أثار دخول امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إلى حكومة عباس الفاسي بمنصب وزير دولة، في إطار التعديل الجزئي الذي قام به الملك نهاية الأسبوع، عاصفة داخل حزب السنبلة، حسب تعبير أحد الغاضبين في حزب العنصر. وأشارت مصادر من داخل المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية إلى أن مشكل الحركة الشعبية «ليس هو المشاركة في الحكومة من عدمها، ولكن المشكل الحقيقي لدى الحركيين هو غياب الرغبة لدى الدائرة الضيقة»، التي تضم كلا من الأمين العام امحند العنصر ونائبه محمد الفاضلي، بالإضافة إلى «شيخ» الحركة المحجوبي أحرضان، (غياب الرغبة) لدى هؤلاء للجلوس إلى الطاولة ومناقشة «تداعيات» ما بعد الإعلان عن النتائج الجماعية الأخيرة، تقول تلك المصادر، التي أضافت أن «هناك أصوات عديدة تدعو إلى مراجعة عملية اندماج ثلاثة مكونات في إطار البيت الحركي، الذي أصبح في حاجة أكثر إلى إعادة ترتيب ومراجعة»، خاصة بعد نتائج الانتخابات الجماعية الأخيرة، التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن انصهار الأحزاب الثلاثة، في حزب واحد، بقدر ما جمع شمل مكونات حزبية لها نفس التوجه، بقدر ما كان «عائقا» أمام تحقيق نتائج أحسن على مستوى الانتخابات، مما يدعو إلى فتح مزيد من النقاش من أجل تجاوز سلبيات هذا الاندماج، ومن أجل ألا يؤدي الخلاف الحركي إلى «ما لا تُحمد عقباه»، تصف تلك المصادر. وما لا تُحمد عقباه قد تكون بوادره الأولى «الشروط» التي اقترحها «تيار المشروعية الديمقراطية» داخل الحركة، من أجل إعادة إفراز «مكتب سياسي يحظى بالشرعية القانونية»، كما دعا إلى ذلك أحد متزعمي هذا التيار والعضو بالحزب، عبد الواحد درويش، في أكثر من خرجة إعلامية له مؤخرا. وحسب هذا التيار فإن الحركة قبلت بما نعته بيان صادر عنه ب«الفتات»، عندما قبلت منصبين وزاريين فقط، في الوقت الذي كان سبب عدم مشاركتها في الحكومة المعينة في رمضان سنة 2007، هو «تلكؤها» وعدم قبولها بعدد أكبر من الحقائب وصل إلى خمسة. ويدعو هذا التيار، الذي بدأ إجراء اتصالات مع عدد من أعضاء المكتب السياسي، كما أشارت إلى ذلك مصادر من داخله إلى إعادة هيكلة الحزب، وذلك عبر عقد المجلس الوطني لانتخاب اللجنة المركزية، وإفراز مكتب سياسي يحظى بشرعية قانونية تخوله إصدار القرارات التي تلزم كل الحركيين، بما في ذلك قرار من قبيل المشاركة في الحكومة. ولكن مؤاخذة الأمانة العامة لحزب الحركة الشعبية على انضمامها إلى حكومة عباس الفاسي، «لا يستحق كل هذه الردود الرافضة لخطوة الحركة، ما دام أن كل شيء ممكن في السياسة»، كما نُقل عن العنصر، خلال انعقاد اجتماع المكتب السياسي، لدراسة المقترح القاضي بالالتحاق بحكومة الفاسي، وما دام أن الأمر يتعلق فقط «بتعديل جزئي»، سيليه تعديل آخر شامل يمكن النقاش حوله بخصوص مزيد من الحقائب، كما صرح بذلك العنصر نفسه، في حوار سابق مع «المساء». ويجد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ووزير الدولة المعين في التعديل الحكومي الأخير، امحند العنصر، إلى جانبه من يدعم قرار التحاق الحركيين بالحكومة، ومن هؤلاء العضو في المكتب السياسي، محمد مبدع، الذي ينفي وجود تيار في البيت الحركي في مستوى «الخطورة التي تجعل البعض يردد أن مشاركة الحزب في الحكومة قد تؤدي إلى انشقاق فيها، معتبرا أن الاحتجاج الذي أبداه البعض سواء ضد المشاركة أو ضد الأسماء، لا يفتأ يكون عملا طبيعيا يدخل ضمن السجال الحاصل داخل كل الأحزاب، بل وعلى مستوى الحكومات أيضا، حيث هناك معارضة وأغلبية، فيتم الاحتكام إلى هذه الأخيرة في اتخاذ القرارات. ويضيف مبدع في تصريح ل«المساء»، أن التحاق الحركة الشعبية بالحكومة من خلال منصبي وزير دولة (امحند العنصر)، وكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون (محمد أوزين)، لن يؤثر على الحزب ما دام أن مسألة المشاركة من عدمها قد تمت مناقشتها داخل المكتب السياسي، مشيرا إلى أنه رغم معارضة البعض، فإنه كان هناك شبه إجماع من كافة أعضاء المكتب السياسي. ويلتقي كل من الرافضين والمؤيدين لالتحاق الحركيين بالحكومة الحالية، في ضرورة إقدام الحزب على خطوة في اتجاه اقتراح قانون تعديلي على قانون المالية، يحظى بقبول الحزب، ويؤكد التعديلات التي سبق للحركة الشعبية أن اقترحتها وتم رفضها بالكامل، عندما كانت في صفوف المعارضة، «زخما» إضافيا للمشاركة الحركية في الحكومة، كما يصف ذلك محمد مبدع، وهو نفس ما عبر عنه «تيار المشروعية الديمقراطية»، عندما طالب بدعوة الوزير الأول عباس الفاسي، إلى البرلمان من أجل تقديم تصريح حكومي جديد يأخذ بعين الاعتبار مشاركة الحركة الشعبية في حكومته، ثم بعد ذلك انتظار تقديم قانون المالية لسنة 2010 إلى البرلمان ومناقشته والتصويت عليه إيجابا من طرف الحركيين، وقتها لن تكون الحركة مجرد «عجلة احتياط» للحكومة، كما يحب أن يطلق عليها البعض.