في الفصل الرابع من كتاب «ذاكرة ملك»، الذي يتضمن حوارات صحافية مع الملك الراحل الحسن الثاني أجراها معه الصحافي الفرنسي إيريك لوران، يرد الملك الراحل على سؤال عن المؤامرة التي دبرت ضد العرش سنة 1959، نافيا بزوغ مؤامرة ضده، ومشيرا إلى أن محاولة تسييس جيش التحرير، التي كانت من تدبير المهدي بنبركة، كان هدفها إخضاع التسعة أو العشرة آلاف رجل، المكونين لجيش التحرير، لسيطرة حزب وحيد، وكنتيجة لذلك التحرك تم اختطاف واغتيال عباس المسعدي. وذكر الحسن الثاني أنه تم فيما بعد إلقاء القبض على المدعو حجاج المشتبه في كونه قاتل المسعدي، حيث اعترف بجريمته، وأقر بأنه حاول اغتياله بإيعاز من بنبركة. ننقل من «ذاكرة ملك» المقطع التالي: سؤال: هل اعترف لكم بذلك تلقائيا؟ جواب: بالضبط، لكن الطريف في الأمر أن صداقة متينة أصبحت تربطنا، وهذه هي القصة، فبمجرد القبض عليه اعترف لنا بأنه قتل المسعدي، وهدانا إلى المكان الذي دفنه فيه وقال: قتلته بأمر من بنبركة. وسجل اعترافه كل من وزير العدل وعامل فاس. وثرت غضبا كما كانت عادتي في تلك الفترة، وكلمت أبي هاتفيا مخبرا إياه بعودتي إلى الرباط. وفعلا، عدت في طائرتي، وكان اليوم يوم أحد. وحطت الطائرة في مطار العاصمة، وعند وصولي إلى القصر نظر إلي «المعلم» وعليه أمارة الاندهاش، وقال: لم جئتم؟ وتقمصت شخصية «فنفان لا توليب» المعروف بحماسه وقلت له: المسألة بسيطة، جئت لألقي القبض على بنبركة، فنظر إلي غير مصدق، وقال: كيف؟ فسلمته اعتراف حجاج. وقلت: اقرؤوا، فتأمل الورقة على مهل، ثم أخذ يحدث نفسه مرة بهدوء وأخرى بلهجة حادة: «ليست هناك متابعة ضد بنبركة»، تصوروا الظرف آنذاك، لقد كنا بصدد إدماج عشرة آلاف شخص من جيش التحرير في القوات المسلحة الملكية، كانوا يتجولون أحرارا طلقاء. سؤال: هل نفى بنبركة التهمة الموجهة إليه؟ جواب : أبدا. سؤال: هل تحدثتم إليه في هذا الموضوع؟ جواب: نعم. وابتداء من ذلك الوقت، لم أعد أكن له الاحترام الذي كنت أكنه لأستاذي».