كشفت مصادر إعلامية فرنسية أن المشتبه بهما قاما باحتجاز رهائن، صباح أمس الجمعة، في بلدة «دامارتان»، التي يبلغ عدد سكانها نحو ثمانية آلاف نسمة، والتي تقع بشمال شرقي العاصمة باريس، على بعد 20 كلم من مطار «رواسي» الدولي. وفيما تحدثت مصادر عن أن تبادل إطلاق النار أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة آخرين بجروح، سارع النائب العام الفرنسي إلى نفي أن يكون تبادل النار قد أدى إلى سقوط قتيل، في الوقت الذي توجهت قوات خاصة وطائرات هيلوكبتر إلى البلدة لمطاردة المشتبه بهما، في تطورات متسارعة عقب الهجوم الدامي الذي استهدف الصحيفة الفرنسية الساخرة «شارلي إيبدو». وحدث إطلاق للنار على بعد 45 كيلومترا شمال شرقي باريس أثناء مطاردة المشتبه بهما، حسب ما نقلت صحف ووسائل إعلام فرنسية، في الوقت الذي كشف فيه وزير الداخلية أن الأجهزة الأمنية جمعت معلومات مهمة، وأن هناك عملية تجري في بلدة «دامارتان»، حيث توجهت إليها قوات خاصة، بعدما لجأ المشتبه بهما إلى مبنى يضم مكاتب تجارية في البلدة واحتجزا رهائن داخل مطبعة. وفيما أشارت مصادر من الشرطة إلى أن المشتبه بهما يحتجزان رهينة واحدة، ذهبت مصادر أخرى قريبة من مكان الحادث إلى أن عدد الرهائن يصل إلى عشرة. وبدأت الشرطة الفرنسية وقوات خاصة في مكافحة الإرهاب بتضييق الخناق عليهما منذ ورود معلومات عن مشاهدتهما من طرف مشرف على محطة وقود قرب مدينة «فيليه-كوتريه»، وكان المشرف على محطة الوقود، الذي أبلغ عنهما، قد أخبر الشرطة بكونهما ملثمين ويحملان بندقية «كلاشينكوف» وقاذفة صواريخ. ونقلت وكالة «فرانس برس»عن شاهد من عين المكان، وهو موظف في المنطقة الصناعية للمدينة قوله إنه سمع تبادل إطلاق نار كثيف عند الساعة السابعة وخمسين دقيقة. ولجأت السلطات الفرنسية إلى نشر قوات من الشرطة والدرك قرب المدينة الواقعة على بعد 80 كيلومترا شمال شرق باريس، وكشف وزير الداخلية الفرنسي أن 5 مروحيات عسكرية تشارك في عملية المطاردة وتحلق على ارتفاع منخفض جدا، مشيرا إلى أن الشرطة الفرنسية طالبت الجميع في المنطقة بالتزام أماكنهم وعدم الخروج، وصرح أحد سكان «دامارتان انغول» في حديثه لمصادر إعلامية «صحونا عند التاسعة والنصف صباحا على أصوات المروحيات. طلبت منا الشرطة إغلاق النوافذ والابتعاد عن الشرفات. الشارع خال من المارة. رجال الإطفاء وسيارات الإسعاف يتدفقون إلى المنطقة». وأعلنت السلطات الفرنسية حالة استنفار وكثفت الحماية الأمنية على المصالح الحيوية وعلى الصحف والجرائد ومؤسسات الإعلام، فيما نشرت 88 ألف شرطي في جميع المدن الفرنسية، في الوقت الذي كشف فيه مدير إحدى المستشفيات المجاورة للبلدة الفرنسية حيث تتم مطاردة المشتبه بهما أنهم تلقوا أوامر بالاستعداد لاستقبال ضحايا محتملين جراء المواجهة المسلحة. فرنسا تتوقع هجمات دموية واتهامات للاستخبارات بالإخفاق اعتبر خبراء في الإرهاب أن السلطات الفرنسية كانت تتوقع هجوما إرهابيا كالذي استهدف الخميس الماضي مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وأودى بحياة 12 شخصا. وأشار الخبراء الفرنسيون إلى أن المخاوف تزايدت بعد أن وجه تنظيم الدولة الإسلامية المعروف ب «داعش» تهديدات مباشرة إلى فرنسا، وتوعد منتمون للتنظيم باستهداف مناطق فرنسية. وأوضح خبراء أمنيون فرنسيون أن المشتبه بهما كانا على قائمة أمريكية للإرهاب، وأن الأجهزة الأمنية الفرنسية كانت تعرفهما، لكن رغم ذلك استطاعا أن ينفذا عملية إرهابية دموية. وفي سياق متصل بمجريات التحقيق، الذي تقوده المصالح الأمنية الفرنسية بخصوص منفذي الهجوم الدامي على «شارلي إيبدو»، كشف مسؤول بالشرطة الأمريكية أن المشتبه فيهما بالهجوم على الصحيفة الفرنسية الساخرة، كانا على قائمة الولاياتالمتحدةالأمريكية السوداء، منذ سنوات. وأشار المسؤول ذاته، في تصريح تناقلته وسائل إعلام أمريكية صباح أمس الجمعة، أن الأخوين شريف وسعيد كواشي المشتبه بتنفيذهما الهجوم المسلح على «شارلي إيبدو» يوجدان على اللائحة الأمريكية، التي تخصص لمن تجب مراقبتهم ويمنع عليهم ركوب أي طائرة متوجهة إلى الأراضي الأمريكية. وألقت الأجهزة الأمريكية الكثير من الضوء على ما أظهره الهجوم من خبرة يتمتع بها المشتبه بهما. إذ ذهب مسؤول