سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التجزيء السري.. هكذا تحولت «قصيبة موح» إلى مدينة عشوائية بين أحضان جبال الأطلس المتوسط أحياء غير مهيكلة تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية وتشوه جمالية المنطقة
تكاثرت فيها المباني في السنتين الأخيرتين مثل نبات الفطر، حيث سارت تزحف ببطء نحو المرتفعات نظرا لغياب وعاء عقاري على مشارف لقصيبة ومجموعة الإشكالات المرتبطة بتصميم التهيئة، إضافة إلى توسع ديمغرافي هائل لم تجاريه لا البنية العقارية المحلية ولا حركة الهجرة نحوها، إنها قصيبة موح أو سعيد الويراوي التي طالما انتصبت شامخة في وجه التاريخ والجغرافيا، صار واقعها اليوم يؤسف الزوار نظرا للطابع العشوائي الذي باتت تتسم به مع التخبط في مشاكلها السياسية والعمرانية... أحياء عشوائية غير مهيكلة، لا تتوفر على أبسط الخدمات الأساسية مثل الربط بشبكتي الماء والكهرباء ناهيك عن عزلة مساكنها الجبلية. انتقلت "المساء" إلى مرتفعات دير الأطلس المتوسط حيث الطبيعة الخلابة، التي تعكس جماليتها بنية عمرانية مشوهة لا تنسجم البتة مع الطابع الأصيل للمنطقة، فكيف استحالت هذه المنطقة لما هي عليه اليوم؟ وما هي مختلف العوامل التي أدت إلى هذه الوضعية؟ وما هي وجهة نظر المشرع الذي بات اليوم عاجزا أمام حل جذري للمسألة؟ أسئلة ضمن أخرى يحاول الروبورتاج التالي ملامستها.. كي يتم تشييد مسكن مرخص بالعالم القروي تقتضي التشريعات المنظمة ضرورة التوفر على ملكية 1 هكتار من العقار لاستيفاء المساطر القانونية، ويظل هذا الشرط تعجيزيا بامتياز إذ أن الغالبية العامة من السكان القرويين لا يتوفرون على المساحة المطلوبة، وذلك ناتج أساسا عن ضعف وقلة الوعاء العقاري بالمجال القروي، سيما الجبلي منه، المتسم بصعوبة التضاريس، هنا يجد المواطنون أنفسهم أمام حائل قانوني، مما يفسح المجال أمام التقسيمات غير القانونية، بهذا الصدد يشير رئيس المجلس القروي لدير لقصيبة بأنه يجب على السلطات الوصية تحيين تصاميم التهيئة باستمرار لمجاراة التوسع الديمغرافي للسكان ورفع اليد عن المناطق السكنية الجديدة (غير القانونية) وإنجاز هيكلة لها بغية إدماجها في تنطيق جديد لتصميم التهيئة، تلك الأحياء التي كان معظمها مكون من دواوير (نوالات) قبل البناء من قبيل منطقة «إمين دفيرس» بمارمان... اقترح الرئيس في معرض معالجته للإشكالية، ضرورة التحلي بقرار سياسي جريء لإتمام البناء والتراخيص، هذا القرار يعنى به جميع المتدخلين في مجال التعمير الذين يجب عليهم البحث عن صيغة مشتركة لتجاوز إشكالية الدور المشيدة بدون وثائق قانونية. مذكرا بأن لقصيبة لوحدها تعرف أزيد من 500 مسكن تم تشييده بطريقة غير قانونية، أنجزت لها محاضر مخالفة، فالسياسات المتبعة من لدن المجالس السابقة عمقت المشكل بتسجيل زهاء 3600 مخالفة معظمها مخالفات إصلاح. مسيرة مفبركة نظمت قبل أيام مسيرة شعبية في اتجاه مقر باشوية لقصيبة، كان مطلبها المعلن هو الاحتجاج على غلاء فواتير الماء والكهرباء، قبل أن يفاجأ الباشا لدى استقباله لممثلين عن المسيرة بأن الأمر يتعلق بمسيرة للحرفيين في مجال البناء، يلحون على تبسيط المساطر «المعرقلة» لنشاطاتهم الحرفية، كيف لمسيرة تنظم لمطالب اجتماعية صرفة تنقلب إلى مسيرة مهنية؟ يعلق أحد الحقوقيين الناشطين ب»لقصيبة»، متابعا «لقد أرادوا الضغط على الباشا الجديد لكنه فطن لحركتهم... كان هناك أزيد من 100 حرفي في مجال البناء يحصلون قوتهم اليومي من مجال التعمير، وجدوا أنفسهم أمام حزم السلطات في التعاطي مع البناء غير القانوني مما هدد بتوقيف أنشطتهم الحرفية، فابتكروا تلك المظاهرة المغلفة بمطالب اجتماعية حتى يجدوا آذانا صاغية لمطالبهم الحقيقية.. «إن معضلة البناء غير القانوني تعرف انزياحا نحو تهديد السلم الاجتماعي فيتم النظر فيها بقرارات شجاعة..»، هكذا علق رئيس المجلس الجماعي على المظاهرة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، لأن «حال الناس أصبح متوقفا». في بلاد العرف.. يظهر للوهلة الأولى أن القوانين وترسانة التشريعات تبقى كفيلة بتأطير إشكالية التعمير، لكن بالتعمق في المسألة يظهر أن الأعراف المحلية ليست ببعيدة، إذ أن جانبا من الإشكالية المتعلق بالمجال القروي حيث تسود البنية العقارية لبلاد الجموع، يطرح معه المشكل بتعبيرات أخرى، فهناك ترامي على أراض الجموع بدورها التي لم تسلم من ظاهرة التقسيمات غير القانونية، حين يلجأ ذوو الحقوق إلى التحايل على التشريعات التي تحرم تفويت أراضي الجموع بعقود كراء طويلة الأمد، تصل إلى 99 سنة، علما أن ذلك يقع تحت طائلة القانون، بحكم أن تلك العقود يجب عرضها على مجلس الوصاية التي تشرف عليه السلطات المعنية. كذلك، يظهر تجلي آخر للأعراف القبلية حيث أن أغلب الأوعية العقارية التي تشيد عليها المساكن، مكتسبة نتيجة لإرث عائلي، الذي يغلب عليه طابع النزاعات الطويلة، حيث يتطلب ذلك من المحاكم الشرعية أمدا طويلا للبت فيها. بالمقابل تنتصب مؤسسة عرفية وهي مؤسسة «أمغار» وهو المنصب الاجتماعي الذي يخول لصاحبه النظر في مختلف النزاعات من قبيل، تحديد الحدود العقارية، وتنظيم «نوبات» الري، والإرث والرعي.. تتدخل هذه المؤسسة بفعالية في مجال تنظيم المشاكل العالقة حيث ساهمت في حل نزاعات معروضة أمام القضاء منذ 20 سنة، باستقبال «أمغار» لأزيد من 30 نزاعا تعرض عليه أسبوعيا، كما يرتب الجزاءات في حال عدم الامتثال لمقررات مجلسه «إمورن»، تارة بالمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية وتارة أخرى بفرض عدد معين من الضيوف على الذي رفض الامتثال بدعوى خروجه عن إجماع القبيلة المجسد في قراراته.. محطة تنقلب إلى منطقة سكنية في تصميم التهيئة قبل الأخير كان منتظرا تخصيص عقار كبير لبناية المحطة الطرقية ل «لقصيبة» إلا أنه عند نهاية الأشغال كان هناك حيزا متواضعا لبناية المحطة، فيما تحولت المساحات الشاغرة الأخرى إلى بنايات، في هذا الصدد أشار فاعل حقوقي عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان : « تصميم التهيئة السابق عرف تطبيقه كوارث وتجاوزات مقارنة بما كان مقررا...» شأنه في ذلك شأن العديد من المرافق التي كانت مقررة كملاعب القرب والمنتزهات وما إلى ذلك من خدمات المرافق الأساسية. كذلك عرف مشروع تغازوت نوحليمة الذي تشرف عليه ولاية بني ملال بشراكة مع مصالح البلدية، عدم تطابق المنجز منه حاليا مع ما هو مقرر في تصاميم وخطط المشروع وبالتالي يبقى تصميم التهيئة كوثيقة مرجعية في التعمير دون تصور شمولي، مما حدا بممثلين عن المجلس القروي لجماعة القصيبة إلى التصريح بأن تلك الوثيقة كانت «كارثة حقيقية «... من جملة المشاكل أيضا عدم إقرار ذوي الحقوق في أراضي الجموع بتصميم