نحن المغاربة، متهمون بحب فلسطين، بل بأننا أكثر فلسطينية من الفلسطينيين أنفسهم. ونحن متهمون أيضا بأن أجدادنا حاربوا في صفوف جيش صلاح الدين الأيوبي، وأن أجيالا لاحقة كانت تحرص على «الحج» إلى مدينة القدس فيما كان شباب مغربي يتشوق إلى الدراسة في المعاهد والمدارس الفلسطينية قبل بسط الأخطبوط الصهيوني هيمنته على مدينة السلام.إننا نرحب بهذا الاتهام ونعتز به. لم نيأس أبدا من كون القضية الفلسطينية ستُتَوج بالإنصاف كون العالم لن يترك غصن الزيتون يسقط من يد الفلسطينيين الذين قدموا التضحيات والتنازلات من أجل إيجاد حل عادل ونهائي. لهذه الأسباب كلها قد يفهم العالم وفلسطينيو اليوم صدمتنا بما آلت إليه أوضاع المشهد السياسي في الأراضي المحتلة حيث تبنى بعض الفلسطينيين الخطاب الإسرائيلي فتنابزوا بالألقاب وتبادلوا التهم التي كان يكيلها لهم الموساد والإعلام الصهيوني الاستعماري والعنصري. يبدو المشهد الفلسطيني اليوم مأساويّاً وعبثيا، أما «بعض القادة» الفلسطينيين فهم يتفقون ضمنيا على أنه لم يعد هناك أي مشكل إسرائيلي/ صهيوني/ احتلالي/، كيف ما عجبكم، بل إن بعضهم يعانق ويقبل ويشد على الأيادي الصهيونة التي ذبحت ولازالت تذبح الشعب الفلسطيني في الضفة وفي غزة وفي كل فلسطينالمحتلة، ويتفاوض مع إسرائيل في العلن وفي القدس ويتفاوض مرغما مع الفرقاء الفلسطينيين في السرّ دون التوصل إلى أي نتيجة (وكاين شي فلسطينيين ما باغنش يوصلو لشي حلّ مع خوتهم) اللّهم فسح المجال أمام قيام الدولة اليهودية العنصرية وتجذرها عبر محو هوية فلسطين ومدنها وثقافتها نهائيا، وتكثيف الاستيطان والتخطيط لطرد عرب إسرائيل إلى الدول المجاورة. أجل نحن نحب فلسطين لكن قلبنا ينزف ألما إزاء زمنها الرديء وتراجعها إلى المراتب المتدنية رغم أن حلمنا كان أن تتحول فلسطين إلى مدرسة في الديمقراطية وأن تكون رائدة في مجال الحريات ومنارة لما ينبغي أن يكون عليه هذا العالم العربي المتخلف السَّجين وحكامه الرافضين لأي تقدم أو قفزة نوعية على هذا المستوى. لقد بدأنا نسمع البعض يطالب بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون إسرائيل ومن السجون الفلسطينية، رأينا دماء فلسطينيين تنزف وشهداء يسقطون بفعل رصاص فلسطيني، وتصريحات تقول إن فلسطينيين ماتوا تحت التعذيب على أيدي «إخوة لهم» وهذا ما تريده إسرائيل. إننا كمغاربة نحب فلسطين ونقول للفلسطينيين إن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الحل والمقاومة حق مشروع، حتى قيام الدولة الفلسطينية الحقيقية وعاصمتها القدس الشريف.