شعرت بخيط دم يسيل من أنفي وألم خفيف في الركبة اليسرى. بقيت مشبح إلى أن جلس القرفصاء بجانبي شخص تبينت من هروب الدم من وجهه أنه مول الطوموبيل. وضع يده على عنقي لمعرفة واش باقي حي أم لا. كانت يده مثلجة، لكنني درت موتة حمار !! قبل أيام وصلتني دعوة من شخص، لا أتجرأ على نعته بالصديق، «خانز فلوس». لكنه لم يضح بتواضعه وسخائه. فتحت الظرف لأكتشف بطاقة من ورق فاخر رصعت بأحرف ذهبية تتلألأ ليل-نهار. يقول نص الدعوة، بالفرنسية، الله يرحم الوالدين: « يسعد رضا بن شقرون، زوجته وأبناؤه دعوتكم مشاطرتهم حفل عيد ميلاد نيكو الذي يقفل في السادس عشر من هذا الشهر عامه الثالث. يقام الحفل على الساعة كذا بالعنوان كذا..دامت لكم الأفراح والمسرات..». تعرفت على السيد رضا بن شقرون في ظرف استثنائي، إذ لولا مشيئة الرحمان لكانت سيارته قد عجنتني مثل كفتة ديال بن جرير !! في أحد الصباحات غادرت كالعادة القامرة على الموبيليت المعتادة، بيني وبينكم فيها القفقافة، لكن الفرامل، الضوء، الغواتة (شي تايغوت على شي في هاذ لبلاد)، كل شي ناضي. أخذت مشواري المعتاد، لكن ما كدت أصل الضوء الأحمر عند ملتقى الطرق المسمى بابن سينا، حتى رفعتني من الخلف سيارة لاحتني في جهة، والموبيليت في جهة. لولا الكاسك، لكان رأسي قد انفلق مثل بطيخة !! شعرت بخيط دم يسيل من أنفي وألم خفيف في الركبة اليسرى. بقيت مشبح إلى أن جلس القرفصاء بجانبي شخص تبينت من هروب الدم من وجهه أنه مول الطوموبيل. وضع يده على عنقي لمعرفة واش باقي حي أم لا. كانت يده مثلجة، لكنني درت موتة حمار !! سمعت من حولي تعليقات متشفية من نوع: «سايك BMW تاتسوا زبالة ديال لفلوس وما دايرش السماعة ديال البورتابل ؟»، «حاكرين على المساكين»، «خاصهم يفرضوا الكاسك على السائق والمرافقة ديالو. غالبا ما تيكون هو لابسو وهي بلاش !! «الرجال ديما مركبين الكاسك لعيالات !!» أجابه آخر مازحا. الخ... ولا أحد منهم فكر في استدعاء البوليس أو لابيلانس !! ما أن فتحت عيني وتحركت على جنبي الأيسر حتى تحلق الكج من حولي: « الحمد لله...ما مشا معاك باس» ، «حايدو ليه الكاسك غادي يقجو..». وضع صاحب BMW يده على كتفي. - يمكن لك توأف (توقف) آسي محمد ؟ - آسميتي المعطي - عفوا. آسي المعطي...وجمعت الوقفة. قمت ببعض الحركات: ما ممهرس، ما مفلعص الحمد لله. أما الموبيليت كالتها . تطوع صاحب حسنات ليقترح على مول الطوموبيل: « دور معاه آشريف وفرقو الجقلة». اقترب مني صاحب BMW ليهمس في أذني : - اسمي رضا بن شأرون ( شقرون). ها هي بطاقتي الشخصية. خلط علي هذا المساء إلى مقهى لاجوكوند وسنتفاهم بيننا. - آودي مسامحة - علي باليمين حتى توصل علي... فرقنا الجقلة ووصلت متأخرا إلى العمل حيث أشتغل لدى عائلة الحاج عبد الله الشرادي سائقا، جارديني، جوال على المتاجر الكبرى والمحلبات الصغرى. من أجل كبيرة أو صغيرة ترسلني حياة القلوب، زوجة مول الشيء، إلى مرجان أو أسيما....أو إلى مرافقة ابنتها إلى المطار أو استقبال ابنها منه...هاذ الشي ما جاب ديبلوم الدكتوراه. لما قصصت على حياة القلوب الواقعة، كان خصها شويا وتحملني مسؤولية الحادث... الحمد لله على لطف الله...يا الله سير جيب للا سندوس من المطار. قربات توصل الطيارة. أعرف الحكاية عن ظهر قلب: أصل المطار وساعة وأنا واقف. للا سندوس ديما ملاصقة مع نيميرو إلا المغاربة. ما تانوصلو للدار حتى يبوقو سجائر محشوة بحشيشة تقطع النفس. آخر رهط جابتو من باريس يدعى جيروم. برم اللفافة، أشعلها، استنشق نفسا عميقا قبل أن يمده لي: ذق ماتي (المعطي). أجبته بفرنسية صقيلة: Non merci, c’est du poison P...mais il parle français!! قصصت عليهما أنني حاصل على الدكتوراه وأنني كنت نابغة في الفرنسية. رد جيروم: Et dire que je n’ai même pas le bac !! في حدود الساعة السادسة والنصف غادرت فيلا الياسمين. وأنا أرتدي الكاسك، (الموبيليت حتى ولو تفلعسات، لا زالت تتحرك)، رن الهاتف النقال وكان المخاطب رضا بن شقرون الذي ذكرني بالموعد. أعرف مقهى لاجوكوند طبعا، لكن بالاسم والموقع، غير أنني لم أدخلها يوما. قهوة بثمن نصف كيلو ديال الكرشة !! ما خاصنا بقهوة...دفعت بالموبيليت في اتجاه مركز المدينة. دخلت ليستقبلني السيد بنشقرون بالترحاب. ما أن جلست حتى قدم لي النادل الورقة. التفت إليه معتذرا: «سمح لي عندي لمرار اليوم !!» لكن رضا بن شقرون تجاوز تحفظي ليطلب لي عصير إكزوتيكي مشكل من ست فواكه ( 70 درهما)، ماء معدني من نوع سان بيليغرينو، بحال لواكل الشوا ( 25 درهما)، جوج حلاوي نسيت اسمهم ( 60 درهما)... وهذا عشا آسي رضا...