انخفض عدد مناصب الشغل المحدثة في المدن المغربية، خلال الربع الثاني من السنة الجارية، إلى النصف تقريبا مقارنة بالمرحلة نفسها من سنة 2008. فحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، التي أصدرتها مساء أول أمس الاثنين، فإن من بين 232.000 منصب شغل تم إحداثها خلال الربع الثاني من 2009 كان نصيب الوسط الحضري 111.400 منصب مقابل 210.000 منصب كمعدل سنوي سجل خلال الثلاث سنوات الأخيرة، أي أن المدن فقدت قدرتها التشغيلية بقرابة النصف. بالمقابل ضاعفت البوادي قدرتها على إحداث مناصب الشغل خلال الفترة نفسها بشكل صاروخي، فقد أحدثت 120.300 منصب جديد مقابل 5.000 منصب في المعدل خلال السنوات الثلاث الماضية، ويعزى ذلك أساسا إلى الأداء الجيد لنشاط القطاع الفلاحي، وتزامن الفترة مع موسم الحصاد وما يعرفه من نفاد في اليد العاملة في الحقول. وإجمالا انتقل الحجم الإجمالي للتشغيل ما بين الفترتين من 10 ملايين و307 آلاف منصب إلى 10 ملايين و539 ألف منصب. وأشار المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، خلال ندوة صحافية بالدار البيضاء، إلى أن أعداد العاطلين تراجعت ب 11,8 % على المستوى الوطني، منتقلة من 1.033.000 عاطل خلال الفصل الثاني من سنة 2008 إلى 911.000 خلال نفس الفترة من سنة 2009، أي بانخفاض قدره 122.000 عاطل، مما دفع معدل البطالة إلى التراجع بحوالي نقطة واحدة ليستقر في 8 % خلال الربع الثاني من السنة الجاري مقابل 9,1 % خلال الفترة نفسها من 2008. وكان الانخفاض حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط أكبر في الوسط الحضري مقارنة بالوسط القروي، حيث بلغت النسبة 12,6 % بعدما كانت في حدود 14 %، وفي البوادي انخفضت من 3,9 % إلى 3 %. من جانب آخر، أنقذت قطاعات الفلاحة والبناء والأشغال العمومية والقطاعات المالية والعقارية سوق الشغل من تكبد خسائر في مناصب الشغل الموجودة، ناهيك عن إحداث مناصب شغل جديدة، فقد تصدرت قائمة القطاعات الاقتصادية المشغلة أنشطة الفلاحة والغابات والصيد ب 196.000 منصب شغل (176.000 بالوسط القروي و20.000 بالوسط الحضري) خلال الربع الثاني من 2009 مقابل فقدان 116.000 منصب في سنة 2008، و41.000 منصب كمعدل سنوي خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وبهذا يكون القطاع قد شغل خلال الربع الثاني من السنة الجارية، في البوادي وفي المدن أيضا، 4 مرات أكثر من المتوسط المسجل خلال السنوات الثلاث الأخيرة. يليه في المرتبة الثانية قطاع البناء والأشغال العمومية ب 40.000 منصب (32.000 بالوسط الحضري و8.000 بالوسط القروي) مقابل معدل سنوي خلال الثلاث سنوات الأخيرة يقدر ب 92.000 منصب؛ أي بانخفاض يتراوح بين 40 و45 % مقارنة بمتوسط ما كان يشغل في السنوات الثلاث الماضية. وكان قطاع الخدمات من أبرز القطاعات التي انخفضت مؤشراتها المرتبطة بالتشغيل، متأثرا بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث لم يحدث سوى 11.000 منصب جديد (إحداث 42.000 منصب بالمدن وفقدان 31.000 منصب بالقرى) مقابل معدل سنوي خلال الثلاث سنوات الأخيرة يقدر ب 132.000 منصب؛ حيث لم يشغل القطاع سوى 12 % من المعدل السنوي الذي كان يشغله. كما خسر قطاع الصناعة، بما في ذلك الصناعة التقليدية، قرابة 7.000 منصب شغل (بزيادة 23.000 منصب بالمدن وبناقص 30.000 منصب بالقرى). وتعليقا على مؤشرات البطالة والتشغيل خلال الربع الثاني للسنة الجارية، دعا الحليمي إلى عدم التهوين أو التهويل من النتائج المحققة في سوق الشغل والبطالة، فالمغرب استطاع، على حد قوله، رغم ظروف الأزمة المحافظة على مناصب الشغل في عدد من القطاعات، لكن قطاعات أخرى تكبدت خسائر كالنسيج والخدمات... وأوضح أن دعوته إلى عدم التهويل سببها أن معدل البطالة في الربع الثاني من كل سنة دائما ما يكون أقل من الربع الأول، وهي ملاحظة سجلت منذ انطلاق بحوث التشغيل سنة 1999، وهو أقل أيضا من المعدل السنوي لنسبة البطالة، بالمقابل فإن الربع الثالث من كل سنة يسجل في العادة ارتفاع نسبة البطالة لانتهاء موسم الحصاد وتخرج أفواج من الباحثين عن الشغل من الطللبة. نصف السكان النشيطين دون مؤهل دراسي من الملاحظات الأساسية التي أبانت عنها مؤشرات الشغل التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط أن أكثر من نصف السكان النشيطين في المغرب (51,1 في المائة) خلال الربع الثاني من العام الحالي لا يتوفرون على مؤهل دراسي، وترتفع النسبة في الوسط القروي لتصل إلى 61,5 في المائة، وتتراجع في الوسط الحضري لتستقر في 39,5 في المائة، وهو ما يطرح تحديات كبرى على المغرب في ميدان التكوين والتربية بالنظر إلى الخصاص الهائل في اليد العاملة المؤهلة، مما يضعف تنافسية الاقتصاد المغربي أمام دول منافسة كتونس وتركيا...