بالاستخبارات الأمريكية إلى أن المشتبه بهما تلقيا تدريبا في اليمن. وأضاف أن سعيد كواشي تلقى تدريبا في معسكر تابع للقاعدة في اليمن، وأنه أقام باليمن عدة أشهر تلقى خلالها تدريبات مكثفة على يد خبراء القاعدة مكنته من إجادة استعمال أنواع مختلفة من الأسلحة. كما كشف مسؤولون يمنيون أن الحكومة اليمنية كانت على علم بارتباط سعيد كواشي بتنظيم القاعدة عندما حل باليمن، وذلك على عهد أنور العولقي، الذي كان يعتبر الزعيم الروحي للقاعدة في جزيرة العرب، وهو ما دفع الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى وضعه على قائمة بياناتها الأمنية. وحسب المصادر ذاتها، فقد وضع المسؤولون الأمريكيون سعيد كواشي في قائمتين منفصلتين خاصتين بالإرهاب: الأولى تسمى بيانات شديدة السرية لمكافحة الإرهاب تحتوي على معلومات حول مليون مشتبه بهم محتملون من مختلف دول العالم. والثانية قائمة أصغر نسبيا، وهي الأكثر تدقيقا ومخصصة لمن يحظر عليهم ركوب أي طائرة متوجهة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. بالمقابل لم تدرج وكالات مكافحة الإرهاب الفرنسية الأخوين كواشي في قوائمها المخصصة لمن تثار حولهم الشكوك أو تجب مراقبتهم، ولم تعتبرهما يشكلان تهديدا للأمن الفرنسي. إذ أن الشقيقين معا تجنبا أي أنشطة ربما تجتذب اهتمام أجهزة الأمن والمخابرات الفرنسية. إذ كان سعيد كواشي بعد عودته من اليمن هادئا في تصرفاته، ولا يقوم بأي شيء يثير شكوك الأجهزة الأمنية الفرنسية. تحذيرات من تكرار الهجوم في عواصم أوربية أخرى عقب الهجوم الدامي على «شارلي إيبدو» أعلنت مجموعة من البلدان الأوربية حالة من الاستنفار الأمني وعززت تواجدها الأمني في الشوارع وقرب المراكز الحيوية والمؤسسات الإعلامية، بعد تقارير تحذر من هجمات مسلحة مماثلة. وقد حذرت المخابرات البريطانية، أمس الجمعة، بأن الدول الأوربية مهددة باعتداءات واسعة تخطط لها مجموعة سرية متطرفة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، مضيفة أن المنتمين لتنظيم القاعدة لا يقلون خطرا عن مقاتلي داعش».» وكشف جهاز «إم آي 5»، وهو جهاز الاستخبارات البريطانية، عن وجود مخططات لاعتداءات قد يقوم بها مقاتلون عادوا من سوريا. وقال أندور باركر المدير العام لجهاز «إم آي 5»: «نحن نواجه باستمرار مؤامرات أكثر تعقيدا وأكثر طموحا وهي للأسف قائمة حاليا، تنتهج مقاربة القاعدة ومن يقلدها: محاولات لإلحاق خسائر بشرية كبيرة غالبا من خلال مهاجمة وسائل النقل أو أهداف رمزية. فيما أعلنت السلطات الفرنسية أن العاصمة باريس ستحتضن يوم الأحد مؤتمرا دوليا بمشاركة الولاياتالمتحدةالأمريكية على خلفية الهجوم الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو».» ويأتي المؤتمر، حسب وزير الداخلية الفرنسي، للتضامن مع فرنسا وبحث خطة أوربية لمحاربة الإرهاب، حيث يعتزم الأوربيون دراسة المخاطر الأمنية التي يشكلها الشباب الأوربيون الذين يتجهون للقتال في سورياوالعراق. ومن المنتظر الاتفاق على تعزيز جهود جمع وتبادل المعلومات بين أجهزة الأمن الأوربية. وكانت الولاياتالمتحدة قد تقدمت بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لتجريم القتال إلى جانب المسلحين في العراقوسوريا، حيث يقترح المشروع اتخاذ إجراءات بحق الذين يسافرون أو يخططون للسفر إلى بلد «بغرض ارتكاب أعمال إرهابية أو التخطيط أو الإعداد لها أو المشاركة فيها». انتحار شرطي يحقق في الهجوم على الصحيفة قبل تقديم تقريره تداولت وسائل إعلام فرنسية أن شرطيا محققا في الهجوم الذي استهدف مقر الصحيفة الفرنسية، قد انتحر بطلقة من مسدسه الوظيفي. ونقلت المصادر ذاتها أن الشرطي الذي انتحر بسلاحه الوظيفي يعد ثانيا في تسلل الفرقة المكلفة بالتحقيق في الهجوم الدموي على الصحيفة، ويشغل منصب المدير الجهوي للشرطة القضائية بمدينة ليموج الفرنسية. وحسب مصالح من الشرطة الفرنسية، فإن عميدا للشرطة القضائية الجهوية لمدينة ليموج غربي فرنسا، وضع حدا لحياته بطلقة من مسدسه الوظيفي، وقد كان يشتغل رفقة آخرين على ملف الهجوم الذي أودى بحياة 12 شخصا وعدد من الجرحى. ونفت مصادر من الشرطة الفرنسية أن يكون لحادث الانتحار أي علاقة بالهجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو".