بعد الجدل الكبير الذي أثاره، حسمت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف في الرباط، في ملف قاضي طنجة، نجيب البقاش، بإدانته، أول أمس، بسنتين موقوفتي التنفيذ. وتمت مؤاخذة البقاش بتهمة «طلب مبلغ مالي وتسلم هبة من أجل القيام بعمل سهلته له وظيفته طبقا للفصل 248 من القانون الجنائي»، كما قضت المحكمة بإرجاع المبلغ المحجوز على ذمة القضية لمن له الحق فيه. وارتسمت علامات الصدمة على وجه البقاش فور تلاوة القاضي للحكم، بعد أن أصر في كلمته الأخيرة قبل اختلاء المحكمة للمداولة على أنه بريء، وقال بصوت خافت للمحكمة إن الأمر يتعلق بسيناريو محبوك ضده لأهداف خاصة. معالم الصدمة من طبيعة الحكم انتقلت، أيضا، للدفاع، الذي انتقد بشدة حكم الإدانة في ملف توزعت فصول حكايته بين كمين نصبته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، واستبقته بأيام من المراقبة والتنصت، قبل أن يتم الحديث عن خطة لاستدراج القاضي، وما تلا ذلك من تصريحات لوزير العدل ورئيس الحكومة بشكل جعل القضية تكبر حد مطالبة الدفاع بتأجيلها إلى حين انتهاء ولاية الحكومة الحالية، في حين لم يتردد البقاش في اتهام وزير العدل ب»محاولة تصفيته مهنيا والنزول بكل ثقله في هذه القضية». حبيب حجي، دفاع البقاش، وصف الحكم بأنه جنازة للعدالة، مضيفا أن «هناك بعض القضاة الذين يمرغون وجه العدالة في الوحل ولا يستحقون الجلوس على كرسي القضاء»، وقال حجي، في تصريح ل»المساء»، إن «الحكم لا يستحق التعليق وسنتجه لاستئنافه». وكان الدفاع قد سلم للمحكمة، لحظات قبل اختلائها للمداولة، وثائق جديدة في الملف أكد بأنها تثبت أن المشتكي هو من جنسية مغربية عكس ما يدعيه، بعد أن تقدم بصفته مستثمرا تونسيا، كما قدم الدفاع وثائق صادرة عن مصالح إدارية وقضائية من عدة دول تثبت، حسب قوله، أن المشتكي تلاعب بمصالح الأحوال الشخصية لأربع دول وقدم وثائق مزورة ليتمكن من توثيق زواجه الثاني، مضيفا أن هذا الدليل كاف لجعل كلامه غير ذي معنى ولا يمكن الاعتداد به. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد اعتقلت القاضي البقاش يوم 19 يناير 2012، بتهمة حيازة 20 مليون سنتيم مشتبه في تحصيلها من رشوة.