لا تفصلنا عن الانتخابات الجماعية إلا أيام قليلة، وبدأت معالمها تتضح للعيان، حديث هنا وآخر هناك، إعلان عن تشجيع المواطنين على التصويت وأحزاب خرجت من جحورها لممارسة السياسة التي لا تمارسها إلا مع حلول مواسم الانتخابات، آراء عدة وخطابات كثيرة ووعود عملاقة وميزانية ستصرف على الحدث. ويبقى السؤال المطروح أين الشباب المغربي من كل هذا؟ الشباب المغربي موجود وبكل مكان بأزقة الشوارع، بالمساجد، بالملاعب، بالملاهي بالفيس بوك، بالجامعات، بالمعاهد وبكل مكان صالح كان أم طالح، إلا بمكان واحد لا يوجد به الشباب المغربي وهو حمل زمام الأمور والمساهمة في اتخاذ القرارات والدفع بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة. بالمغرب الكل ينظر إلى الشباب على أنه غير مكون جيدا وأنه فتح عينيه ووجد كل شيء جاهز، بالمغرب ماتزال الأحزاب يتحكم بها «الشياب» والعجزة ويرفضون مشاركة الشباب في اتخاذ القرار، وحتى إذا شاركوا فإنهم إما أبناء بعض المسؤولين بالحزب أو بعض الذين يرسم لهم ذويهم مستقبلهم منذ الدراسة حتى الوصول إلى الوزارة. اليوم الدول الغربية والمنظمات الدولية تنادي أكثر من أي وقت آخر بمنح الثقة للشباب المغربي خاصة والعربي عامة، بتكوينه وتقريبه من الطاقات الوطنية صاحبة الخبرة للاستفادة منها ورفع الحيف عنه، ولكن لا حياة لمن تنادي، الوضع هو الوضع والحالة هي الحالة، فحتى أعتد الأحزاب عندنا لا تبالي بهذا المنطق ولا تهتم بهذا القرار، هي فقط شعارات مرفوعة والإحصائيات الكاذبة مرسومة، لكن الحقيقة شيء آخر، الواقع الظاهر للعيان هو منح التزكيات للعقليات المخربة و«صحاب الشكاير» الذين يمارسون لعبة الرعي البشري في أكمل صورها بشراء ذمم المواطنين والوصول بتلك الأحزاب إلى المكانة لا يقدر الشباب على إيصالهم لها كما لو أن السياسة هي قضية مرحلة زمنية محددة وليست ترسيخا للديمقراطية في أحسن صورها ليستفيد منها جيل بعد جيل. الشباب بالمغرب هم الفئة الأكثر داخل الهرم السكاني الوطني، طاقات واعدة، فلا تمر من حي أو زقاق في أي مدينة داخل وطننا الكبير إلا وتجد الشباب المغلوب على أمره يتسكع ويجلس أمام أبواب المساكن، فلا تطرق منزلا إلا وعثرت به على شاب عاطل عن العمل من بعد ما كد واجتهد وبالعامية (حفى عينيه مع الدفاتر والمقررات) فتكون الوجهة هي الشارع... المدرسة رقم واحد في جامعة النسيان ... جامعة التخرج النهائي وبشهادة مدمن ... الجامعة التي ترفع شعار (الراس لي ميدور كدية). للأسف شباب يضيع في الطرقات، وبلاد حائرة فمن سيحمل مشعل الرقي، ومن سيحرر سبتة و مليلية، ومن سيتصدى لأطماع الجيران والحساد في التوسع ... فالشباب بالمغرب أصبح إما مدمنا أو متشددا ... إما فكر منحل أو فكر متطرف، إلا من رحم ربك. إنها نتيجة حتمية لسوء فهم البعض لمؤهلات هذا الشباب جعلته يفقد القدرة على العطاء. كل يوم نسمع آراء وخطابات تنادي بإشراك الشباب في الحياة السياسية والدفع بعجلة التنمية ولكن لا شيء تحقق على أرض الواقع، فلا أحد يستمع لهذا الشباب، ولا أحد يفكر بمستقبله، إنها فترة عابرة فقط مع مرور الانتخابات للمشاركة في التصويت وعدم الوقوع في أزمة كما وقع بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، إذ نتيجة المشاركة كانت في أدنى مستوياتها رغم كل التعليلات والإحصائيات، لأننا بالمغرب للأسف لا نعمل من أجل إتقان العمل ولكن نعمل من أجل جبر الضرر وتصوير واقع مخالف لما يجري على أرض الواقع، لا نعمل من أجل إرضاء ضميرنا ولكن نعمل من أجل التبرير عند المراقبة. يجب علينا الآن أكثر من أي وقت آخر إعطاء الفرصة للشباب المغربي للتعبير عن رأيه، والمساهمة في صنع القرار وتطبيقه لأنه لدينا شباب مغربي رغم كل الظروف والمشاكل والواقع المر يعمل ويكد بقدرات صغيرة بل ومنعدمة، لا لشيء إلا لرفع العلم المغربي عاليا في المحافل الدولية والملتقيات الفكرية وإلى أن يصل ذاك اليوم يبقى الوطن على حاله، شبابه متفائل وماسك ببصيص صغير من الأمل رغم أنه يرى المستقبل مسودا، لعله في يوم قريب يأتي من يمسح هذا السواد.