سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخلفي: قانون الصحافة الجديد يحدد بوضوح البنود المرتبطة بالمؤسسة الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية قال إن مشروع القانون جاء مفصلا لتجنب محاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي
يبسط مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في هذا الحوار رؤيته لإصلاح قانون الصحافة بالمغرب والآليات المرتبطة بتنزيله على أرض الواقع، بعد اعتماده من طرف المؤسسة التشريعية، نافيا أن تكون الثلاثية المتعلقة بالمؤسسة الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية تتسم بالغموض في مدونة الصحافة والنشر التي قدمها أخيرا في طنجة. وأكد الخلفي أن القانون الجديد جاء مدققا وواضحا حتى لا يكون هناك مجال لمحاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي الذي يستعمل في الحالات التي لم يرد فيها نص صريح في القوانين الخاصة. في الحوار يتحدث الخلفي عن مسار إصلاح الإعلام وضمان حرية التعبير وتشجيع الاستثمار في قطاع الصحافة، وتكريس استقلالية الحقل الإعلامي عن وزارة الاتصال. - بعد مرور فترة طويلة من الانتظار، أعلنتم أخيرا عن المشروع الجديد لإصلاح قانون الصحافة وإعداد مدونة للصحافة والنشر، لماذا كل هذا التأخير؟ ليس هناك تأخر بالمعنى الفعلي، فمنذ إعلان الحكومة عن برنامجها وعزمها على إصلاح المنظومة القانونية المتعلقة بقوانين الصحافة والنشر، خصصت مدة سنتين و9 أشهر من أجل نهج مقاربة تشاركية واسعة، إذ كان ثمة حوار أولي انطلق في فبراير 2012 ثم بعد ذلك جاء تشكيل اللجنة العلمية في أكتوبر، والتي اشتغلت مابين سنتي 2012-2014. طيلة هذا المسار كانت هناك خمس صيغ كبرى مقترحة لهذا المشروع تخللها تشاور موسع مع القطاعات الحكومية المعنية بالأمر مثل وزارة العدل والحريات، وتميز هذا المسار، أيضا، بعمل علمي جاد ودقيق، حيث ترأس الأستاذ عبد الوهاب الرامي اللجنة الخاصة بإعداد كتاب أبيض عن الصحافة الإلكترونية، فيما ترأس العربي المساري حفظه الله اللجنة العلمية. وإلى جانب أشغال اللجنة العلمية، نظمت ندوة مع اليونسكو في فبراير 2013 حول حرية التعبير والإنترنيت للوقوف على التجارب الدولية في مجال الصحافة، ونذكر منها، بالأساس، التجربة البريطانية فيما يخص القذف والتشهير والتجربتين الفرنسية والبلجيكية في مجال الحماية القضائية لسرية المصادر، والتجربة الإسبانية في العلاقة بين القوانين، وكذا مركز الدراسات الهولندي حول المجالس الوطنية للصحافة، بالإضافة إلى الاستعانة بخبرة الفصل 19حول مفهوم الدعم العمومي ثم توصيات مجلس حقوق الإنسان المتعلقة بالمقرر الخاص بحرية التعبير والاجتهادات القضائية الصادرة من المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان التابعة لمجلس أوربا. يمكن القول إننا كنا بحاجة لعمل علمي يأخذ بعين الاعتبار الإشكاليات والقضايا المستجدة على اعتبار أننا نريد مشروعا ذا بعد عالمي وليس ذا بعد وطني فقط. - لكن ألا يطرح ذلك إشكالا على المستوى المنهجي بمعنى أن كثرة التعديلات ثم إحالة المشروع على الأمانة العامة للحكومة والبرلمان قد يفرغ المشروع الجديد من محتواه الحقيقي؟ خلال هذا المسار التشاركي، قمت مباشرة بعد انتهاء مسودة عمل اللجنة العلمية بطلب عقد اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب كي أقدم الخطوط العريضة المتعلقة بالعمل الذي قامت به اللجنة العلمية، وهو الشيء نفسه الذي حدث مع لجنة الثقافة داخل مجلس المستشارين، فبمجرد الانتهاء من إعداد المدونة الجديدة طلبت من لجنة الثقافة والتعليم والاتصال بمجلس المستشارين أن تعقد اجتماعا بغاية تقديم الصيغة ما قبل النهائية لهذا المشروع الطموح، تقديرا لدور المؤسسة البرلمانية في هذا الباب. ثانيا، نشأ تعاون مثمر جدا بيننا وبين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والذي يضم الفعاليات الحقوقية، ولا أنسى في هذا السياق التنويه بجمعية «عدالة» التي قدمت مذكرة مهمة شاركت فيها عدد من الهيئات. وقبل الوصول إلى الصيغة الحالية للمشروع قمت كوزير بعمليات تواصلية مع الفاعلين في المؤسسات ليفضي هذا الحوار إلى صيغة تحظى بتقدير عدد من الهيئات المهنية والفعاليات الحقوقية. لكن هذا لا ينفي أن الأحزاب السياسية ومعها الهيئات المهنية ستقدم ملاحظات حول المدونة، خاصة وأن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سبق له أن اتهمكم بسرقة مشروع قانون يتعلق بالولوج إلى المعلومة، وقد بدأت بعض الانتقادات الحادة تطفو على السطح، في مقدمتها أن النسخة التي خرجت إلى الوجود لا تشبه كثيرا النسخة التي أعدتها اللجنة العلمية.. قيل هذا الكلام حول المسودة الرابعة، لكن نحن كما سبق وأعلنت في بيت الصحافة بطنجة دونا نتائج اللجنة العلمية في محاضر مع نتائج المسودة، بمعنى أن كل من يريد الاطلاع على هذه المحاضر فهي موجودة وله أن يقارن آنذاك كيفما شاء المدونة الجديدة والاقتراحات التي خرجت بها. بالنسبة إلي فإن الأهداف العامة التي يتأسس عليها هذا القانون تنطلق أولا من ترجمة أحكام الدستور، خاصة الفصول 25 و27 و 28 و71 ثم الاستجابة للانتظارات المهنية المعبر عنها منذ سنة 2003، كما أعلنت اليونسكو أخيرا أنها تعتبر إلغاء العقوبة الحبسية في قضايا القذف مؤشرا من مؤشرات حرية التعبير، وهو الشيء نفسه الذي نص عليه مشروع القانون الذي قدمته أخيرا بطنجة، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار وإلغاء القيود المشددة التي كانت مضافة على قانون الشركات، وأخيرا تكريس دور القضاء في حماية حرية الصحافة. ونتيجة لذلك تشكلت منظومة متكاملة لتلقي التصريحات في قضايا المنع أو عدم الترخيص بالتوزيع أو الحجز، كما سننتقل إلى مرحلة القضاء الجماعي، بعد أن كان في السابق قاض واحد هو المتحكم في قضايا الصحافة. وهو ما يضمن كذلك تعزيزا لضمانات المحاكمة العادلة. - رغم ما قلت، فإن بعض الأصوات من داخل النقابة لم تعجبها المنهجية التي اشتغلت بها، وبالتحديد إضافة بنود - جديدة لم تحددها اللجنة العلمية، هل يتعلق الأمر بانتقادات مهنية ذات خلفية سياسية، أم أن سوء الفهم قائم بين وزارتكم والنقابة الوطنية للصحافة؟ أؤكد مرة أخرى أن الواقع يثبت عكس ما ذهبت إليه في سؤالك، حيث إن هناك تعاونا وتنسيقا مستمرين، وأنا جد معتز بالموقف الذي عبر عنه ممثل النقابة أثناء تقديم مدونة النشر ببيت الصحافة في طنجة، إذ شدد على أن غالبية الملاحظات التي قدمتها النقابة تم إدراجها في المشاريع التي أعدتها وزارة الاتصال بالشراكة مع كل الفاعلين. وأود أن أذكر أن النقاش مازال مفتوحا حول مدونة الصحافة والنشر قبل اعتماد النسخة النهائية، أي أن جميع الهيئات وعلى رأسها النقابة الوطنية للصحافة تتوفر على فرصة أخرى لتقديم ملاحظاتها واقتراحاتها. الجوهري بالنسبة إلينا، هو أن المدونة ستشكل نقلة نوعية في حماية حرية الصحافة. - علاقة بحرية التعبير، فالبنود التي كانت تثير الجدل في القانون السابق، والتي يرى فيها الجسم الصحافي نوعا من كبح حرية الصحافة والدليل، حسب المهنيين، أن التعاطي مع ثلاثية المؤسسة الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية تميز بالغموض مرة أخرى، بل إن البنود المتعقلة بها جاءت فضفاضة.. التوصيات التي توصلنا بها أكدت على ضرورة التدقيق في العبارات، وقد أصبحنا نتحدث اليوم عن التحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة - لكن عبارة التحريض قد تنفتح على معان كثيرة ستشكل منفذا لمحاكمة الصحافيين.. في القانون الجديد، التحريض يتخذ المعنى نفسه الذي وردت به الكلمة في تجارب دولية كثيرة، ولم نعد إزاء عبارة عامة تتحدث عن المس، والمبدأ نفسه تعاملنا به فيما يخص الدين الإسلامي، حيث ينص القانون الجديد على عدم الإساءة وفق القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي فإن النص تجاوز الغموض الذي تحدثت عنه. أما الأهم في تقديري يكمن في الضمانات التي أصبح يتوفر عليها الصحافي بموجب القانون الجديد، ففي الوقت الذي يقال إن»الصحافي في حالة سراح مؤقت» بمعنى أنه معرض في أي لحظة أن ترفع عليه أكثر من دعوى قضائية في كل أنحاء المغرب، وهو الأمر الذي تمت معالجته بحصر الاختصاص المكاني إما في مقر الجريدة أو في مقر المشتكي وحتى مقر الطباعة إذا انتفت مسؤولية الصحافي أو الناشر، ناهيك على أن الصحافي كان مهددا دائما بحالة العود التي لا تمنع الصحافي من تكرار الخطأ نفس طيلة 5 سنوات، بدءا من الخطأ الأول، ومن ثم يصبح مهددا بتشديد الغرامة وبالعقوبات الحبسية، بيد أن القانون الجديد قلص هذه المدة لتصير سنة واحدة فقط والغرامة يتم تشديدها فقط بنسبة 20 في المئة والعقوبات الحبسية ألغيت، ومثل هذا التطور كان بمثابة العقدة سنة 2007، ثم إن القانون الجديد يسمح للصحافيين بتقديم وسائل الإثبات طيلة أطوار المحاكمة، على عكس ما هو منصوص عليه في القانون الحالي، الذي لا يسمح للصحافي بتقديم أدلته إلا في أجل لا يتعدى 15 يوما. - كل هذه التطمينات يمكن أن تتبخر إذا وجد المشرع المغربي منفذا آخر في القانون الجنائي لمحاكمة الصحافيين.. القانون الجنائي في الفصل الرابع منه يقول إنه لا يطبق إلا في الحالات التي لم يرد فيها نص صريح في القوانين الخاصة، ولذلك فقد قمنا بتدقيق النصوص وجعلها أكثر وضوحا حتى لا نفسح المجال لتدخل القانون الجنائي للحسم في قضايا تتعلق بالصحافة والنشر، والقانون الحالي يحمل بين ثناياه