أعلن مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية الاربعاء ان عشرة عسكريين فرنسيين سابقين انضموا الى شبكات جهادية معربا عن قلقه خصوصا من مخاطر التطرف داخل الجيش. وقال المصدر «نقدر بعشرة حاليا العسكريين السابقين الذين انضموا الى هذه الشبكات هناك» مؤكدا بذلك قسما من المعلومات التي نشرتها اذاعة «أر أف إي» وصحيفة لوبنيون. واضاف «قلقنا لا يتعلق بالعسكريين السابقين (...) قلقنا يقوم على الحؤول دون تفشي هذه الظاهرة المتطرفة في جيوشنا». وسيتم تعزيز ادارة حماية وامن الدفاع التي تجري تحقيقات داخلية على علاقة بالمخابرات الداخلية مع تجنيد 65 شخصا. ويبلغ طاقم الجهاز حوالى الف شخص مكلفين بحث خصوصا ملفات التجنيد. وذكرت اذاعة «أر اف إي» وصحيفة لوبينيون ان نحو عشرة عسكريين فرنسيين سابقين كان بعضهم ينتمي الى القوات الخاصة والفرقة الاجنبية، انضموا الى صفوف الجهاديين في العراقوسوريا تحت رايات مختلفة. وردا على سؤال حول هذه المعلومات، قدم وزير الدفاع جان ايف لودريان تاكيدا جزئيا. وقال في مؤتمر صحافي حول الاجراءات الجديدة لمكافحة الارهاب التي اتخذتها الحكومة الفرنسية ان هناك «حالات لعسكريين سابقين اغرتهم مغامرة جهادية نادرة جدا». واضاف ان «ادارة حماية وامن الدفاع ستعزز يقظتها، وستزداد الوسائل التي في حوزة هذه الادارة». ويقاتل معظم هؤلاء العسكريين السابقين في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية، على ما ذكرته اذاعة ار اف إي. واضافت الاذاعة ان احدهم يتولى قيادة مجموعة من نحو عشرة فرنسيين قام بتدريبهم للقتال في منطقة دير الزور (شمال شرق سوريا). وذكرت الاذاعة على موقعها الالكتروني ان «اخرين هم خبراء متفجرات (...) شباب في العشرين من العمر، اعتنق بعضهم الاسلام في حين ينتمي اخرون للثقافة العربية المسلمة». وبحسب صحيفة لوبينيون، فان احدهم خدم في فرقة المظليين في سلاح مشاة البحرية في بايون (جنوب غرب)، وهي من فرق النخبة في الجيش الفرنسي ملحقة بقيادة العمليات الخاصة، وتابع فيها تدريب كومندوس على تقنيات قتالية واطلاق نار ونجاة. وبعد خمسة اعوام من الخدمة، انضم هذا العنصر السابق في القوات الخاصة المتحدر من عائلة من اصول مغربية، الى شركة امنية خاصة عمل لحسابها في مواقع نفطية في شبه الجزيرة العربية، كما اضافت صحيفة لوبينيون على موقعها الالكتروني. وكتبت الصحيفة «في تلك الفترة تحول تدريجيا إلى الفكر المتطرف وارخى لحيته وتبع الايديولوجية الاسلامية (المتطرفة)»، مضيفة نقلا عن مصادر مقربة من الملف، انه تم تسريحه لاحقا وتوجه الى سوريا. وارتباطا بالموضوع تعالت أصوات عديدة في الساحة السياسية الفرنسية من المعسكرين اليميني واليساري لمطالبة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بإعادة فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على الجميع (النساء والرجال) كما كان عليه الحال قبل 1997، لمواجهة شبحي الجهاد والإرهاب اللذين يهددان أمن فرنسا واستقرارها في الفترات الأخيرة. فبقرار من الرئيس اليميني السابق جاك شيراك، ألغت فرنسا في 1997 الخدمة العسكرية الإجبارية التي كان معمولا بها منذ 1798 بموجب قانون «جوردان» (5 سبتمبر 1798) إبان الثورة الفرنسية، حيث نصت مادته الأولى «كل فرنسي هو جندي، ويجب عليه الدفاع عن وطنه». ووضع الماريشال جان باتيست جوردان (1762-1833) مفهوم «الجندي المواطن»، حيث تعود الدولة إلى «أبنائها» لتزويد الجيش بالطاقات البشرية لحمايتها والدفاع عنها في وجه أي عدو خارجي، وكانت إجبارية على الرجال من سن 20 إلى 25 عاما، مدتها خمس سنوات كاملة. وأراد شيراك بتخليه عن مفهوم الخدمة العسكرية الإجبارية أواخر التسعينات، تحويل الجيش الفرنسي إلى جيش احترافي، مهني وقوي يعتمد في طاقاته على مبدأ «التطوع» بدل «الإجبارية»، مع فتح باب الحوار الوطني حول القضية، واستبدالها ب «يوم تحضيري للدفاع» ، و»يوم الدفاع والمواطنة». وبين قانون جوردان وقرار شيراك، عرفت الخدمة العسكرية طيلة قرنين من الزمن بفرنسا، مراحل وتطورات كثيرة، حيث تغيرت تسميتها عام 1971 بعد حرب الجزائر (1954-1962) إلى الخدمة الوطنية (بدل العسكرية) وصارت تدوم في صيغتها الأخيرة عشرة أشهر فقط. وزير العمل السابق في عهد نيكولا ساركوزي كزافييه برتران، الذي يحضر حاليا لمشروع قانون سيقترحه على السلطات المسؤولة لإعادة إدماج الخدمة الوطنية في المجتمع الفرنسي، اعتبر في حوار ليومية «لوبارزيان» الفرنسية أن الأمر «مستعجل». واقترح النائب اليميني عن الاتحاد من أجل حركة شعبية أن تدوم الخدمة الوطنية ثلاثة أشهر فقط، وأن تكون إجبارية على النساء والرجال، لتعيد إحياء ذلك الشعور بالانتماء للأمة، وتساهم بشكل كبير في إلغاء الانتماءات السياسية، الدينية أو الاجتماعية لديهم أو حتى التي «توارثوها» عن ذويهم، مع ترسيخ فكرة أن «كل شخص يجب عليه أن يمنح شيئا لوطنه»، وستذكرهم كذلك بأن هنالك قواعد، وهم مجبرون على احترامها والعمل بها. وستكلف الخدمة الوطنية الجديدة التي يعتبرها كزافييه برتران «حلقة» ضرورية في سلسلة البناء الجمهوري، 1.5 مليار أورو، عوض ال3.5 مليار التي كانت تكلف الدولة من قبل، ويمكن أن يتكفل بها عسكريون أو جنود سابقون.