التهيئة وهو الشيء الذي يفضي إلى تقسيمات عقارية غير قانونية. في مقابل التجزئة القانونية، إذ يعمد بعض المنتخبين وعناصر لوبي العقار بشراء أوعية عقارية تناهز 1 هكتار يتم تقسيمه إلى «تربيعات» من 100 متر مربع، ليتم بيع البقعة الواحدة بثمن يقع بين 6 و7ملايين سنتيم.. تبقى إشكالية اشتراط التشريعات المنظمة لملكية1 هكتار كابحا للسكان من ولوج إحدى الخدمات الأساسية ألا وهي السكن. ربيع لوبي العقار جل المتدخلين الذين التقتهم «المساء» تقاطعوا في نقطة أساسية مفادها أن أحد عوامل انتعاش التقسيم العقاري غير قانوني تمثلت في إحداث ما سمي بحراك الربيع العربي وتداعياته بالمغرب بعد أن زادت حدت المطالب الجماعية وعلى رأسها مطلب السكن للفئات الاجتماعية الهامشية سواء في بلدية القصيبة ومنطقة امين دفيرس بمارمان وفم العنصر بمنطقة أدوز التي ظهرت بها مدينة عشوائية تناهز 3000 مسكن تابعة لعمالة بني ملال، وأيضا منطقة تادلة التي ظهرت بها قرابة 5000 مسكن غير قانوني، وقد شجع الأهالي في مرماهم ذاك وقوع أراضيهم داخل أو على مشارف المناطق الحضرية الجديدة التي زحفت صوب أراضيهم إذ كانت هذه التجمعات السكانية تعج بحالات السكن الإنسانية المتكون أساسا من نوالات أمام هذه الأوضاع انتعش المقاولون وحرفيو البناء في مضمار البناء غير المرخص، ناهيك عن ارتفاع مصاريف الحصول على ترخيص قانوني للبناء الذي قد يصل إلى 10000 آلآف درهم بمعدل يقع مابين 20 و30 درهم للمتر المغطى « الظالة « مما يشجع المواطنين على خدمات البناء غير المرخص، لكن تبقى الملاحظة المسجلة في مجال القصيبة وديرها بخصوص انتعاش البناء غير المرخص والتقسيم العقاري غير القانوني تنسحب على معضلة السكن العشوائي بالمدن التي عرفت بدورها انتعاشا للسكن العشوائي، حيث تصبح الرهانات المتعلقة بمطلب السكن ذات أبعاد تجارية أكثر منها خدماتية حين يعيد مقتنو تلك العقارات غير المرخصة غالبا بصيغ التنازل أو الكراء لمدد طويلة بالنسبة لأراضي الجموع مما يضفي على الإشكالية تعقيدا أكثر «بيع تحت بيع»....
ملعب يتحول إلى قطع أرضية طالما استمتع بفسحته شباب ويافعو منطقة إغرم لعلام، قبل أن يستفيقوا على تجزئته إلى بقع أرضية، بحكم عدم إنجاز الملعب الذي كان مقررا ضمن تصميم التهيئة، وارتهان أصحاب الوعاء العقاري بهذه الوثيقة التعميرية المتعثرة التطبيق. لكن ما إن تناهى إلى علم لجنة اليقظة المحلية تجزيء الملعب حتى نظمت دورية مشتركة بين كل من السلطة المحلية والمصالح التقنية وعناصر القوات المساعدة التي شكلت خفر الدورية، حيث يروي الأهالي ل «المساء» عبر مجموعات بؤرية مقدم ممثل السلطة المحلية بزيه العسكري، مرفوقا بتقنيي المصالح البلدية وعمالها والشيوخ والمقدمين ذات صباح، حينما باغثوا بنائي التجزئة السرية وعمدوا تحت أوامر ممثل السلطة المحلية، إلى حجز مواد البناء فيما تكلفت الجرافة المرافقة للجنة اليقظة المحلية بردم 8 أساسات لدور كانت في الطور الأولي للتشييد، لقد تحلق الأهالي حول «الملعب» الذي انقلب لتوه تجزئة عمرانية تحت جنح الليل، وكأنهم يشاهدون مجالدة السلطات المحلية مع لوبي العقار على أرضية ملعب زمكيل الذي لم يكتب له أن يرى النور، بعد ردم الأساس الأول قفز أحد المواطنين من بين الجموع مخاطبا أحد عناصر القوات المساعدة : «راه الدار ديال خويا وماشي من حقكوم تردمو ليه الساس وديو السلعة...» مذكرا العنصر نفسه بأن هناك دورا كثيرة دونها في طور التشييد، هنا تدخل ممثل السلطة بحزم مذكرا المواطن بأن شقيقه يشيد منزله دونما أدنى وثيقة، وحتى عقد شراء البقعة لا يتوفر عليه بدعوى التحايل حتى إتمام جزء من الأعمال، للتعاقد مع مالك القطعة على أساس اقتناء دار في طور التشييد، إذ يبقى ذلك جزءا من واقع الاحتيال والالتفاف على المقتضيات التشريعية المنظمة للبناء والتعمير.
