كشفت آخر المعطيات التفصيلية، التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط حول التشغيل والبطالة أنه من أصل 10,38 ملايين شخص يشكلون إجمالي السكان النشيطين العاملين برسم سنة 2008، هناك مليون و764 ألف شخص فقط منخرطون في أحد أنظمة التغطية الصحية، أي أن 8 ملايين و616 ألف مغربي في سوق العمل يوجدون خارج أي نظام للتغطية الصحية، أي نسبة 82,9 في المائة، رغم أن الدولة التزمت بتعميم نظام التغطية الصحية على كل أجراء القطاع الخاص. النسبة الهزيلة للعمال المستفيدين من التغطية الصحية، والتي لا تتجاوز 17في المائة على الصعيد الوطني، تتفاوت بشكل كبير بين المدن والبوادي، إذ تنخفض نسبة العمال المحرومين في الوسط القروي من أي تغطية صحية إلى 96,5 في المائة، أي 5 ملايين و118 ألف شخص، في حين تقل النسبة في المدن لتصل إلى 68,4 في المائة، أي أن 3 ملايين و443 عاملا في المناطق الحضرية هم دون أي حماية صحية. هذه الأرقام تستند على نتائج البحث الوطني حول التشغيل الذي يتم إجراؤه بشكل دوري بناء على عينة كبيرة من الأسر تصل إلى 60 ألف أسرة، 20 ألف منها تقطن في الوسط القروي، وتجسد أحد عناصر الضعف في الضمانات الاجتماعية والقانونية التي يتسم بها سوق الشغل في المغرب. وينضاف إلى غياب الرعاية الصحية اشتغال نسبة كبيرة من الأجراء دون عقود عمل أو فقط بتعاقدات شفوية من لدن أرباب الشغل، لا تضمن لهم أي حماية قانونية أو حقوق ثابتة، بحيث إن 3 ملايين و200 ألف أجير من أصل 4 ملايين و483 ألفا يعملون دون عقود أو بتعاقدات شفوية، أي ثلاثة أرباع العاملين النشيطين في المغرب، وهي نسبة عامة تشمل مجموع التراب الوطني، بيد أنه بالنظر إلى المعطيات الخاصة بالوسط القروي وحده يتضح أن أزيد من 88 في المائة من العاملين في ذلك الوسط يشتغلون دون عقود عمل (مليون و61 ألفا من أصل مليون و197 ألفا). جانب آخر يطرح تحديات كبيرة على الاقتصاد الوطني، وهو ضعف نسبة اليد العاملة المؤهلة، فقرابة نصف الساكنة النشيطة في المغرب بدون دبلوم (48,4 في المائة)، كما أن المعطلين من حملة الشهادات الدراسية، بمختلف مستوياتها، هم أكثر عددا من المعطلين الذين لا شهادات في حوزتهم، إذ إن عددهم بالنسبة إلى الصنف الأول وصل إلى 555 ألفا و839 فردا مقابل 344 ألفا و978 فردا بالنسبة إلى الصنف الثاني، وهو ما يشير إلى أن سوق العمل يستوعب غير المؤهلين أكثر من المؤهلين، وهي معضلة تسيء إلى تنافسية الصادرات المغربية، على اعتبار أن اليد العاملة المؤهلة عنصر جوهري في إنتاج مواد مصنعة ذات جودة عالية... ومن المفارقات التي تظهرها إحصائيات مندوبية الحليمي أن النساء أكثر عرضة للبطالة من الرجال في المدن بنسبة 20,3 في المائة مقابل 13 في المائة، والعكس صحيح في البوادي، بحيث تصل النسبة عند الرجال إلى 5,1 في المائة وعند النساء إلى 1,8 في المائة. العلاقات العائلية تهيمن على سوق الشغل تظل العلاقات الأسرية قنطرة أساسية في المغرب للبحث والحصول على فرصة عمل، بحيث إن 40,9 في المائة من المعطلين الذين يبحثون عن عمل يلجؤون إلى آبائهم أو المحيطين بهم، ولا تستعين بوكالات التشغيل إلا نسبة ضئيلة تصل إلى 2,3 في المائة، فيما تبلغ نسبة الاتصال المباشر مع المشغلين 40,9 في المائة، واجتياز المباريات 7,5 في المائة، وتبحث نسبة 6,9 في المائة من العاطلين عن عمل عن طريق إرسال ملفاتها إلى الجهات التي تنشر عروض عمل، ويظل «المُوقف» وسيلة للبحث بالنسبة إلى 1,2 في المائة، أي قرابة 13 ألف شخص.