بعد حادث غرق سيارة من الحجم المتوسط وغرق 16 راكبا من عائلة واحدة، كان الناجي الوحيد هو «محند أكربال». «المساء» استجمعت تفاصيل روايته من أجل إعادة تشكيل صورة هذه الفاجعة التي هزت قرية تيمولاي بضواحي بويزكارن بإقليم كلميم، فقد كانت السيارة تقل 17 فردا من عائلتين، من بينهم ثلاثة ذكور، والباقي إناث، كانوا متوجهين إلى حفل زواج بمدينة أكادير. العرس المأتم حوالي الساعة السابعة مساء، كان أفراد الأسرة يحثون السير للوصول إلى العرس في أسرع وقت ممكن، حيث ظلت النساء يرددن مجموعة من الأهازيج وكانت تسير أمامهم سيارة أخرى من نفس النوع تقل أفرادا آخرين ينتمون إلى نفس العائلة، وعندما وصلت السيارتان إلى وادي تيمسورت قطعته السيارة الأولى وواصلت طريقها، في حين أن سائق السيارة الثانية، والذي يبلغ من العمر حوالي 30 سنة، والذي كان يسير ببطء تردد في قطع الوادي بعد أن حذره «محند أكربال» الناجي الوحيد، إلا أن السائق قرر أن يقطعه، ومع ارتفاع منسوب مياه الوادي ووجود مجموعة من الحفر، لم يستطع السائق أن يمر من المكان المناسب حيث هوت العجلة اليسرى في المنحدر لتهتز السيارة بمن فيها وتجرفها المياه بعيدا، ومع توالي دوران السيارة انفتح أحد أبوابها وبدأت تلقي بمن فيها واحدا تلو الآخر، في الوقت الذي ظل الناجي الوحيد بداخلها إلى أن توقفت بسبب بعض الحواجز التي أعاقت حركتها، وتمكن من أن يقفز بعد أن جرفته السيول لمسافة قدرها ما يفوق كيلومترين. هواتف لا ترد وفي الوقت الذي كانت السيارة غارقة وسط الأوحال والسيول العاتية، كان أفراد الأسرة الذين كانوا على متن السيارة الأولى قد وصلوا إلى جماعة لخصاص، أي قطعوا مسافة تزيد عن أربعين كيلومترا، وانتبهوا إلى أن السيارة الثانية لم تلحق بهم بعد، الأمر الذي حذا بهم إلى ربط الاتصال بهم، إلا أن جميع الهواتف لم تكن ترد، مما أثار أجواء من الخوف والهلع في نفوسهم واضطرهم للعودة من حيث أتوا، ليفاجؤوا بأن جميع من كانوا على متن السيارة الثانية قد جرفتهم السيول وبدؤوا في إطلاق نداء الاستغاثة من أجل التعرف على مصير أفراد عائلاتهم. في مركز الدرك حوالي الساعة التاسعة من ليلة السبت 22 نونبر، كان «محند أكربال» يقف أمام مركز الدرك الملكي بويزكارن، بعد أن ساعده بعض أبناء المنطقة في الوصول إليه، حيث كان في حالة يرثى لها بعد أن ابتلع كمية كبيرة من المياه المختلطة بالأوحال، وبعد أن تمزقت كل الثياب التي كانت عليه، فضلا عن هول الصدمة جراء مشاهد الموت التي مرت أمامه، إلا أنه حسب شهادته، كان الدرك يتعاملون مع روايته بنوع من البرودة، معتقدين أنه يعاني من متاعب نفسية، ولم يأخذوا أقواله بجدية رغم تدخل أحد الأشخاص من أجل التأكيد على حجم الكارثة التي ألمت بهذا الشخص، الذي ترك وراءه ثلاثة أطفال ويعمل بقالا في قريته تيمولاي، كما تم الاحتفاظ به في تلك الحالة ولم يتم طلب الإسعاف له. البحث عن الجثث ذكر الفاعل الجمعوي، عبد الله الهوداني، المتتبع لتفاصيل القضية أن عناصر الدرك الملكي وبعد أن تم إقناعهم بتفاصيل الحادث، خرجوا إلى عين المكان، وكانت أولى الجثث التي عثروا عليها لفتاة في مقتبل العمر رفقة سيدة مسنة، تبين فيما بعد أنها جدتها، ويحتمل أنهما ظلتا متشبثتين ببعضهما البعض إلى آخر لحظة من عمرهما، كما أن آثار الحناء كانت لاتزال على كفي الفتاة وقدميها. وبعد أن عاينت عناصر الدرك الملكي الجثتين، كان من الضرورة أن تعود إلى مركز الدرك من أجل مباشرة إجراءات الاتصال بالنيابة العامة وإخبارها بوجود الجثتين، إلا أنه وحسب شهادة المصدر ذاته، فبعد عودة الدركيين إلى مكان الجثتين تبين لهما أن السيول قد جرفتهما إلى مكان بعيد، لتبدأ رحلة البحث عنهما. الناجي الوحيد محند أكربال، الناجي الوحيد من هذه الحادثة، فقد خالتيه وابنتي خالته وخاله، في حين أن زوجته لم ترافقه لأنه تعذر عليها حضور العرس بسبب أن لديها صبيا في سن الرضاعة، بالإضافة إلى طفلتين لا يمكنهما مرافقته في مثل هذه المناسبة، وباقي النساء من نفس العائلة، ورغم اختلاف الاسم العائلي بينهما، فقد كان الجميع من دوار تيمولاي. لصوص الذهب ذكرت شهادات من عين المكان أن بعض الأشخاص الذين شاركوا في عملية البحث عن الجثث لم يكن همهم المساعدة في العثور على الجثث، بقدر ما كان همهم البحث عن الحلي التي كانت تحملها النساء الضحايا، بعد أن علموا أن غالبية من كانوا في السيارة الغارقة من النساء، كما أنهن كن يقصدن حضور عرس عائلي، الأمر الذي أسال لعابهم، وهو ما أكدته الممرضات اللواتي أشرفن على عملية غسل وتكفين جثث الضحايا، حيث لم يكن مع الضحايا أي نوع من الحلي، سواء تعلق الأمر بخواتم أو أساور أو غيرها، كما أن أسر الضحايا عثرت على الألبسة التي كانت النساء يتزين بها لحضور حفل الزفاف. العثور المتأخر حسب الفاعلين الجمعويين بالمنطقة وأسر الضحايا، فإن أولى الجثث لم يتم التوصل بها إلا في صبيحة يوم الأحد 23 نونبر الجاري، حيث تم العثور على ضحيتين حوالي الرابعة مساء، ولم تتوصل الأسر بالجثث إلا بعد صلاة المغرب، حيث أقيمت صلاة الجنازة مباشرة بعد صلاة العشاء من يوم الأحد، في حين لم تتوصل العائلات بالدفعة الثانية التي كانت تتكون من سبع جثث إلا في الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين، كما أن الدفعة الأخيرة تم التوصل بها مساء اليوم نفسه، والمتكونة من سبع ضحايا آخرين حيث تم دفنهم بعد صلاة العشاء من ذلك اليوم.