قدمت، يوم أمس الخميس، مسنة تنتمي إلى «عائلة» ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر أمام وكيل الملك بابتدائية وجدة لتعميق البحث معها حول تهم تتعلق باحتلال ملك الغير واحتقار مقرر قضائي، بعدما رفضت مغادرة «مسكن» وضعته رهن إشارتها السلطات المحلية بعد نكبة الترحيل في سنة 1975. وقبل هذا «التقديم»، فإن هذه المسنة جربت في آخر أيام عمرها الاعتقال وحرر في حقها محضر من قبل عناصر الشرطة القضائية بالدائرة الأمنية رقم 5 بوجدة. وفي حال إرغامها على «احترام القانون»، فإن عربية بنجيار، ذات ال 60 عاما، ستضطر إلى الانضمام إلى «عائلة» المشردين. ولا تتوفر هذه المسنة على أي معيل، سوى ابنة متزوجة عجزت عن استقبالها في بيت الزوجية. وتعتبر حالة عربية بنجيار، التي لا تتقاضى من معاش زوجها المتوفى سوى 100 درهم شهريا وتعاني من مرض القلب، حالة من بين 25 عائلة تواجه، في صمت وبدون سند في الغالب، قرارات إفراغ محلات «وظيفية» أسكنها فيها قرار للوزير الأول آنذاك، أحمد عصمان، بتعليمات من الملك الراحل الحسن الثاني. وتشكل قرارات الإفراغ من المسكن أصعب الكوابيس التي تعانيها جل عائلات ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر. وتقدر أعداد هذه العائلات المطرودة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ب45 ألف عائلة، وزعها الملك الراحل الحسن الثاني على مختلف مناطق المغرب، وشغل معيليها في رتب دنيا في المؤسسات العمومية ووضع رهن إشارتها مساكن في ملكية الدولة، تجنبا لأزمة اجتماعية كان النظام الجزائري في تلك المرحلة يرغب في اختلاقها للمغرب كرد فعل على خطوة المسيرة الخضراء إلى الأقاليم الجنوبية. ويعيش مطرودون من مدينة بوعرفة الحدودية واقعا آخر. فقد قررت السلطات في تلك الفترة إيواءهم في حي «صفيحي» أطلق عليه اسم حي الفتح. وإلى حدود الآن، فإن ما يقرب من 80 عائلة، هي من أغلب سكان الحي، لا يسمح لها بمباشرة أي إصلاح في منازلها، كما لا يرخص لها بإعادة بنائها. وتعاني أغلب هذه المنازل من الهشاشة وبعضها مهدد ب«الانهيار». وعبرت جمعية ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر عن عجزها عن مساندة هؤلاء الضحايا المهددين بالتشرد. وقال محمد الهرواشي، رئيس الجمعية، إنه وجه سيلا من الرسائل إلى مختلف الجهات المعنية في الملف، دون أن يتلقى أي رد. واستنجد، في الأخير، بملتمس أشار إلى أنه وجهه إلى الملك من أجل التدخل لوضع حد لهذه «النكبة الثانية» التي تهدد هؤلاء المغاربة بعدما سبلوا منهم ممتلكاتهم في الجزائر ونهبت أموالهم وتعرض بعضهم للاغتصاب والاعتداء وفصل بعضهم عن أفراد من أسرته، قبل أن يرمي بهم النظام الجزائري في حدود وجدة، وسكنوا لأشهر في مخيمات بهذه المدينة الحدودية، قبل أن يتدبر الملك الراحل الحسن الثاني أمرهم. وإلى جانب مسنة وجدة، فإن مسنة أخرى بسيدي بنور يهددها نفس المصير. فقد بعث مدير الأملاك المخزنية بإقليم الجديدة رسالة إلى رقية عباس يطالبها فيها بأداء 27 مليون سنتيم ثمن تراكمات الكراء الذي حدده في 1400 درهم شهريا وعشرة في المائة زيادة على تكاليف الكراء، حسب رسالته. ولا تتقاضى رقية هي الأخرى من معاش زوجها المتوفى سوى 100 درهم مغربية نهاية كل شهر.