وجه حزب العدالة والتنمية مذكرة حول إصلاح جهاز القضاء إلى وزير العدل عبد الواحد الراضي، في إطار المبادرة التي أطلقتها الوزارة بتلقي مقترحات الأحزاب السياسية، بعد المذكرة التي رفعها وزير العدل إلى الملك حول نفس الموضوع. وطالب حزب العدالة والتنمية بحوار وطني شامل يجعل من إصلاح القضاء ورشا وطنيا ذا أولوية على غيره من الأوراش، ينتج عنه توافق بين مختلف مكونات المجتمع وتعبأ له كافة الإمكانيات. وقالت المذكرة، التي حصلت عليها «المساء»، إن تحقيق تلك الأهداف يتطلب اعتماد ميثاق وطني لإصلاح القضاء «يمثل مرجعية الإصلاح الشامل والمتكامل». وفي تشخيصها للوضعية الحالية لجهاز العدالة، أشارت المذكرة إلى استفحال ظاهرة الرشوة والفساد في الجسم القضائي، وقالت إن القضاء الذي كان يفترض أن يكون أداة لمحاربة الفساد أصبح هو نفسه سببا من أسباب تغذيته، إذ أصبح اللجوء إلى الرشوة سلوكا عاديا لدى قطاع واسع من المتعاملين مع القضاء. وعزت المذكرة ذلك إلى ضعف مناهج التربية على النزاهة في برامج تكوين القضاة وأطر المهن القضائية المساعدة، وغياب مدونة للسلوك في القطاع، وغياب الإعمال الفعال لمقتضيات قانون التصريح بالممتلكات، وضعف منظومة الأجور في قطاع القضاء وقصور نظام التحفيز، ومحدودية دور التفتيش القضائي في المراقبة والمتابعة، وكذا تعقد المساطر القضائية وصعوبة الحصول على المعلومات القضائية. وقالت المذكرة إن القضاء في المغرب يعاني من تدخل السلطة التنفيذية، حيث ينص الدستور على أن الملك يرأس المجلس الأعلى للقضاء، إلا أنه في الواقع العملي نجد أن وزير العدل هو الذي يتولى الرئاسة الفعلية للمجلس، باعتباره نائبا للرئيس، واقترحت المذكرة، في هذا السياق، إسناد نيابة رئاسة المجلس إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى، كما طالبت المذكرة بإخراج المجلس الأعلى للقضاء من الهيكلة التنظيمية لوزارة العدل وإفراده بميزانية مستقلة عن ميزانيتها وبمقر مستقل عن مقرها، وبإعادة النظر في تركيبة المجلس، وإسناد معظم صلاحيات وزير العدل، المنصوص عليها في النظام الأساسي لرجال القضاء، إلى المجلس الأعلى للقضاء، وحصر صلاحية وزير العدل في الأمر بالمتابعة في جرائم المال العام والرشوة والمس بالسلامة الداخلية والخارجية للدولة وقضايا الإرهاب والمخدرات. وطالبت المذكرة، في إطار مقترحاتها لإصلاح جهاز العدالة، بإصدار مدونة لأخلاقيات القضاء، واعتماد «الشرط الأخلاقي» في قبول المرشح لولوج المهنة، والرفع من سجن الولوج باعتماد 35 سنة كحد أدنى و45 سنة كحد أقصى، ورفع سن التقاعد إلى 70 سنة، وتفعيل إجراءات تتبع وضعية ثروة القضاة وموظفي كتابة الضباط، وتكثيف مراقبة مساعدي القضاء بشكل دوري ومنظم، وتفعيل المساطر التأديبية ضد الاختلالات المهنية الصادرة عنهم، وإلغاء المتابعة في حق المبلغين عن جرائم الرشوة.