لو شك أحد أن الوقت حان للتغيير في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فلابد أن الدعوات المستمرة من أشخاص على استعداد للإطاحة بحكم سيب بلاتر للمؤسسة العالمية قد بدد ما لديهم من ظنون. فبينما سيقفل باب الترشح لمنصب الرجل الأول في الفيفا الساعة 2300 بتوقيت جرينتش يوم الخميس يملك أربعة رجال ما يكفي من التفاؤل لمنافسة الرئيس المتقدم في السن في التصويت الذي سيجري في زوريخ يوم 29 مايو أيار. وسيسعى بلاتر البالغ عمره 78 عاما والذي تقلد المنصب في 1998 لولاية خامسة ورغم مزاعم فساد حاصرته طيلة سنوات قيادته للفيفا فإنه يظل المرشح الأوفر حظا للفوز. لكنه يواجه شيئا لم يتعرض له من قبل لأنه لا يلعب منفردا ولا يقف في وجه منافس واحد بل يتحداه كثيرون من مختلف أنحاء العالم. وكان أول المتقدمين لمنافسة بلاتر رجله السابق الفرنسي جيروم شامبين الذي كشف عن نواياه قبل عام بعدما رحل عن الفيفا في 2010 حيث عمل كأمين عام مساعد. وبعده جاء الدور على الأمير علي بن الحسين عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا والنائب الآسيوي لرئيس الاتحاد الدولي ليعلن ترشحه وقد يصبح الأمير الأردني ثاني أصغر رئيس في تاريخ المنظمة الممتد منذ 111 عاما. وألقى ميكائيل فان براج رئيس الاتحاد الهولندي (67 عاما) بثقله في السباق قائلا إن الوقت حان ليرحل بلاتر. والآن قال جناح البرتغال السابق لويس فيجو إنه سيترشح وسبقه اللاعب الفرنسي الدولي السابق ديفيد جينولا رغم أن شركات المراهنات لا ترى في ترشحه سوى فرقعة دعائية. لكن التساؤل المحوري هنا سيكون عن مدى امتلاك أي من المرشحين "الجادين" فرصة حقيقية لإزاحة بلاتر. وقال فان براج "الكل يتوقع أن يخسر الفريق الصغير.. لكن الفريق الصغير يخرج فائزا أحيانا." وليحدث التغيير سيكون على عالم كرة القدم تغيير بوصلته لكن بوجود عدد كبير من المرشحين يظل هذا احتمالا قائما. فطالما امتلكوا القدرة على دخول السباق سيكون أمام الأمير علي وفان براج وشامبين وفيجو أربعة أشهر للسفر حول العالم في محاولة لإقناع رؤساء الاتحادات الأعضاء في الفيفا وعددها 209 بأن وقت التغيير قد حان. ولم يطل التغيير وجه الفيفا منذ نجح رئيسه السابق جواو هافيلانج عام 1974 في الإطاحة بسلفه الانجليزي ستانلي روس وصعد للرئاسة بعدما أدرك أهمية الأصوات المنسية لدول افريقيا وآسيا التي وعدها بمزيد من الدعم المالي والأماكن في نهائيات كأس العالم. ومنذ خلف بلاتر هافيلانج في 1998 حين تفوق في السباق الانتخابي على السويدي لينارت يوهانسون في منافسة حامية لم يواجه بلاتر تحديا حقيقيا سوى مرة واحدة عندما فاز في 2002 على عيسى حياتو رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم. وفي 2007 لم يترشح أحد لمنافسته بينما دخل القطري محمد بن همام السباق ضده في 2011 لكنه خرج بعد اتهامه بالرشوة وعوقب اثر ذلك بالحرمان مدى الحياة من ممارسة أي نشاط متعلق بكرة القدم. ومن يومها والفيفا يدور في فلك أزمة لا تتوقف منذ قراره في 2010 بمنح حق استضافة نهائيات كأس العالم 2018 إلى روسيا و2022 إلى قطر. وانطلق تحقيق قاده المدعي الامريكي السابق مايكل جارسيا طيلة عامين في سير عملية التصويت قبل أن يترك الرجل عمله ككبير محققين في الفيفا الشهر الماضي قائلا إن المؤسسة لم تعد تملك قيادة ذات مصداقية. لكن غالبية من سيصوتون في الانتخابات سيختلفون معه على ما يبدو. ففي 1998 تغلب بلاتر على يوهانسون بحصوله على 111 صوتا مقابل 80 ثم تغلب بفارق أكبر على حياتو بحصوله على 139 صوتا مقابل 56. وقد لا يختلف الفارق هذه المرة إن تذكرنا أن خمسة من الاتحادات القارية الستة الأعضاء في الفيفا التقت العام الماضي قبل نهائيات كأس العالم وقالت إنها ستدعم حملة بلاتر. وفي يد بلاتر دعم غالبية الدول الافريقية وعددها 53 وعلى الأقل نصف الدول الآسيوية وعددها 47 بالإضافة للأعضاء 11 في اتحاد الاوقيانوس و10 من امريكا الجنوبية ونصف أعضاء اتحاد امريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (الكونكاكاف) وغالبية دول شرق اوروبا. وقد يبدو كافيا ليحقق الرئيس فوزا سهلا لكن هذه المرة لا يمكن تجاهل حجم التهديد الذي تتعرض له سلطته.