تشهد العاصمة الفرنسية باريس الأحد توافدا كثيفا من رؤساء دول وحكومات العالم لمشاركة إلى جانب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في المسيرة الجمهورية للتنديد بالاعتداءات التي شهدتها فرنسا في الأيام الأخيرة والتي خلفت 17 قتيلا. ويمثل المغرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح دين مزوار، في هذه المسيرة المناهضة للإرهاب. وستكون المسيرة التي ستبدأ الساعة الثالثة عصرا بالتوقيت المحلي صامتة وستعبر عن التضامن وكذلك الشعور بالصدمة الذي ساد في فرنسا والعالم بعد أسوأ هجوم ينفذه إسلاميون متشددون في مدينة أوروبية منذ تسع سنوات. وقتل 17 شخصا بينهم صحفيون وأفراد شرطة خلال ثلاثة أيام من العنف الذي بدأ بهجوم بالأسلحة النارية على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة يوم الأربعاء وانتهى بخطف رهائن في متجر للأطعمة اليهودية يوم الجمعة. وقتل أيضا المسلحون الثلاثة الذين نفذوا الهجمات. وأسفر الهجوم الذي نفذه ثلاثة مسلحين برشاشات أوتوماتيكية وأطلقوا النيران بشكل عشوائي على المتواجدين، عن مصرع عشرة صحفيين واثنين من رجال الشرطة وإصابة نحو عشرين آخرين من بينهم أربعة وصفت حالتهم بالخطرة. وتمكنت الشرطة الفرنسية الجمعة من قتل اثنين من «منفذي الهجوم» على الصحيفة وذلك بعد اقتحام عناصر الشرطة للمبنى الذي كان يتحصنا به في بلدية «دامارتان أو جويل سين ومارن» شمال شرقي باريس ونقلت وكالة رويترز عن مصدر بالشرطة أن أربع رهائن على الأقل قتلوا خلال عملية اقتحام قوات الأمن المتجر. وحسب مصادر قريبة من ملف التحقيقات، فإن الخاطف يشتبه في أنه قاتل شرطية جنوب العاصمة الفرنسية ومرتبط بالأخوين كواشي المتهمين بقتل 12 شخصا الأربعاء في الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو. وأضافت المصادر أن الخاطف تواصل مع الأخوين كواشي. وتسببت الملاحقة الأمنية للشقيقين كواشي في إغلاق المدرج الجنوبي لمطار شارل ديغول القريب من المنطقة، وتم تحويل الطائرات إلى المدرج الشمالي، وهو ما تسبب في حالة ارتباك بحركة الطيران. وأسفرت عمليات الملاحقة التي بدأتها قوات الأمن في أعقاب هجوم الأربعاء الذي أوقع 12 قتيلا، عن وضع تسعة أشخاص من أوساط المشتبه بهما قيد الحجز الاحتياطي، وفقا لما أعلنه وزير الداخلية الفرنسي.. في المقابل، ستكون قوات الأمن على أهبة الاستعداد للمسيرة التي سيشارك بها نحو 40 من رؤساء الدول والحكومات. وستشارك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي في المسيرة مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولوند. ومن المتوقع أيضا مشاركة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومن إفريقيا سيشارك رؤساء مالي إبراهيم بوبكر كيتا والغابون علي بونجو والنيجر محمدو عيسوفو وبنين توماس بوني يايي اضافة الى وزير العدل الأمريكي اريك هولدر ووزير الأمن العام الكندي ستيفن بلاني كما سترسل العديد من الدول الأخرى وزراء الخارجية. وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس «ستكون مظاهرة لا سابق لها سيحكى عنها في كتب التاريخ.» وأضاف «ينبغي أن تكون استعراضا لقوة وعزة الشعب