على غرار «لاماراساييز» التي يرددها عشاق فرنسا وهم يزورون مدنها الجميلة، أصبحت تركيا تستقبل سياحها العرب الراغبين في استكشاف المدن والآثار التي شاهدوها في مسلسلاتهم التركية المفضلة. خلقت المسلسلات التركية ببطلاتها المتحررات وديكوراتها الساحرة إقبالا غير منقطع النظير للتعرف على هذا البلد القريب من أوروبا والشرق الأوسط. ورغم هذه الانتعاشة، فقد سجلت إحصائيات وزارة السياحة التركية تراجعا طفيفا بسبب الأزمة العالمية مسجلة تراجعا قدره 1 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية، فيما ارتفعت نسبة السياح القادمين من الإمارات بنسبة 21 في المائة ومن المغرب بنسبة 51 في المائة. في ظل النمو المتسارع الذي يشهده قطاع السياحة التركي، تبنت الحكومة التركية استراتيجية جديدة تهدف إلى زيادة عدد السياح الخليجيين القادمين إلى تركيا من 10 في المائة إلى 20 في المائة خلال السنوات القليلة القادمة، بينما يأتي السائح الأوروبي إلى تركيا في إطار مجموعة ويدفع 1000 أو 1200 دولار خلال أسبوع كامل بدون أن يصرف أي مبالغ كبيرة في التسوق. ولم تقتصر هذه الاستراتيجية الجديدة على ذلك فقط بل شملت جوانب أخرى كاستقطاب 30 مليون سائح، وتحقيق نسبة 4.5 في المائة من الدخل القومي سنوياً بحلول 2010. لم يصدق سيم بولاتوغولو أنه في غضون سنة واحدة فقط سترتفع أرقام معاملات وكالة أسفاره «باراكودا» المتخصصة في الأسواق العربية، إذ تضاعفت الحجوزات مرتين وازداد عدد السياح الوافدين. يعتقد مدير هذه الوكالة أن المسلسلات التركية رفعت من نسبة الإقبال على زيارة تركيا، وهو ما دشنه في البداية مسلسل نور، إذ أضحى البطل مهند بابتسامته المميزة وعينيه الزرقاوين أيقونة سحرت المشاهدين العرب. «في السابق كان السياح العرب يزورون المساجد في اسطنبول وحمامات بورسا، أما الآن، فلم يعد أي واحد يرغب في زيارة هذه الأماكن وأضحت المنازل التي شهدت تصوير المسلسلات قبلة لسياح دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا» يقول سيم. وأضافت وكالات الأسفار إلى برنامج زياراتها الفيلا التي عاش فيها مهند ونور في المسلسل، مقابل 28 أورو يدفعها السياح العرب الأثرياء. ويمثل السياح العرب حوالي 5 في المائة من نسبة الإقبال العام الذي تعرفه البلاد، أي بما مجموعه 500 ألف سائح خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام. ويفضل بعض السياح الوصول إلى تركيا عبر خليج البوسفور على ظهر البواخر السياحية، ويتجمعون وهم ينصتون إلى المرشد السياحي الذي يقدم معلومات تاريخية عن القصور العثمانية «دولماباهش» أو «بيليربي» حيث صور مسلسل نور، ليبدأ الجميع في التقاط صور تذكارية أمام القصر. وكشف أيمن مسلماني مدير وكالة «هايسيم» أن صور هذه القصور الأثرية استخدمتها إدارات إنتاج المسلسلات التركية لتظهر سحر اسطنبول وأضفت رونقا خاصا على العلاقات العاطفية بين الممثلين. وأفاد مسلماني أن العرب لم يكونوا يعرفون في الماضي أي شيء عن تركيا، وكانوا يحملون في أذهانهم صورة بلد متخلف مقارنة بالعديد من الدول العربية، لكنهم «عندما يشاهدون مشاهدا من خليج البوسفور، يحسون بالرغبة في السفر لزيارة تركيا، إنها ثورة بكل المقاييس».