يبدو أن إقبال المغاربة المقيمين في الخارج على اقتناء سكن بالمغرب فتر في الصيف، مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما يجد تفسيره في تراجع الموجودات المالية لديهم و الغموض الذي يلف قطاع السكن والعقار في ظل الركود الذي يعاني منه، و الذي دفع توفيق احجيرة، وزير الإسكان و التعمير و التنمية المجالية إلى دق ناقوس الخطر مؤخرا. وقد اعتبر مصدر قريب من وزارة الإسكان والتعمير و التنمية المجالية، أن المغاربة المقيمين بالخارج، أبدوا فتورا كبيرا نحو شراء العقار أو السكن خلال الصيف الحالي، بل إنه يؤكد أن منهم من أقدم على بيع العقار الذي اقتناه في السنوات السابقة رغبة منه في الحد من الخسائر المحتملة. وأشار إلى أن اقتناءات المهاجرين في السابق، كانت في أغلبها عبارة عن توظيفات، يسعون من خلالها إلى البحث عن المردودية، غير أن عدم وضوح الآفاق في الظرفية الحالية و شح السيولة لديهم، يدفع بعضهم إلى التفكير في بيع ما اقتناه من عقارات في المغرب. وذهب مصدر من إحدى المحافظات العقارية بالعاصمة الاقتصادية، إلى أن المغاربة المقيمين بالخارج في المجال الترابي الذي يتدخل فيه، خفت إقبالهم على شراء السكن في الصيف الحالي، وهو التوجه الذي ظهرت مؤشراته حتى قبل الأزمة الاقتصادية الحالية التي انعكست سلبا على تحويلات المهاجرين المقيمين بالخارج. وتجلى منذ بداية السنة الجارية تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، و هذا ما تؤكده إحصاءات مكتب الصرف، ففي نهاية يونيو المنصرم، انخفضت تلك التحويلات ب12.5 في المائة، حيث انحدرت إلى 22.4 مليار درهم، مقابل 25.7 مليار درهم في الفترة نفسها من السنة الفارطة، وهو ما يعتبر من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي طالت بلدان الاستقبال ولم يسلم من شظاياها المهاجرون المغاربة، الذين اعتادوا، حسب بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، على توجيه الجزء الأكبر من تحويلاتهم في السنوات السابقة لمساعدة أسرهم و اقتناء السكن. غير أن مصدرا من إحدى المحافظات العقارية بالدارالبيضاء، أشار إلى أن المغاربة المقيمين في الخارج، أصبحوا في السنوات الأخيرة يطلبون قروضا بنكية مستفيدين من العروض التي تقدمها لهم البنوك التي تتنافس في طلب ودهم، حيث يقدمون رهونا على ذلك، إسوة بمواطنيهم في المغرب. يشار إلى أن السلطات العمومية أعلنت في مستهل الصيف الحالي عن مجموعة من الإجراءات لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج، من بينها تلك التي تروم تسهيل حصولهم على السكن، حيث يستفيدون من «ضمان السكن»، حتى يتأتى لهم الشراء أو البناء، فالدولة تلتزم بضمان 50 في المائة من المخاطر المتصلة بالقروض، وذلك على غرار ما خصت به الطبقة الوسطى بالنسبة للسكن الذي لا تتعدى قيمته 800 ألف درهم لمدة 25 عاما. ولا يشذ تراجع إقبال المغاربة المقيمين بالخارج على العقار في المغرب، حسب ما يلاحظه خبير في اقتصاد السكن، عما تمت ملاحظته في المغرب في السنة الحالية من تراجع للرواج في سوق السكن بسبب شح السيولة، وهو ما يؤشر عليه تباطؤ وتيرة توزيع القروض العقارية في يوليوز الماضي، بل إن ارتفاع هذه القروض لم يتعد 82 في المائة في النصف الأول من السنة الجارية، مقابل 222 في المائة في السنة الفارطة. ويشير مصدر قريب من وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، إلى أن المنعشين العقاريين لجؤوا، في ظل تباطؤ الطلب، إلى تخفيض أسعار بيع السكن المتوسط بما بين 20 و30 في المائة، في نفس الوقت لم يعد المنعشون العقاريون يسعون إلى المبالغة في هوامش ربحهم على مستوى السكن الاقتصادي والاجتماعي، بل يعملون على دراستها بشكل دقيق بعيدا عن المستويات التي لوحظت في السنوات الأخيرة. غير أن مصدرا من إحدى المحافظات العقارية بالدارالبيضاء يشير إلى أن أسعار السكن المتوسط في بعض المناطق الواقعة وسط الدارالبيضاء لم تنخفض، حيث تتراوح في المتوسط بين 13 و 14 ألف درهم للمتر المربع، مما يعني في رأيه أن الأمر يتعدى في بعض الأحيان ما يفرضه قانون العرض والطلب. غير أن مصدرا قريبا من وزارة الإسكان يصر على أن فورة الأسعار المرتفعة هدأت في الفترة الأخيرة، حيث انسحب بعض المضاربين الباحثين عن الربح السريع، وبقي في السوق أولئك الذين يعنيهم أمر العقار، وهو ما يستدعي في تصوره أن تعمد السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات تساعد في ضخ شيء من الحيوية في سوق قطاع العقار الذي خصته لجنة اليقظة التي تتبع تداعيات الأزمة الحالية على مختلف القطاعات، بلجنة مهمتها دراسة مختلف الإجراءات التي ستتخذ لفائدة قطاع البناء و السكن.