معضلة الخدمات الأساسية من جملة المشاكل الناشئة عن ظاهرة التقسيم السري، هناك مشكل الربط بالخدمات الأساسية من قبيل المسالك الطرقية وشبكة الماء والكهرباء، فبعد أن يعمد أصحاب المساكن المشيدة إلى إكمال أشكال البناء، يصادفون عارض عدم قانونية البناء لأجل استصدار رخصة مطابقة المسكن، هنا تبدأ رحلة الاحتجاج على الخدمات الأساسية، مما حدا بالبلدية إلى إدماج تلك الدور والأحياء غير مهيكلة ضمن مخططات التنمية المحلية التي ناهزت 96% تم ربطها بشبكة الماء والكهرباء وكان آخر مشروع شمل دمج 144 مسكن شيد بطريقة غير قانونية... تعود الأسباب المباشرة لهذه المشكلة، إلى عدم شمول جل التجمعات السكنية غير القانونية في وثائق التعمير من قبيل تصميم التهيئة وتصميم التنطيق وكذا تصميم التوطين، تلك الوثائق التي عرفت معارضة شديدة داخل المجلس وكذلك من لدن ناشطين حقوقيين وفاعلين إعلاميين، الذين قاموا بمراسلة الوالي ووزير الداخلية ووكيل الملك بالصدد ذاته، مما دفع إلى إصدار تصميم تهيئة جديد لم ينجز منه –إلى حدود كتابة هذه الأسطر- إلا صورة جوية ينتظر أن يعرف الأسبوع المقبل توطين السكان على المساحات المعدة للتهيئة قبل أن تبت فيه سلطات الوكالة الحضرية. فمشكل التقسيم السري يطرح مشاكل تعميرية أخرى من قبيل خدمات الصرف الصحي والربط بشبكات توزيع الماء التي تنقلب بدورها إلى مطالب لاحقة على التشييد غير القانوني للمساكن. نظرا لحساسية مسألة التعمير بالمنطقة، فرض إعداد تقرير مفصل عن الوضعية التعميرية بدائرة نفوذ القيادة، وإدماجها ضمن طقس تسليم السلط. وتتلخص اختصاصات رجل السلطة في إطار المقتضيات القانونية المنصوص عليها في القانون المتعلق بالتعمير رقم 12- 90الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 31-92-1 بتاريخ 15 ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992، وكذا القانون رقم 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 7-92-1 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992. في معاينة المخالفة، وتحرير محضر المعاينة كما يوجه باقي الأطراف لها محضر المعاينة لأجل تتبع مآل محاضر المعاينة بغية الهدم وإزالة المخالفة وكذا مراقبة الأحياء الصفيحية وزجر المخالفات. إقرار بوجود تقسيم عقاري سري في مقابلته ل«المساء» اعترف مفوض التعمير داخل المجلس البلدي ل«القصيبة» بوجود تقسيمات غير قانونية لكن ليس «تجزيئا سريا» والذي يعود بحسبه، إلى تعقيدات المساطر لأجل استصدار رخص ووثائق البناء وغلاء كلفتها على المواطنين البسطاء الذين ينتقلون لتوهم من طور الترييف «راه ثمن بقعة هو ثمن الرخصة»... كذلك يقر بمساهمة مصالح البلدية والمجلس الجماعي في عدم تحيين تصاميم التهيئة، إضافة إلى وجود متدخلين كثر، متمثلين في السلطة المحلية والمجلس الجماعي ومفتشية التعمير والوقاية المدنية ووزارة الفلاحة..