انتقدت الكنفدرالية النقابية الدولية في تقرير جديد لها حول المغرب ظاهرة تشغيل الأطفال، وكشفت عن أن سوق العمل يضم ما يقرب من 600 ألف طفل. وأوضح التقرير الذي صدر مؤخرا أنه بالرغم من المجهودات التي تبذلها الح كومة المغربية، فإنها تبقى متواضعة مقارنة مع حجم الظاهرة وخطورة مشكل تشغيل الأطفال. واعتبر تقرير الكنفدرالية النقابية الدولية التي تشكلت سنة 2006، والتي تعد أكبر تجمع نقابي في العالم وتضم في عضويتها 306 تنظيمات نقابية تنتمي إلى 154 دولة، من بينها الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، أن العقوبات التي تطبق في حالات مخالفة القوانين التي تحرم تشغيل الأطفال، تبقى غير كافية لردع مثل هذه المخالفات. وينصح التقرير الحكومة بأن تتخذ إجراءات رادعة وأكثر صرامة من أجل وضع حد لكل أشكال تشغيل الأطفال، خاصة تشغيل الفتيات داخل المنازل والاستغلال الجنسي للأطفال، فضلا عن ضرورة اعتماد نظام رقابة صارم لتطبيق القوانين المحرمة لتشغيل الأطفال. وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الحكومة من أجل تطبيق مبدأ عدم التمييز ضد النساء، فإنهن مازلن إلى حد الآن عرضة لعدد من التجاوزات. ففي الواقع، من بين العمال الناشطين، توجد امرأة من أصل أربع، وأجرهن أقل بالثلث مقارنة مع الرجال. وأضاف التقرير أن نسبة الأمية في وسط النساء مازالت كبيرة مقارنة مع الرجال، في حين أن النساء يتواجدن بكثرة في القطاعات حيث شروط العمل صعبة مثل الفلاحة والعمل المنزلي والنسيج والاقتصاد غير المهيكل. وطالب التقرير بأن تعمل الحكومة المغربية على زيادة مجهوداتها وميزانيتها من أجل الحد من هذه النظرة الدونية للمرأة السائدة وسط المجتمع. وانتقد التقرير عدم السماح لعدد من العمال والموظفين بحق تشكيل نقابات مثل القضاة وعاملات البيوت أو العمال الفلاحيين. ورأى التقرير أنه بالرغم من أن السلطات أصبحت أكثر تسامحا في تعاطيها مع الاحتجاجات التي يقوم بها العمال عما كان عليه الحال عام 2007، فإن النقابات، حسب نفس التقرير، مازالت تتعرض للمضايقات. ولاحظ التقرير أن التنامي الكبير للمناولة والتشغيل المؤقت يجعل الانخراط في النقابات صعبا، وفي نفس الوقت تترافق هذه الظواهر في الغالب مع تدهور شروط العمل. ومن جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن التشريع المغربي في مجال التشغيل لا يتلاءم مع الاتفاقيات الدولية، فالعقوبات المطبقة في حالة خرق القوانين المتعلقة بالعمل القسري غير رادعة في أغلب الأحيان. فالعمل داخل المنازل الذي تقوم به في الغالب فتيات لا تتجاوز أعمارهن 18 سنة، يمكن أن يعتبر عملا قسريا. وعلى صعيد آخر، قال التقرير إنه بالرغم من أن المغرب صادق على سبع اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية من أصل ثمان والخاصة بالمعايير والحقوق الأساسية للعمل، فإن صعوبات كبيرة تعترض تطبيق تلك الحقوق سواء على مستوى التشريع الداخلي أو على مستوى التطبيق. وطالب التقرير بأن تصادق الحكومة على اتفاقية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية، وبأن تعدل التشريع حتى تمكن جميع العمال من أجل الحق في تشكيل والانخراط في النقابات مثل القضاة وغيرهم. كما طالبت الكنفدرالية النقابية الدولية في تقريرها بأن يتعزز دور مفتشيات الشغل، خاصة في مقاولات المناولة وفي المقاولات التي تشغل عمالا مؤقتين من أجل أن تراقب بشكل فعال تطبيق القوانين المتعلقة بشروط العمل.