اعتبرت دراسة علمية أن واقع الجامعة المغربية غير مريح ويتميز بالانتقاء الاجتماعي، مشيرة إلى أن السلطات العمومية لم تول الاهتمام للمشاكل التي يعاني منها التعليم العالي والبحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية إلا في السنوات الأخيرة. وتأتي هذه الدراسة، التي أعدتها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، تم تقديمها صباح أمس الثلاثاء بالرباط، بحضور الوزير الأول عباس الفاسي ووزير التربية الوطنية أحمد اخشيشن والمستشار الملكي مزيان بلفقيه، على إثر النتائج المتوصل إليها في مجال تقويم المنظومة الوطنية للبحث في العلوم الدقيقة وعلوم المهندس وعلوم الحياة والأرض، من قبل خبراء أوربيين، لتقرر اللجنة الوزارية الدائمة المكلفة بالبحث العلمي والتنمية التكنولوجية توسيع هذا التقويم ليشمل أيضا العلوم الإنسانية والاجتماعية. وحسب الإحصائيات المتوصل إليها، فإن كليات الآداب تستقطب 56 بالمائة من أساتذة العلوم الإنسانية والاجتماعية، تليها كليات الحقوق بنسبة 30 بالمائة، و14 بالمائة المتبقية تغطي المؤسسات الأخرى غير الجامعية، وتجد هذه الظاهرة تفسيرا لها في كون إحداث كليات الآداب ببعض الجامعات أو المراكز جاء لتلبية ما يحتاج إليه التعليم الثانوي من أساتذة، ولذلك فعوض أن يسبق الطلب العرض، فإنه يتبعه. وليس من الغريب أن يلاحظ ترابط بين الطبقة السوسيو مهنية التي ينتمي إليها الأب والمؤسسة التي يعمل بها الأستاذ، لذلك فإن أبناء الأطر العليا والمهن الحرة يتوجهون نحو الحقوق والاقتصاد بدل الآداب والعلوم الإنسانية، في حين أن أبناء الفئة العمالية وأعوان الخدمة يفضلون الآداب على الحقوق، وبين هاتين الطبقتين، يتوزع الاختيار تقريبا حسب التراتبية الاجتماعية. وفي سياق بحثها في مسار تكوين الأساتذة الباحثين، أوضحت الدراسة أن أقل من 25 بالمائة من هؤلاء قد سبق لهم أن استفادوا من منحة دراسية، وما يزيد عن 55 بالمائة قد مارسوا نشاطا مهنيا خلال فترة تحضيرهم للأطروحة، وما يفوق بقليل 15 بالمائة قد لجؤوا إلى دعم أسرهم لإنهاء تحضير الدكتوراه. كما بينت الدراسة أن أساتذة جامعة الأخوين وأساتذة المعاهد والمدارس العليا هم أكثر المستفيدين بشكل كبير من العطاء العمومي، ويزيد التفاوت عمقا عندما يؤخذ بعين الاعتبار الانتماء الاجتماعي لهيئة الأساتذة، إذ إن الأساتذة المنتمين للطبقات الاجتماعية الميسورة استفادوا أكثر من غيرهم من المنح، ولذلك فإن إجراء مقارنة بسيطة بين الجامعيين أبناء الأطر العليا أو أبناء المزاولين لمهن حرة وبين الجامعيين أبناء الفلاحين، يبين أن حظوظ الفئة الأولى في الاستفادة من المنح كانت أكبر مرتين من حظوظ الفئة الثانية. وتوصل التقييم إلى أن الأغلبية الساحقة من هيئة أساتذة التعليم العالي، التي لم تستفد من منحة ولا من دعم أسري لمتابعة دراسة السلك الثالث أو لتحضير أطروحة دكتوراه الدولة، قد أجبرت على المرور بالتعليم الابتدائي أو الثانوي أو على ممارسة نشاط آخر قبل أن تستفيد من حركية مهنية متصاعدة.