتهموه بتبذير المال العام وتكديس ثروات من وراء منصبه داخل المنبر الإعلامي الصحراوي كما قيل عن الداة. ومنذ 6 نونبر 2004، يوم افتتاح القناة، يصر القيمون عليها على ما تقدمه من برامج مكتفية بخطها التحريري المتذبذب، ضاربة بذلك عرض الحائط، بكل الانتقادات الموجهة إليها سواء من طرف المختصين في المجال السمعي البصري أو ساكنة المنطقة والمشاهدين الصحراويين خارج أرض المملكة. ورغم وجود طاقم صحافي وتقني شاب من أبناء المنطقة متحمس ونشيط، فإن أنصاف المواهب والكفاءات لا يمكنها ملء فراغ منبر إعلامي وحيد يمثل تقريبا نصف تراب المملكة بجهاته الجنوبية الثلاث. ويضاف إلى لائحة مشاكل القناة الجهوية، الإضراب الذي خاضه 22 عاملا من المتعاقدين مع القناة الذين تم الاستغناء عن خدماتهم بدون سابق إنذار ولا حتى مراعاة الخصاص الذي تعيشه التلفزة الجهوية في ما يخص الموارد البشرية والكفاءات التي يمكنها -حسب ما صرحت مصادر من داخل القناة- أن تحدث فارقا في ما تقدمه القناة لمشاهديها، رغم وجود منافسة إعلامية من طرف قناة البوليساريو، التي يمكن أن تخلق لنفسها مشاهدين داخل وخارج المغرب، إذا لم تتوفر الظروف الملائمة لإنجاح قناة العيون الجهوية، حتى تساير التطورات والمستجدات وعقلية المشاهد، لبلوغ النتيجة التي أنشئت من أجلها القناة ونشر الرسالة الإعلامية الموكلة إليها والتي قد تستقطب من خلالها مشاهدين خصوصا في الجانب الآخر، جنوبالجزائر. وتعود المشاهد الصحراوي على أن تقدم له هذه القناة، مفاجآتها غير السارة من حين إلى آخر، حيث فوجئ المتتبعون لبرامجها خلال شهر رمضان الماضي-على قلتهم- بزيادة في ساعات بث القناة، لتصل مدة بثها إلى سبع ساعات تقريبا، منها نصف ساعة مخصصة لنقل أخبار المساء من استوديوهات البريهي بالعاصمة الرباط، والساعات الست المتبقية مخصصة لبرامج أنتجت خصيصا لشهر رمضان، كبرامج «سباق القوافي» و«الجمل بما حمل» و«حميمة ساحل». «كل هذه البرامج التي تعتمدها القناة عن طريق شركات إنتاج خاصة لم تقدم أي قيمة مضافة للقناة وللمشاهد، في الوقت الذي من المفترض ألا يتم قبولها إلا إذا توفرت هذه البرامج على كل المقومات الفنية والمعايير التقنية لتقديمها للمشاهدين، ارتباطا بالمبالغ المالية الضخمة التي تصرف لهاته الشركات المنتجة، التي تعود ملكية أغلبها إلى أفراد من عائلات موظفين أو مسوؤلين داخل القناة ذاتها. وكان من المفروض أن ينفق هذا المال في مشاريع تعود على ساكنة المنطقة بالخير أو تخصص لتعزيز البنيات التحتية بالأقاليم الصحراوية، بينما كان لبرنامج المسابقات الشعرية «سباق القوافي» الحظ الأوفر من الميزانية المخصصة لإنتاج برامج رمضان، حيث صور البرنامج لمدة ثمانية أيام متتالية، بقصر المؤتمرات بالعيون»، يقول مصدر في التلفزيون. وتبقى نشرة الأخبار المسائية التي تبثها القناة الجهوية، يوميا على الساعة العاشرة والنصف ليلا، هي الوحيدة التي يمكن استثناؤها من بين جميع المواد التلفزية المقدمة على شاشة الجهوية، بفضل مهنية واحترافية المسؤولين عنها رغم قلة العاملين بقسم الأخبار بالقناة، ورغم الخطوط الحمراء المسطرة سلفا لطاقمها التحريري، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها، والتي تعكس عدم رسم صورة حقيقية وشفافة لما يعانيه سكان المناطق الجنوبية، إنْ على مستوى البنيات التحية أو الخدمات المقدمة من طرف مرافق حكومية بمدن الأقاليم الجنوبية. نبيهة – ممثلة أصبح المواطن بالأقاليم الجنوبية يستنكر كل ما تقدمه قناة العيون الجهوية بسبب عدم إشراك الكفاءات المحلية الحقيقية، وتعويضها ببعض الأشخاص الدخلاء على مجال الإعلام المرئي، حيث أصبح همُّ هؤلاء الوحيد هو السعي إلى جني ثروات من وراء إنشائهم شركات خاصة للإنتاج لأقاربهم وأصدقائهم، كما أن المستوى الفني والتقني للمواد المقدمة على شاشة الجهوية، لا يرقى إلى مستوى يمكن للقناة أن تنافس من خلاله أي قناة أخرى، والسبب معروف للجميع، لأن القيمين على القناة يتخبطون في الارتجالية وعدم الكفاءة. منير – طالب قناة العيون الجهوية لفتت انتباه القيمين على الشأن العام المحلي بالجهات الثلاث الجنوبية، إلى بعض المشاكل التي يعانيها سكان مدنهم، من قبيل الفقر والتهميش وخصوصا بالأحياء الجانبية والمنسية، التي كانت تعاني النسيان حتى أصبح المواطنون ينقلون مشاكلهم إلى المسؤولين عبر هذه الواجهة الإعلامية. كما ساهمت القناة في التعريف بالمنطقة الصحراوية وإظهار مؤهلاتها السياحية والاقتصادية. حميد – صحافي على القناة التلفزية الجهوية بالعيون أن تتوقف لحظات تأمل لمراجعة برامجها وفقراتها الإخبارية المقدمة للمشاهدين ومدة البث القصيرة، التي لم تكن تكفي للملايين من المشاهدين الذين يتابعونها، وبدأت هذه النسبة تتراجع نتيجة مجموعة من العوامل السلبية في مقدمتها وجود مقص الرقيب الذي بات يحجب الحقيقة عن المشاهدين والمسؤولين المركزيين، فالوقفات الاحتجاجية التي تعري واقع القطاعات والمؤسسات العمومية والمجالس المنتحبة لا تخضع للتغطية الإعلامية، وإن تحققت، فمقص الرقيب له الكلمة الأخيرة وذلك لغرض في نفس يعقوب.