كل ذلك يعيق من التوفر على تصور واضح لمسألة التعمير، المشكل يظل مركزيا «في الرباط» في وضع قوانين معممة بين السهول والجبال والمدن، دونما احترام للخصوصيات البشرية والطبيعية، يضيف المتدخل نفسه. هناك تطور ديمغرافي تعرفه المنطقة، لا توازيه سياسة عمرانية محلية فعالة، كما أن الاستمرار في تعقيد المساطر على المواطنين من شأنه أن يؤثر على ظاهرة الهجرة من الدير وباقي المناطق القروية الجبلية صوب المراكز الحضرية الأكثر جذبا مثل لقصيبة وبني ملال وقصبة تادلة.. في السياق ذاته يضيف فاعل حقوقي بأن حق السكن هو مكفول دستوريا يجب على السلطات الانتباه له، كما يؤكد على الحق في ولوج المعلومات العمومية بالاطلاع على وثائق التعمير ونشرها عموميا على المستوى المحلي. مذكرا بوجود اختلالات بيئية داخل منطقة لقصيبة، الناتج عن مصنع الإسمنت المشيد حديثا، وكذا عن محطة التصفية الخاصة بمياه الصرف الصحي. غياب التنسيق بين المتدخلين نظرا لكثرة المتدخلين في ميدان التعمير، تظل إشكالية التنسيق أهم المشاكل التي تعوق عمل تلك الجهات، فإلى جانب الوكالة الحضرية المضطلعة بالجوانب التقنية سيما إعداد تصاميم التهيئة، هناك الجماعات الترابية التي تتبع عن كثب أشغال مشاريع التعمير وكذا وزارة الإسكان التي يفترض بها أن تشرف على تطابق مخططات التنمية المحلية مع التصاميم المركزية تحت إشراف المفتشية العامة للتعمير والسلطات المحلية... كذلك يعرف تشعب المتدخلين بمناسبة منح الترخيص الذي تتكون لجانه من المكتب الوطني للماء والكهرباء والسلطة المحلية والجماعات الترابية والوقاية المدنية ووزارة الفلاحة. إذ أن رئيس المجلس الجماعي يسلم الرخصة فقط التي يؤشر عليها جميع المتدخلين المشار إليهم آنفا.. إشكالات مطروحة على الميثاق الجماعي الجديد بمناسبة إعداد الميثاق الجماعي الجديد الذي من المرتقب أن يؤطر التجارب الترابية شهر يونيو من هذه السنة، هل سيتدارك المشرع مختلف مناطق العتمة في الميثاق السابق، سيما تلك المتعلقة بصلاحيات رئيس المجلس الجماعي، وكذا صلاحيات السلطة المحلية، التي يقع على عاتقها ضبط وتأطير العالم القروي، إذ غالبا ما يواجه عملها بالمقولة الشعبية الرائجة «ديتك في جيبي..»بمعنى أن مرتكبي المخالفات لا يتوانوا على التمادي بذريعة أن آخر المطاف يعرف تسجيل مخالفة وغرامة بسيطة لا تتجاوز 4000 درهم، فهل يتجه المشرع مثلا إلى تجريم تلك المخالفات العمرانية حتى يضرب بيد من حديد على كل المتمادين في تشويه النسيج العمراني، كذلك الشأن في إخضاع مسألة حيوية من قبيل التعمير في رهانات انتخابوية، التي يعبث بها عادة ممثلو السكان؟ تبقى تلك أهم الإشكالات المطروحة على المشرع بمناسبة إعداده للوثائق القانونية المقبلة. ملاحظات اللجنة الإقليمية المختلطة 2014 إن نتائج تقرير اللجنة الإقليمية المكلفة بمراقبة البناء غير القانوني التي تشكلت من قسم التعمير والبيئة بولاية بني ملال، وممثل الوكالة الحضرية لبني ملال، قامت بجولة ميدانية تفقدية بمجموعة من الدواوير بالجماعة القروية دير القصيبة، بتاريخ 17/18/19 من شهر شتنبر 2014، والتي جاءت استجابة لمراسلة رئيس دائرة القصيبة حول انتشار البناء بقيادة أيت ويرة، تبرز المجهودات المبذولة بهذا الصدد، في مواجهة البناء غير القانوني، وبينت الأرقام التي سجلتها لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية لدى