أوقفت مصالح الدرك الملكي، صبيحة أول أمس، بسيدي إفني 21 مهاجرا سريا إفريقيا ينحدرون من دول الساحل وجنوب الصحراء، بينهم اثنان من المغاربة، انطلقوا جميعا من الشاطئ الأبيض بإقليم كلميم قبل أن يسقطوا ضحية النصب والاحتيال من طرف أحد الأشخاص المتورطين في الهجرة السرية بذات المنطقة، ويوهم الجميع بالوصول إلى النقطة الموعودة. وحسب المعطيات الأولية التي حصلت عليها «المساء» من مصادر مطلعة، فإن الموقوفين الذين ينحدرون من عدة دول إفريقية «غينيا، مالي، التشاد، الكابون، والسينغال...»، وقعوا ضحية الأحلام الراغبة في الوصول إلى الديار الإسبانية، حيث تمكن شخص يعتقد أنه يتزعم شبكة منظمة من إيهام الحالمين بالهجرة طيلة الأربع والعشرين ساعة التي قضوها على سطح مياه المحيط الأطلسي، بتحقيق الحلم المنتظر منذ عدة سنوات، كما تمكن من توظيف جهل المهاجرين بالمسارات البحرية عبر خلق جو من الاطمئنان لديهم وإيهامهم بالوصول إلى النقطة المتفق عليها مقابل مبلغ مالي محترم لكل واحد منهم. وأفادت المصادر بأن مصالح الدرك الملكي بتيزنيتوكلميم بصدد تحرير مذكرة بحث في حق المتورطين في عملية التهجير الجديدة، بعد أن انتهت من تجميع تفاصيل الصور الخاصة بهم بناء على المواصفات التي قدمها الموقوفون، وحصلت على عدد من المعطيات المتعلقة بأماكن تحرك الشبكة المذكورة داخل النفوذ الترابي لجهة كلميمالسمارة، كما بدأت عملية ترحيل الموقوفين إلى المناطق الحدودية مباشرة بعد صدور حكم بالمحكمة الابتدائية لتيزنيت، زوال أول أمس الإثنين, يقضي بمغادرة المعنيين للنفوذ الترابي الوطني. وتعليقا على توقيف هذا العدد من المهاجرين، أوضح عدد من المتتبعين المحليين أن ظاهرة الهجرة السرية، أصبحت ظاهرة مؤرقة للسلطات بمختلف تراب الوطن، خاصة وأن دائرتها بدأت تتسع بشكل مهول في السنوات الأخيرة، وتشمل مختلف الأعمار الحالمة بالجنة الموعودة بالديار الأوربية»، وأضاف المتحدثون بأن «المسار التصاعدي للهجرة غير الشرعية راجع إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بمختلف دول الجنوب، علاوة على ارتفاع معدلات البطالة وتقلص حظوظ الرقي الاجتماعي، وهو ما أدى بالمئات من المهاجرين إلى بذل الجهود المضنية في سبيل الدخول بشكل غير قانوني إلى إسبانيا وغيرها من الدول الأوربية عبر مضيق جبل طارق الذي لا يفصله عن الساحل الشمالي المغربي سوى نحو عشرة كيلومترات، وعبر جزر الكناري القريبة من مدينة سيدي إفني»، وعبر المتحدثون عن تخوفهم من أن تكون الهجرة السرية وسيلة لبعض اللوبيات تسعى من خلالها إلى إغراق المدن الساحلية بمختلف أنواع المخدرات، وسببا في ظهور «مافيات» جديدة تسعى لكسب عطف الأفارقة الذين يغزون الشوارع والممرات بجهة سوس ماسة منذ مطلع السنة الماضية. وارتباطا بالموضوع، أثار ظهور عدد من المتسولين الأفارقة بشوارع وأزقة مدينة تيزنيت، دهشة العديد من السكان الذين لم يألفوا رؤية مثل هذه المشاهد خلال السنوات الفارطة، وهو ما أدى إلى اختلاط المتسولين الأفارقة بالمتسولين المغاربة المقيمين بالمدينة، حيث بدأ العديد منهم يقوم يوميا بزيارات مكثفة للمحلات التجارية والمقاهي قصد الحصول على عمل مؤقت في انتظار جمع ما يكفي من الأموال لترتيب عملية الهجرة السرية نحو الديار الأوربية عبر بوابة جزر الكناري القريبة من سواحل سيدي إفني، وطالب السكان من السلطات الإقليمية تكثيف جهود المراقبة تفاديا لاستغلال بعض المهاجرين في أعمال منافية للقانون والأخلاق العامة. يشار إلى أن ملف المهاجرين الأفارقة يعتبر من أكبر الملفات التي تطرح تحديات مستقبلية وأمنية واقتصادية واجتماعية داخل المغرب وخارجه، خاصة وأن الإحصائيات الرسمية تظهر أن معدل الضبط السنوي للمهاجرين لا يتعدى في أحسن الحالات معدل 3.5% من مجموع المهاجرين الذين ينجحون في الدخول إلى التراب الإسباني، كما يطرح الموضوع تحديات كبيرة على السلطات المحلية والإقليمية والمصالح الأمنية الموازية لها بمختلف مستوياتها، وذلك بالنظر إلى تواجد الآلاف من المهاجرين الأفارقة بالغابات والأحياء الفقيرة بالمدن الساحلية أملا في الحصول على فرصة تمكنهم من الوصول السريع وبأي شكل من الأشكال إلى الديار الأوربية.