تدخلت القوات العمومية، أول أمس الاثنين، لتفريق مسيرتين احتجاجيتين على غلاء فواتير الماء والكهرباء بكل من صفرو والراشيدية. ففي منطقة البهاليل بنواحي صفرو، طوقت عناصر الأمن مسيرة احتجاجية كان من المقرر أن تتوجه إلى عمالة الإقليم للتعبير عن غضب السكان من غلاء فواتير الكهرباء والماء، دون أن يفلح قرار المنع في إلغاء هذه الاحتجاجات التي شاركت فيها ربات البيوت وشبان المنطقة بكثافة. ووصف بيان للجمعيات، التي أطرت هذه الاحتجاجات، الزيادات الأخيرة في هذه الفواتير ب»المهولة»، وقالت إن منطقة «البهاليل»، وهي من المناطق الهشة المحيطة بالمدينة، تعرف اختلالات في تدبير الشأن العام، إذ لا تحرك السلطات المحلية أي ساكن لمحاربة البناء العشوائي، متهمة سماسرة العقار بالوقوف وراءه. وانتقدت الجمعيات، في الوثيقة ذاتها، إغلاق مسجدين (المسجد الأعظم ومسجد أغزديس) منذ أكثر من سنتين دون أن تظهر بوادر لإصلاحهما. واحتجت على فتح مركب سوسيو رياضي لمن أسمتهم بالمحظوظين فقط، دون أن تكتمل أشغاله. واضطر الكاتب العام لعمالة الإقليم إلى التنقل إلى منطقة «البهاليل» لإجراء حوار مع ممثلين عن المحتجين، رفقة مسؤول المكتب الوطني للماء والكهرباء ومندوب وزارة الشبيبة والرياضة، ومندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في حين منع المحتجون باشا المنطقة من حضور جلسة الحوار، بعدما انتقدوا أداءه، واتهموه ب»التعنت» و»عدم الإنصات للمواطنين». وكشف الحوار مع المحتجين عن معطيات صادمة عن غلاء الفواتير، إذ أكد مسؤولو القطاع بأن عددا من الفواتير، التي يطالب المواطنون بأداء مبالغها تحت طائلة التهديد بقطع التيار الكهربائي عن منازلهم، تكون عبارة عن فواتير «تقديرية» ولا تعكس حقيقة استهلاك الأسر، وبرروا هذا الوضع بقلة الموظفين المكلفين بمراقبة العدادات، نهاية كل شهر. لكنهم تعهدوا بمراجعة كل الفواتير المبالغ فيها، والتزم الكاتب العام لعمالة الإقليم بمتابعة هذه المراجعات. وتعهد مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ببدء أشغال ترميم مساجد البلدة، نهاية شهر نونبر القادم، بعدما أبرمت صفقة بين المندوبية والمقاولة المكلفة. أما في الراشيدية، فقد فرقت القوات العمومية العشرات من المحتجين على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، حيث تدخلت عناصر من القوات المساعدة والأمن الوطني لمنع تحويل وقفة احتجاجية أمام مقر العمالة إلى مسيرة. ورفع المتظاهرون، الذين عادوا للاحتجاج أول أمس الاثنين بعد مظاهرة احتجاجية مماثلة نظمت يوم الجمعة الماضي، شعارات تندد بالارتفاع الصاروخي لأسعار الماء والكهرباء بشكل تجاوز بكثير القرار الحكومي القاضي بمراجعة أسعار المادتين، على حد تعبيرهم. وهدد المحتجون بعدم تسديد فواتير الماء والكهرباء التي توصلوا بها أخيرا، إلى حين إيجاد حل عملي، حيث رفعوا شعارات من قبيل: «الفاتورة هاهي والفلوس فين هي»، و»باراكا من الحكرة جيب الشعب راه خوا». وأشهر مواطنون فواتير تتجاوز قيمتها 1500 درهم، في الوقت الذي لم تكن الفواتير السابقة تتجاوز 200 درهم وأقل من ذلك بالنسبة لبعضهم، وهو ما دفعهم إلى التهديد بالاستمرار في الاحتجاج إلى حين الاستجابة لمطلبهم. وحاولت السلطات امتصاص غضب المحتجين، عبر الدخول في حوار مع لجنة ممثلة للمتضررين من غلاء الفواتير، حيث جرى التأكيد على إمكانية التحقق من الاستهلاك بالنسبة للمتضررين الذين يشتكون من وجود خطأ أو خلل في العداد، فيما لا يمكن على المستوى المحلي مراجعة سعر الكهرباء أو إلغاء هذه الفواتير التي يشتكي المحتجون من ارتفاعها بشكل غير مسبوق. وقرر المحتجون العودة للاحتجاج، صباح أمس الثلاثاء، لتلبية مطالبهم المرتبطة بمراجعة الفواتير. بعض المصادر أكدت أنه «إذا كانت الزيادة مرتبطة بالسعر الجديد للماء والكهرباء، فإمكانية مراجعتها مستحيلة، لأن الأمر لا يتعلق بتدبير محلي، أما إذا كان السبب يعود إلى خلل في العداد أو خطأ في الفاتورة فيمكن معالجة الأمر». وأصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرشيدية بيانا قال فيه إن التدخل الأمني أسفر عن «العديد من الإصابات»، من بينها إصابة نائب رئيس فرع الجمعية وعضو آخر، حيث اعتبر الفرع المحلي «الزيادات في فواتير الماء والكهرباء مسا خطيرا بحقوق المواطنات والمواطنين الاقتصادية والاجتماعية».