«حين يتأمل المرء حضارته وما استطاع تشييده من أبراج وبنيان، وما حصّله من علم.. يعتقد أنه قد بلغ مكانة من لا يُقهر، فيما تنبُّؤات العلماء تنذره: «ستقع الواقعة، ستفيض الوديان وتنهار الجسور وتمتد يد الدمار إلى كل ما حققته من إنجازات».. هذا ما جاء في آخر حلقات برنامج «نقطة ساخنة» الذي يعده ويخرجه الصحفي «أسعد طه» ويعرض على «الجزيرة الإخبارية»، إذ خصص جزأين لغضب المناخ، تطلب إنجازهما أكثر من سنة ونصف من العمل، ليدق ناقوس الخطر منذرا بأن «أصحاب العلم قالوا إن ما هو آت خطير، لن يسلم منه على الأرض إنسان «بسبب آفة الاحتباس الحراري»، واختار لعمله عنوانا مخيفا «في انتظار القيامة». لقد أظهرت الدراسات والأبحاث المناخية والبيئية أن درجة حرارة الأرض في ارتفاع مستمر، مما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب البحر وازدياد حرارة الصيف وهطول الأمطار بغزارة شتاء، مما سيؤدي إلى حدوث أعاصير وفيضانات وحرائق وجفاف. فبتغير نمط سقوط الأمطار ستتأثر الدنيا وستظهر أمراض اختفت منذ زمن بعيد، وملايين البشر ستجوع وتهاجر وتموت. وقد أخذنا «أسعد طه» في رحلة طويلة شاقة بدءا من إيطاليا، مرورا بفرنسا ثم إنجلترا وبعدها الدانمارك، وصولا إلى القطب المتجمد وإلى البرازيل وغابات الأمازون ثم إلى مصر، إيمانا منه بأن «الوطن أكبر من مسقط رأسك» وبأننا نعيش على أرض واحدة وينتظرنا مصير واحد. أثناء هذه الرحلة، كان الصحفي يجيبنا عن أسئلة كثيرة، حول ظاهرة الاحتباس الحراري وما يصيب الكرة الأرضية ومناخها من خلل، من خلال علماء وباحثين اتفقوا جميعا على أن المصاب من فعل الإنسان وليس بسبب الطبيعة. هذا الكائن كثير الجدل الذي يحسب قيمته ووجوده بحجم استغلاله للطاقة وتبذيره لها، وليس بقدر حفاظه عليها وتوفيرها.. يركض خلف امتلاك السيارات الفارهة والمنازل الكبيرة والحدائق الشاسعة، وتصنيع كل شيء حتى المواد النباتية. لقد زادت كمية ثاني أكسيد الكربون في الجو بسبب نشاطات البشر السلمية والحربية، وبسبب قطعهم للأشجار وقضائهم على الغابات التي تعتبر رئة هذه الأرض، وليست البرازيل وحدها المسؤولة عن اجتثاث غابات الأمازون، فالأشجار تنقرض بالقارات الأربع وتنبت مكانها المصانع والمنازل والمراعي. الأرض، إذن، في خطر عظيم بسبب ارتفاع درجة حرارتها، لذلك ستنهار الجبال الجليدية، مما ينذر بكارثة بيئية خطيرة، وستقع المجاعات وتندلع الحروب ويهلك الناس بالملايين في حال ذاب جليد القطب المتجمد.. وقد بدأ فعلا في الذوبان كما صورته كاميرا «نقطة ساخنة» وكما التقطت صور الأقمار الاصطناعية التي يتابعها علماء نذروا حياتهم لمتابعة ما يجري على كوكب الأرض على مدار السنة. «يجب أن نفكر في أطفالنا»، فلم يعد هناك سوى سنوات قليلة كي يتدارك بنو البشر أخطاءهم، ليعود الكون إلى حالة التوازن التي خلقه الله عليها.. كل شيء بمقدار. فالدول الخمس الكبرى هي المسؤول الأول عما يقع، لكن الفقراء عبر العالم هم من سيدفعون الثمن غاليا.. فلكل فعل ثمن، ولكل امرئ على هذا الكوكب مسؤولية يختلف حجمها حول ما يصيب الكون من ضرر، لذلك يجب أن نغير مفهومنا للتطور والغنى والاستهلاك والتقدم، وأن نتبنى ثقافة البيئة والأرض والماء والغابة والمستقبل. أعرف أن آخر ما يهم الناس هو»الاحتباس الحراري» رغم أنه يهدد مصير الأرض كلها، فرغم فيضانات الشتاء المميتة وموجة الحر التي ألهبت الوطن هذا الصيف، حيث سجلت أرقام قياسية لدرجات الحرارة لم يعرفها المغرب منذ خمس عشرة سنة، فإن ما يلهب العباد أكثر هو أسعار العطلة ومصاريف رمضان وتكلفة الدخول المدرسي، لا أحد يفكر أبعد من هذا.. حروب الانتخابات وفضائح الساسة ومشاريع الأغنياء وأثمنة البناء.. فيما يجب أن تتفق الأمم على حل، «فالخطر يقترب وعلينا أن نفعل شيئا حتى لا يحل بنا يوم كأنه يوم القيامة»، كما ختم أسعد طه برنامجه الساخن.