حين يتعلق الأمر بممارسات سيئة وبأفعال مشينة توجه سهام النقد والهجوم على جمهور فريق الجيش الملكي، وهو الأمر ذاته بالنسبة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي تستعجل إصدار العقوبات في حقه بتهم تتعلق بالضلوع وراء أعمال العنف والشغب، بل تتم معاقبته بالتوقيف حتى ولو لم يكن متورطا كما وقع خلال مباراة إياب نهائي كأس العرش أمام الرجاء بالرباط بداعي الرغبة في تجنب اصطدامات محتملة. وكأن هذه هي المناسبة الوحيدة التي سيلتقي فيها جمهور الفريقان. سياق هذا الحديث يأتي بالتزامن مع مجموعة من المبادرات التي يقوم بها جمهور «الزعيم» غير أنه ومع كامل الأسف لا تحظى بالمواكبة المطلوبة رغم أهميتها، بل غالبا ما يتم تقديم جمهور الجيش في صورة سيئة ويتم حجب كل المبادرات الحميدة التي يقوم بها، والتي تستحق الكثير من التنويه والإشادة. لقد أقدم فصيل «البلاك آرمي» على تقديم التعازي لعائلات المشجعين الوداديين الأربعة الذين لقوا حتفهم في حادثة سير مميتة بمدينة أسفي وقبلها أطلق فصيل «الالترا عسكري» قافلة للتضامن مع منكوبي الفيضانات الأخيرة بالأقاليم الجنوبية من أجل جمع المساعدات ودعا جميع الالترات المساندة للفرق الوطنية إلى الانخراط في العمل التضامني، وذلك على غرار مبادرات سابقة من قبيل جمع الملابس المستعملة والمساهمة قدر المستطاع في مساعدة أطفال محرومين وفقراء في وضعيات صعبة في تكريس للمفهوم الحقيقي للتضامن الذي يضع الانتماءات جانبا ويبرز الوجه الإنساني للمشجع الذي تلتصق به فقط صورة المشاغب. لقد قامت جماهير الجيش بمجموعة من المبادرات المماثلة، كتلك التي كان ورائها فصيل «البلاك آرمي» بتمارة من خلال زيارته لإحدى الخيريات وتوزيع مجموعة من الهدايا على الأطفال في بادرة إنسانية لا تحركها دوافع سياسية ولا تغذيها أهداف شخصية اللهم الرغبة في مساعدة الغير تماشيا مع مبدأ التضامن المطلق الذي يعتبر من بين القيم التي تتشبع بها المجموعة. للأسف، جماهير الجيش يتم تقديمها في صورة الشغب وكأنها المحرك الأساسي للظاهرة ومغذيها الأول والأخير، وهو ما جعل جماهير العاصمة تخرج، خلال كل مرة يسجل فيها شغب خارج محور الرباط، لتتساءل إن كانت هي السبب وراء ذلك، خصوصا بعد تسجيل العديد من التجاوزات والسلوكات والأحداث التي تستوجب العقوبات دون أن يتم تحريك الملف. ما يحسب لجماهير الجيش أنها قادرة، بفضل مواقفها التي تحسب لها، على تغيير العديد من الأشياء داخل فريق العاصمة التابع لمؤسسة عسكرية، والدليل هو التغييرات التي طرأت سواء على مستوى الأسماء أو التعامل بعد الوقفات الاحتجاجية والبيانات التنديدية ومقاطعة المباريات في العديد من المناسبات. جماهير الجيش تظل، في الأول والأخير، جماهير مغربية وهو الوضع الذي يفرض التعامل معها بمنطق المساواة أسوة بباقي الجماهير بعيدا عن كل أشكال الكراهية التي قد تغذيها دوافع انتقامية، جماهير الجيش يمكنها أن تخطأ كما جماهير باقي الفرق لكن في المقابل من غير المعقول أن توجه لها لوحدها أصابع الاتهام ويتم متابعتها دون غيرها من الجماهير رغم القيام بممارسات وأعمال مشابهة. الجماهير المغربية تنتمي كلها لهذا الوطن الذي نحبه، وتتنفس عشق المستديرة الملعونة التي تجعلنا مختلفين من حيث هوية الفرق التي نعشقها والألوان التي ندافع عنها، فرجاء لا تحولوا جماهير الجيش لكبش فداء تتم التضحية به كلما ارتفعت وثيرة أعمال الشغب وتعالت أصوات المطالبين بمحاربته، لأن الانفلاتات ظاهرة وطنية تسجل في العديد من المدن والفرق يكمن فقط في طريقة التعامل معها.