وضعت أحزاب المعارضة داخل البرلمان المغربي، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، من بين أولوياتها خلال الدخول السياسي الحالي طرق الأبواب من أجل المطالبة بالإصلاح الدستوري. وأوضح عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن المرحلة الحالية على ما يبدو تبقى مرحلة الإصلاح الدستوري بدرجة أساسية من أجل وقف نزيف التدهور الذي يعيش على إيقاعه الحقل السياسي. ولا يستبعد حامي الدين أن يقدم حزبه على إطلاق مبادرة جديدة في هذا المجال، إلى جانب المساهمة في إصلاح القضاء. وأشار حامي الدين في تصريح ل«المساء» أنه عمليا يبقى الخطاب الملكي الأخير الذي ألقاه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب مؤطرا للمرحلة القادمة. وإذا كان الدخول السياسي بالنسبة لأي حزب يحدد بحسب الأولويات التي سطرها، فإن مهام رفاق محمد مجاهد داخل الاشتراكي الموحد تتحدد في مواصلة الجهود لتقوية صفوف اليسار. وأكد مجاهد في تصريح ل«المساء» أن من بين الأوليات المسطرة خلال هذا الموسم هي إعادة هيكلة الحقل اليساري على قاعدة تصور واضح وبرنامج مشترك وصيغة تنظيمية متقدمة تجعله يشتغل ويدشن دينامية جديدة في شتى المجالات، بما فيها الدستورية السياسية. كما أن من بين الأولويات المسطرة خلال الدخول السياسي الحالي والمطروحة بكثرة على قوى اليسار هي إعادة هيكلة الحقل الاجتماعي من أجل وقف نزيف غلاء المعيشة والزيادة في الأسعار. وتأتي في مقدمة الأوراش المتعين على قوى اليسار الخوض فيها، حسب أمين عام الحزب الاشتراكي الموحد، مسألة الإصلاحات السياسية والدستورية ومحاربة الفساد بكل أشكاله. يضاف إلى ذلك الاهتمام بالقضايا الاجتماعية بكل تفرعاتها لمواجهة ارتفاع الأسعار والتهميش. وبخصوص كون طبيعة القضايا التي تطرح عند كل دخول سياسي تأتي متكررة ومستنسخة عن طبيعة المواضيع التي تم طرقها في السنوات الماضية، فقد عزا مجاهد ذلك إلى كون المغرب يعيد إنتاج نفس الأوضاع، كما أن المرحلة الحالية مطبوعة بالتراجع إلى الوراء على صعيد مجموعة من القضايا وكأن المغرب عاد إلى مرحلة الستينيات. تصريحات المسؤول الأول عن جهاز المخابرات العسكرية ياسين المنصوري الأخيرة، التي حمل فيها الإسلاميين مسؤولية الحد من وتيرة الإصلاح بالمغرب سترفع هي الأخرى من درجات حرارة الدخول السياسي الحالي، حيث اعتبر حامي الدين عضو الأمانة العامة بحزب العدالة والتنمية أنها جاءت تحت تأثير تنظيرات فؤاد عالي الهمة الذي دخل منذ مدة في مواجهة مفتوحة مع حزب الإسلاميين. تصريحات المنصوري مدير الدراسات والمستندات المعروفة اختصارا ب «لادجيد» أوحت لعمر بندورو أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط بمجموعة من التساؤلات حول ما إذا كانت الدولة بصدد فتح مواجهة مع الإسلاميين المعتدلين بعدما أوشكت معركتها مع الإسلاميين المتطرفين على الانتهاء. وعلى العموم يشير بندورو في تصريح ل«المساء» إلى أن الحقل السياسي بالمغرب يبقى مؤطرا من طرف المؤسسة الملكية التي ترسم للحكومة برامج اشتغالها. كما أن عمل البرلمان يؤطره خطاب الملك الافتتاحي. ويشير بندورو إلى أن جميع الأحزاب ستتجه هذه السنة نحو تكرار أسطوانة إصلاح القضاء التي وردت في الخطاب الملكي الأخير. وبالتالي يبرز بندورو، فإنه لا يمكن الحديث عن دخول سياسي خاص بالمغرب مقارنة مع ما يتم تداوله بالدول الديمقراطية التي تتباين فيها البرامج بين قوى اليسار واليمين.