أكثر من 230 مادة، مما يعني أننا أخذنا بعين الاعتبار التدقيق في كل الحالات.. - تقصد أن القانون يعطي ضمانات للصحافيين بأنهم لن يتابعوا إلا بقانون الصحافة.. أجبتك سابقا بالقول إن القانون الجنائي لا يستعمل إلا في الحالات التي لا يحددها نص قانوني خاص، منطلقا من مبادئ المساواة أمام القانون وشمولية القوانين كذلك. ما يهمني أن القانون الجديد جاء بفلسفة قائمة على اعتبار المدونة التي أعددناها تمثل مدونة حديثة وعصرية للصحافة، ترتكز على حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة. وأرى أن حرية الصحافة ليست في جوهرها إلغاء العقوبات السالبة للحرية، بل هي جعل القضاء الهيئة الحصرية المختصة في قضايا الصحافة وحماية هذه الحريات. دعني أعطيك مثالا في هذا الصدد، فالقانون ينص لأول مرة على أن الدولة توفر الحماية ضد الاعتداءات التي تطال الصحافيين وتلتزم بتوفير الآليات المؤسساتية بغاية تحقيق ذلك، بالإضافة إلى أن الدولة تضمن حرية الصحافة وتشجع التعددية، وفوق ذلك تحمي مبدأ سرية المصادر إلا فيما تعلق بأمن الدولة الداخلي والخارجي، والدفاع الوطني والحياة الخاصة للأفراد، وهناك نقطة مهمة تجب الإشارة إليها وتتمثل في تشجيع الاستثمار في قطاع الصحافة عبر تجاوز الكثير من التعقيدات، إذ لا يعقل أن يفكر أي مستثمر في إنشاء مقاولة صحافية وهو يعرف مسبقا أن وزارة الاتصال ستراقب ماليتها، وأن المحكمة ستستخلص الغرامات في القضايا المرفوعة أمام المحاكم في حال تعذر دفعها من طرف الناشر أو الصحافي. - هل تعتقد أن تجاوز هذه التعقيدات في المشروع الجديد يمكن أن يفضي إلى ولادة مشاريع إعلامية جديدة، علما أن مفهوم المقاولة الصحافية بالمغرب لم يتبلور بعد بالشكل الصحيح، الأمر الذي يعكسه تراجع الاستثمار في المجال الصحافي لأنه مجال إما يقود إلى السجن أو الإفلاس .. حتى أكون معك دقيقا، فإن الارتقاء بجودة الإعلام رهين بوجود صناعة إعلامية حقيقية، وهو الأمر الذي لن يتأتى باستثمارات محدودة لا توفر إلا قليلا من الأوكسجين للبقاء على قيد الحياة، ولذلك فإن القانون الجديد عالج الإشكالية المتعلقة بالنموذج الاقتصادي للمقاولة الإعلامية لأول مرة. الإشكالية المطروحة عندنا، هي أن الإعلام يتطلب استثمارات حقيقية ترفع من جودته لا استثمارات ظرفية لا تفيد الصحافة المغربية في شيء. ولابد أن أشير في هذا السياق إلى أن الجيل الثاني من الإصلاحات يهم استقلال المقاولة الصحافية عن وزارة الاتصال بما فيها منح الدعم المقدم للصحف ومنح بطائق الصحافة التي لا يجب أن تبقى في يد وزارة الاتصال. وثمة تحول جوهري ثاني على مستوى الشطط في توظيف قرار المنع، حيث أصبح القرار الأخير فيما يرتبط بالحجز أو عدم السماح بالتوزيع يمر عبر القضاء. أما التحول الآخر الذي ينطوي عليه القانون الجديد، فيهم الصحافة الإلكترونية، وأنت لاحظت حجم الارتياح الذي استقبل به المهنيون هذه الطفرة في قانون الصحافة، سيما وأن القانون نص بشكل صريح على المساواة بين الصحافة الإلكترونية والصحافة المكتوبة، ثم إن حرية الصحافة الإلكترونية مكفولة. - من الطبيعي أن تدافع عن قانون أشرفت عليه وزارتكم