مالحة في فمنا الكلمات.. مالحة ضفائر النساء.. والليل، والأستار والمقاعد.. مالحة أمامنا الأشياء.. عندما هزمتنا الغابون يوما وهي التي تتعلم أولى حروف الهجاء في مدرسة الكرة العالمية.. تألمنا، انفجرنا غضبا.. كانت وحدها تطمينات البداية وسوء الحظ تزيح عنا عبء الرؤية بنظارة سوداء.. وعندما تعادلنا بياوندي أمام أسود تكسرت أنيابها، ولد الحلم فينا من جديد.. وجلسنا ننتظر لحظة بلحظة لقاء الطوغو.. اللقاء الذي شكل بالنسبة إلينا مساحة للأمل.. بداية أخرى في درب المنافسة.. وعندما أمسك الحمداوي بالكرة، ووجهها لطيور السماء.. أحسسنا معها بأنه يرسل حلمنا في كفن أبيض إلى قبر الإقصاء.. وانتهت الحكاية مثل أية فقاعة صابون تنفجر بعد حين مهما حلقت في السماء.. المنتخب المغربي، كان على موعد مع الإقصاء.. مع المهزلة.. ومع نهاية جيل قدره ألا ينعم بدفء المونديال.. لقد قطع لومير آخر خيط أمل في حلم التأهيل.. ولست أدري هل يملك مبررات أخرى ليغطي على حجم عقمه التدريبي.. إننا ندفع اليوم فاتورة عناد تسييري، تعنت جامعة قررت وحدها.. ونفذت وحدها.. وفرضت علينا مدربا آخر من حفدة نابليون بونابارت.. ورفضت رغبات شعب بكامله في أن يقودنا الزاكي يوما إلى كل الاستحقاقات العالمية.. دست قرصا منوما في كأس الرياضة المغربية.. وتركتنا نغالب النعاس بالتثاؤب طيلة شهور.. ظل خلالها لومير ينعم بالملايين.. يعيش وحده أشبه بأي ديكتاتور يملي الأوامر وحده.. يخاطب نفسه.. خاصم الصحافة، واللاعبين.. خاصم الجمهور وأقصانا وحده.. إنجاز إنفرادي لرجل عنيد يجيد لغة الميم.. ونحن هنا بكل البلادة رحلنا يوما نطلب وده.. ترجيناه أن يأتي ليكمل مابدأه غيره بلغة فرنسية عقيمة لاتعرف الجامعة غيرها، تقرأ بها تقاريرها الخاصة.. وتقيم بها جموعها العامة.. وكأننا لانعرف التواصل بلغة الضاد.. لقد خسرنا رهانا كبيرا سنبكي عليه طويلا.. ففي لقاء العمر جاءت فتيات فضلن حرارة المدرجات على جمالية البحر.. كان الدعاء البصمة المرسومة على وجنة اللقاء.. وبعدها كانت دموع البكاء وشلال الألم.. من يكفكف دموع الملايين من الجماهير؟ من يتحمل مسؤولية الألم الساكن فينا؟ وهل قدرنا أن نبكي باستمرار ليضحك الآخرون من بلادتنا؟ لقد أضاع لومير بسذاجة تكتيكية حلم العمر.. حولنا إلى مجرد فريق صغير يستحق الشفقة.. وقد يحتاج لدعائنا جميعا كي يضمن حضوره في أنغولا.. ماذا يفيدنا لو رحل لومير؟ هل يكفينا طرده؟ ولو أني أعلم أنه سيكون أول من يضع استقالته على طاولة الجامعة ليخرج من الباب الخلفي صاغرا.. بعد أن جرعنا مرارة الإقصاء قطرة.. قطرة.. ولن نسمح قبلها للشماخ تقاعسه وعدم استجابة اللاعبين لنداء الوطن.. مالحة في فمي الكلمات.. تمنع القلم واستعصت الكتابة.. فاعذروا ضياع المفردات.. اعذروا لهب الألم بداخلي.. وكل الفواصل بكاء شديد.. وندم لن تمحيه الأيام.