زيارتها لمصالح جماعة دير القصيبة، خلال الفترة الممتدة من 18 فبراير إلى فاتح مارس 2013، حجم الاختلالات التي كان يعرفها قطاع التعمير وغياب التنسيق بين المتدخلين، وهو ما عملت هذه السلطة على تجاوزه وتصحيح الاختلالات بناء على ملاحظات لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية. في السياق ذاته يمكن للسلطة في إطار ممارسة مهام الضابطة إذا اقتضى الأمر ذلك، بصفتها ضابطا للشرطة القضائية طبقا للمواد 20، 21، 22، 23 من الظهير الشريف رقم 255-02-1 صادر في 25 من رجب 1423 بتنفيذ القانون رقم 01-22 المتعلق بالمسطرة الجنائية (ج. ر. بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 - 30 يناير 2003). توجيه شكاية إلى وكيل الملك لدى المحكمة المختصة إذا اقترنت مخالفة التعمير بأفعال مجرمة حسب القوانين الجاري بها العمل وفق ما تنص عليه قواعد المسطرة الجنائية، كأن يقوم المخالف بمنع السلطة الإدارية من أداء وظيفتها المتمثلة في المعاينة أو أن يقوم بإهانتها أو إهانة أحد أعوانها بالسب والقذف أو إحداث فوضى بالشارع العام، فعلى المستوى العملي غالبا ما تقترن هذه الأفعال بالجنح والجرائم المشار إليها، وهو ما يقتضي الرجوع إلى السلطة القضائية حتى تتم إزالة المخالفة. خلاصات التفتيش الذي خضعت له دير القصيبة شهدت حركة التعمير والبناء منذ سنة 2012 نموا ملحوظا على مستوى الجماعة القروية دير القصيبة ، وخاصة مركز إغرم العلام خصوصا مع الانفجار الديمغرافي الذي تعرفه كثير من المدن والقرى المجاورة لها، حيث أن الهجرة القروية جعلت من المراكز المحددة والمناطق شبه الحضرية المحيطة بالمدن مناطق استقطاب للهجرة القروية، وقد صاحب هذا النمو انتشار ظاهرة البناء غير القانوني. لقد نجم عن هذه الوضعية العديد من التداعيات جراء بروز أحياء غير مهيكلة وانهيار بعض الأبنية بحكم موقعها أو تقادمها، أو لعدم مراعاتها لشروط الجودة والسلامة والصحة، خاصة وأن المنطقة تشهد في فترة تهاطل الأمطار فيضانات موسمية، كما هو الحال بالنسبة لدواري «شقوندة» و»أيت حمو عبد السلام» حيث عرفا الدواران المذكوران فيضانات طوفانية بتاريخ 09 مارس 2010، مما خلف انهيار 12 منزلا وتصدع 07 منازل أخرى ووفاة 07 أشخاص. لقد خلصت نتائج التفتيش التي سجلتها لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية لمصالح جماعة دير القصيبة، خلال الفترة الممتدة من 18 فبراير إلى فاتح مارس 2013، حول المراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير إلى ما يلي: - تسجيل ضعف ملحوظ على مستوى مراقبة البناء غير القانوني من طرف مصالح الجماعة وتقاعس أعوان المراقبة المحلفين عن أداء واجبهم في مراقبة البناء، بحيث سجل المكتب التقني 13 مخالفة خلال سنوات 2010، 2011، 2012، على الرغم من وجود ثلاثة أعوان محلفين ضمن موظفي القسم التقني، وبالمقابل سجلت لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية اعتماد مصالح الجماعة على المحاضر التي تحررها السلطة المحلية باعتبارها الجهة الأساسية التي تنشط في مراقبة البناء، فقد حددت لجنة التفتيش عدد المخالفات المسجلة من طرف السلطة المحلية، على مستوى تراب جماعة دير القصيبة، حيث بلغت 18 مخالفة برسم سنة 2010، و 25 مخالفة برسم سنة 2011، و90 مخالفة برسم سنة 2012 أي ما مجموعه 142 مخالفة. - غياب أي شكل من أشكال