لكن هذا لا ينفي أن حرية الصحافة بالمغرب مازالت في مرحلة الحبو، بدليل أن التقارير الدولية تضع دائما المغرب في مراتب متأخرة، وأنت تعرف جيدا أن قضية الصحافي علي أنوزلا زرعت الشك مرة أخرى لدى المنظمات الدولية وبعض الدول الكبرى أيضا بأن صدر الدولة أصبح ضيقا لتقبل انتقادات الصحافيين.. أولا ينبغي أن أشدد على أن التقارير التي تعدها بعض المنظمات الدولية غير منصفة، وعند مقارنة ترتيب المغرب بترتيب بعض الدول التي تشهد محاكمات عسكرية للصحافيين واختطافات ممنهجة، الشيء الذي يؤشر على وجود خلل ما. وأرى أن هذه التقارير لا تنطلق من دراسات ميدانية تقوم على عدم تعميم أحداث بعينها، ولا تتجاوز قضايا تنتمي إلى الماضي، والأهم في اعتقادي أن نعترف أن هذه المنظمات أصابت في شيء واحد، وهو أن الإطار القانوني ببلادنا متخلف، ونحن الآن بصدد معالجة جزء من هذا المشكل. - لم تجب على سؤالي، أنا قصدت هل بإمكان مدونة الصحافة الجديدة أن تطبق بشكل سليم في مناخ سياسي متخاصم مع الإعلام، وفي ظل وجود قضاء توجه إليه انتقادات حادة بأنه فاسد.. أنا أؤكد لك أن الانتقادات الموجهة للمغرب تركز على تأخر إصدار قوانين جديدة، وعلى هذا الأساس بإمكان المدونة أن تتجاوز الكثير من تلك الانتقادات لكن أثرها سيبقى محدودا ما لم تستند هذه المنظمات على دراسات ميدانية للواقع المغربي. - تحدثت كثيرا عن القضاء وعن إحداث قضاء جماعي ودور القضاة في تنزيل هذه المدونة وضمان المحاكمات العادلة، وأنت على علم بحال القضاء في المغرب والانتقادات الموجهة له ألن يشكل ذلك عائقا أما عملية التنزيل، بصيغة أخرى ألا تخشون من أن تبقى الأمور على حالها إذا لم يتم إصلاح القضاء إصلاحا جذريا.. ما لا يجب نسيانه أننا في بلد يعيش مسلسلا من الإصلاحات بعد الدستور الجديد، وأن المغرب دخل مرحلة جديدة تقوم على ترجمة الحقوق والحريات إلى آليات. في القريب سيتم اعتماد التسجيل بالوسائل السمعية البصرية لعملية التحقيق، وقد أعلن عن ذلك السيد مصطفى الرميد في مارس 2013 في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، أقصد أننا أصبحنا نشتغل بمنطق الآليات التي ستسمح بتنزيل القوانين إلى حيز التطبيق... - بالنسبة لمسألة التكوين، تُوجه لوزارة الاتصال انتقادات بالتحكم في مؤسسات التكوين العمومية، فما هو معروف أن الإعلام يحيل على الإخبار والبحث عن الحقيقة، فيما يحيل الاتصال على تلميع الصورة الدولية، أليس في الأمر تعارضا كبيرا مع مشروع الإصلاح الجديد.. المغرب يتوفر على نسيج لفضاءات ومؤسسات التكوين في الإعلام والاتصال، وهناك نسيج داخل الجامعات المغربية كذلك متكون من 11 إجازة متخصصة، بالإضافة إلى الماستر، زد على ذلك أزيد من عشر مؤسسات للتكوين في القطاع الخاص، غير أن هذا التكوين مشتت ويفتقد إلى التنسيق. - أين وصل مشروع الأكاديمية الذي كنت قد تحدثت عنه فيما قبل؟ في شهر دجنبر سيتم تنظيم لقاء في مقر المعهد العالي للإعلام والاتصال للتوقيع على اتفاقية لإحداث الأكاديمية العليا للإعلام، لأننا بحاجة إلى التنسيق بين جهود مجموع هذه الفضاءات وتشجيع البحث العلمي وتطوير التنسيق والتداريب وتعزيز القدرات لهذا المجموع. - ألا تتخوف من أن يكون مصير مدونة النشر كمصير دفاتر التحملات التي خلقت جدلا كبيرا استدعت تدخل الملك، وتشكيل لجنة وزارية لتقديم تعديلات على مشروعك الأول.. ما ينبغي تسجيله هو أنه عندما أثيرت قضية دفاتر التحملات وجدنا أنفسنا نتوفر على وعاء دستوري مكننا من إدارة الحوار حول هذه القضية، وبعد ذلك جاءت المصادقة على دفاتر التحملات في مجلس الحكومة، وتم نشرها في الجريدة الرسمية في 22 أكتوبر. ومن القضايا التي كانت محط نقاش جميع الفاعلين أذكر هنا قضية التعددية التي تم تعزيزها وتم استيعاب الملاحظات التي أثيرت حولها بشكل مسؤول، ويمكن اعتبار هذه المسألة بمثابة استراتيجية دستورية. وقد كانت مداخلة السيد رئيس الحكومة واضحة وصريحة في الجلسة الشهرية بالبرلمان بخصوص دفاتر التحملات، مما يعفينا من الكثير من التعليقات والملاحظات. أعترف لك أن تجربة دفاتر التحملات سمحت لنا بالخروج بدرس أساسي، وهو التريث وأخذ الوقت الكافي للاستماع إلى جميع المتدخلين والفاعلين والقيام بمشاورات موسعة مع أكبر عدد من المتدخلين أيضا. من البديهي جدا أن توجه إلي انتقادات، لأني شرعت في عملية إصلاح، والإصلاح ليس أمرا سهلا كما قد يظن البعض. وأثناء الجدل الذي أثير حول دفاتر التحملات، تقبلت بصدر رحب الملاحظات التي قدمتها اللجنة الوزارية، وعملت على إدراجها في دفتر التحملات الجديد. لكن الذي ألح عليه في هذا المقام يكمن في أن دفتر التحملات الجديد سمح بإعمال مبدأ طلبات العروض للإنتاج الخارجي، كما أدى إلى مضاعفة البرامج السياسية والنشرات الإخبارية، حيث صارت النشرة الإخبارية التي كانت تبثها القناة الثانية في وقت متأخر تُبث في وقت الذروة. وكدليل على ذلك كشفت (ماروك متري) عن تراجع الإقبال على القنوات الإخبارية الأجنبية بحوالي 50% وأن أول قناة إخبارية أجنبية يشاهدها المغاربة أصبحت في الرتبة 13 بعد القنوات التي يتابعها المغاربة عموما. المهم، الآن، أننا في بداية الإصلاح، واعتقد أنه يجب على الذين يطرحون مشاريع إصلاحية امتلاك القدرة لإدارة مشاريعهم، إلى جانب استيعاب كل الانتقادات، وما حصل بالتحديد خلال إعداد مدونة النشر هو أنني تعرضت لضغوط لا يمكن تصورها سواء من المنظمة الدولية التي كانت تنتقد تأخر إخراج القوانين الخاصة بمجال الصحافة أو افتتاحيات الصحف وكذا تقارير منظمات صحافية حقوقية تحث على الإسراع في تنزيل المدونة. - هل تخشى من تكرار سيناريو دفاتر التحملات مع مدونة الصحافة الجديدة؟ ثمة سياقات مختلفة يجب احترامها، فبالنسبة للمدونة اتفقت مع الناشرين في فبراير 2012 حول القيام بعملية تشاركية واسعة وممتدة، وأن تنطلق في البداية من المجلس الوطني للصحافة، ثم بعد ذلك تشمل القوانين الأخرى، وهذا ما جاء في المخطط التشريعي. - إذن ستدافع عن هذا المشروع داخل قبة البرلمان بقوة.. نعم وبكل قوة، وقد أفاجئك إن أخبرتك أني بدأت منذ الآن بالتواصل مع السيد لعلج رئيس لجنة التعليم والثقافة بمجلس المستشارين من أجل تنظيم لقاء للجنة لأقدم لهم بشكل استباقي المشاريع وأهم التوجهات، على أساس أن تشكل اللجنة شريكا قبليا في بلورة المشروع.