الفرنسي الذي سيهتف بحبه للحرية والتسامح». وفي فرنسا شارك مئات الالاف السبت في مسيرات للاحتجاج على الهجمات. وحمل الكثير من المشاركين لافتات كتب عليها «أنا شارلي» في إشارة إلى الصحيفة التي قتل فيها 12 شخصا بينهم عدد من أشهر رسامي الكاريكاتير في الصحيفة يوم الأربعاء. وقالت بييرين (29 عاما) وهي حامل خلال مسيرة في مدينة نيس «أريد لطفلي أن يولد في عالم أفضل.» وستكون وسائل النقل العام في باريس بالمجان الأحد. وفي إطار العملية الأمنية الضخمة سيحمي أفراد الشرطة الذين يرتدون الزي المدني الشخصيات البارزة وسيتمركز قناصون على الأسطح على طول الطريق من بلاس دو لا ريبوبليك إلى بلاس دو لا ناسيون. وقال وزير الداخلية برنار كازنوف «ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان سلامة من يريدون المشاركة في هذا الحدث». لكن مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف - والتي من المتوقع أن تحصل على دفعة في استطلاعات الرأي بعد الهجمات - قالت إن حزبها سيقاطع مظاهرة باريس وسيشارك بدلا من ذلك في مسيرات محلية. واتهمت الحكومة الاشتراكية بمحاولة استغلال ما حدث للحصول على قدر أكبر من الدعم. المشتبه بها في تنفيذ هجمات باريس تتواجد بسوريا قالت مصادر تركية وفرنسية إن المرأة التي تبحث عنها الشرطة الفرنسية كمشتبه بها في الهجومين على صحيفة ساخرة ومتجر للأطعمة اليهودية في باريس غادرت فرنسا قبل عدة أيام من الهجومين ويعتقد أنها في سوريا. وبدأت الشرطة الفرنسية عملية بحث مكثفة عن حياة بومدين (26 عاما) وهي شريكة أحد المهاجمين ووصفت بأنها «مسلحة وخطرة». لكن مصدرا مطلعا على الوضع قال إن بومدين غادرت فرنسا الأسبوع الماضي وسافرت إلى سوريا عبر تركيا. وأكد مسؤول تركي كبير هذه الرواية وقال إنها مرت عبر اسطنبول في الثاني من يناير. وذكر مسؤول أمني تركي كبير أن باريس وأنقرة تتعاونان الآن في محاولة لتعقبها لكنه أضاف أنها وصلت إلى اسطنبول دون أي تحذير من فرنسا. وقال المصدر التركي «نعتقد أنها في سوريا في هذه اللحظة لكن ليس لدينا دليل على ذلك. على الأرجح هي ليست في تركيا». شاب مسلم أنقذ الرهائن بالمتجر اليهودي بباريس ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن شابا مسلما من مالي يعمل في المتجر اليهودي، الذي احتجز فيه رهائن شرقي العاصمة باريس الجمعة الماضي، أنقذ 15 من زبائن المتجر بإخفائهم في غرفة تبريد في الطابق السفلي من المتجر. وذكرت قناة «بي أف أم» الفرنسية أن الشاب الذي يدعى «الحسن باثيلي» قام أثناء شن أحمدي كوليبالي الهجوم على المتجر بإنزال 15 من الزبائن -تصادف وجودهم فيه أثناء الهجوم- إلى الطابق السفلي ووضعهم في غرفة التبريد، وصعد هو للطابق العلوي عقب ذلك. وفي تصريحات أدلى بها للقناة المذكورة، ذكر باثيلي (24 عاما) أنه نزع سلك المبرد وفصل التيار الكهربائي عنه وعن المخزن تماما، وطلب من الأشخاص الذين وضعهم في المبرد أن يلتزموا الهدوء، وأن لا يحدثوا أي صوت، قائلا لهم إنه سيأتي إليهم ثانية لينقذهم. وأطلقت العديد من وسائل التواصل الاجتماعي في فرنسا على «باثيلي» لقب البطل، كما أنه تلقى العديد من رسائل التهنئة لما قام به.