شن دفاع المعتقلين السياسيين في ملف بليرج هجوما عنيفا على شكيب بنموسى، وزير الداخلية، مع اقتراب نطق المحكمة بأحكامها، وقال إن بنموسى تفوق على أوفقير وإدريس البصري في خرق القانون وتلفيق التهم. واتهم خالد السفياني، خلال جلسة صباح أمس، وزير الداخلية بشكل صريح بصناعة هذا الملف وبإعطاء أوامر وتوجيهات لإيجاد تخريجات تمكن من توريط المعتقلين السياسيين. وقال السفياني إن بنموسى، الذي وصفه بالوزير«المنفوخ»، جعل من هذا الملف قضية شخصية بعد أن عمد إلى إفشاء أسرار البحث التمهيدي، وقام بعرض أسلحة مجهولة المصدر، قبل أن يقدم روايته «المنزلة» التي حذر من تكذيبها أو التشكيك فيها رفقة «جوقة» تضم وزير الاتصال خالد الناصري. وأشار الدفاع إلى أن بنموسى قام بتصرفات غير مسبوقة في تاريخ وزراء الداخلية في المغرب، بمن فيهم أوفقير والبصري، خاصة بعد تصريحه بعبارة اعتبرها السفياني متداولة لدى كل الديكتاتوريين في العالم، جاء فيها: «لا تهمني الشكليات وما يهم هو مصلحة الوطن» . وقال الدفاع إن هذا الملف تم طبخه وإعداده في مختبرات وزارة الداخلية لتحقيق أهداف جهات يزعجها أن يسير المغرب في طريق الحرية لأن مصالحها تقوم على الفساد والقمع والتزوير. وأضاف أن عددا من المعطيات والوقائع يؤكد أن هذا الملف، الذي يعد نموذجا فريدا في تاريخ المحاكمات السياسية بالمغرب، جاء كعقاب على التقارب الذي حصل بين حزب يساري وحزب له مرجعية إسلامية. وأشار الدفاع بطريقة هازئة إلى التقدم والتطور الذي تم تحقيقه في آليات تزوير المحاضر، وقال: «في الوقت الذي يسعى فيه عدد من الدول إلى تطوير البحث العلمي وتحقيق التنمية، هناك من يجتهد في اختراع تقنيات جديدة للتزوير والتلفيق»، وأشار إلى أن عددا من العبارات التي وردت على لسان بنموسى في ندوته الصحفية نسبت، في وقت لاحق، إلى المتهمين في المحاضر التي تم إنجازها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مثل «التمويه» و«التقية» وغيرهما. وطالب الدفاع المحكمة بالإنصات إلى ضميرها في إصدار الأحكام من أجل قطع الطريق على الذين يريدون تحويل القضاء إلى أداة لتحقيق أهدافهم، وقال السفياني مخاطبا القاضي بنشقرون: «أثبتوا أن القضاء سلطة مستقلة أمام من يريدون الإيحاء بأن الأحكام التي ستصدر هي تلك التي أصدروها من قبل»، في إشارة منه إلى وزير الداخلية ووزير الاتصال. ووصف السفياني المحاضر المتعلقة بهذا الملف بكونها «بايخة» وتدعو إلى الضحك، وشدد على ضرورة اعتقال كل أعضاء البديل الحضاري وحزب الأمة وحزب العدالة والتنمية والحزب الاشتراكي الموحد إذا كان ما ورد في المحاضر صحيحا بالفعل. كما استعرض الدفاع المراحل والوقائع التي مرت منها القضية منذ بدايتها، والتي قال إنها تشكل أدلة قوية على أن هذا الملف تقف وراءه جهات تعتبر أن استقرار المغرب وتحقيق الديمقراطية يشكلان خطرا عليها، وأشار إلى أن المحاكمة عرفت تحطيم رقم قياسي في عدد الدفوعات الشكلية والطلبات العارضة التي تم رفضها، كما تم حرمان المتهمين من جميع شروط المحاكمة العادلة. وقال الدفاع إن عبد القادر بليرج اختطف لمدة شهرين وإن المحضر الذي أنجز له في البداية لم يتضمن أسماء المعتقلين السياسيين، قبل أن يخرج وزير الداخلية ويصدر قرارات الإدانة في ندوته الصحفية، ليتم بعد ذلك إنجاز محضر آخر حرصت فيه الأجهزة الأمنية على تحقيق كل طلبات شكيب بنموسى بما فيها توريط حميد نجيبي، عضو الحزب الاشتراكي الموحد، وعبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة «المنار» التابعة لحزب الله اللبناني. من جهة أخرى، نظمت اللجنة الوطنية لمساندة المعتقلين السياسيين في نفس الصباح وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة الابتدائية بسلا، شاركت فيها تنسيقية عائلات المعتقلين إلى جانب عدد من الفعاليات السياسية والحقوقية، وتم خلالها ترديد مجموعة من الشعارات التي تطالب بالإفراج عن المعتقلين، وتعتبر أن محاكمتهم صورية وتعتمد على وقائع «مفبركة». وقالت سكينة السريتي، عن تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين، إن هذه الوقفة، التي تأتي أياما قليلة قبل النطق بالحكم، جاءت «لتوجه رسالة إلى القضاء» لكي يكون نزيها ومنصفا أمام غياب الأدلة والخروقات العديدة التي تتضمنها المحاضر المنسوبة إلى المتهمين، كما أكد المحامي خالد السفياني، في تصريح ل«المساء» خلال الوقفة، أن الدفاع «لن يقبل بأقل من البراءة للمعتقلين السياسيين».