المراقبة وتتبع أشغال البناء المرخص لها، بحيث لوحظ أنه بالرغم من تسليم 292، 308، و 113 رخصة بناء على التوالي سنوات 2010، و2011، و 2012 فلم يتم قط طلب أي رخصة سكن أو شهادة المطابقة. - استغلال المستفيدين لرخص الإصلاح في إنجاز أشغال غير تلك المرخص لها، حيث تم تسجيل تسليم 199 رخصة إصلاح سنة 2010، و 104 رخصة إصلاح سنة 2011، و 18 رخصة سنة 2012، وتخص أساسا تبليط الجدران وترميم الشقوق و»الفورمة» الأرضية بداخل المنازل. وتجدر الإشارة إلى أن لجنة المفتشية العامة للإدارة الترابية سجلت في الملاحظة 15 من التقرير المتعلقة بمهام الشرطة الإدارية، وخاصة النقطة الثانية حول احترام الوحدات المهنية والصناعية لنظام الترخيص بالفتح، المعمول به وفق المادة 50 من الميثاق الجماعي، إلى وجود 34 وحدة لصنع لبنات البناء دون التوفر على رخصة الفتح. خطة عمل السلطة المحلية تعمل للتصدي لظاهرة البناء العشوائي وغير القانوني وإيقاف النزيف ومعالجة انعكاساته السلبية ،ليس فقط على المشهد العمراني للمنطقة، بل وما تشكله من خطر على سلامة المواطنين وممتلكاتهم، فضلا عن تبعاتها الاقتصادية والعقارية على ميزانية الدولة والجماعات الترابية، وهو ما استوجب تقوية آليات اشتغال السلطة المحلية بالتعاون مع باقي المتدخلين في القطاعات المعنية لمراقبة البناء غير القانوني، خصوصا رؤساء الجماعات القروية والدرك الملكي والقوات المساعدة، وذلك بتكريس المهنية وبالتطبيق السليم للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ولكي يتميز عمل السلطة الإدارية بالفعالية فقد تم نهج خطة العمل المتمثلة في المراقبة الميدانية والمستمرة لحركة البناء في إطار لجنة اليقظة المحلية، وذلك تنفيذا لما جاء في الاجتماع الذي ترأسه رئيس دائرة القصيبة بالنيابة والمنعقد بمقر دائرة القصيبة بتاريخ مارس 2014، والذي حضرته كل من السلطة المحلية، ورئيس المجلس القروي لجماعة دير القصيبة، وأعوان المراقبة المحلفين والمكلفين بالمكتب التقني للجماعة. إحداث نظام المداومة يومي السبت والأحد للقيام بدوريات مستمرة من طرف المكتب التقني المكلف بالتعمير بتعاون مع السلطة المحلية. تتبع مآل ومراحل مسطرة الزجر. الصرامة في التدخل. توفير الوسائل اللوجيستيكية من طرف مصالح الجماعة القروية لدير القصيبة ( جرافة، شاحنة لنقل المحجوز، اليد العاملة، المحجز ). إشكالات مطروحة على الميثاق الجماعي الجديد بمناسبة إعداد الميثاق الجماعي الجديد الذي من المرتقب أن يؤطر التجارب الترابية شهر يونيو من هذه السنة، هل سيتدارك المشرع مختلف مناطق العتمة في الميثاق السابق، سيما تلك المتعلقة بصلاحيات رئيس المجلس الجماعي، وكذا صلاحيات السلطة المحلية، التي يقع على عاتقها ضبط وتأطير العالم القروي، إذ غالبا ما يواجه عملها بالمقولة الشعبية الرائجة «ديتك في جيبي..»بمعنى أن مرتكبي المخالفات لا يتوانوا على التمادي بذريعة أن آخر المطاف يعرف تسجيل مخالفة وغرامة بسيطة لا تتجاوز 4000 درهم، فهل يتجه المشرع مثلا إلى تجريم تلك المخالفات العمرانية حتى يضرب بيد من حديد على كل المتمادين في تشويه النسيج العمراني، كذلك الشأن في إخضاع مسألة حيوية من قبيل التعمير في رهانات انتخابوية، التي يعبث بها عادة ممثلو السكان؟ تبقى تلك أهم الإشكالات المطروحة على المشرع بمناسبة إعداده للوثائق القانونية المقبلة.