كشف تقرير للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة «ترانسبرانسي- المغرب» عن أن أحزابا سياسية عديدة لا تحترم معايير الديمقراطية ومبادئها، مضيفة أن هذه الأحزاب لا تعقد مؤتمراتها في وقتها ولا يتم فيها التداول على مراكز القيادة بشكل يسمح بتجديد النخب، وأن تمثيلية الشباب والنساء في الأحزاب ضعيفة جدا. كما تعاني بعض الأحزاب، وفق التقرير، الذي قدم أول أمس بالرباط، من غياب الشفافية والنزاهة في معايير الترشيح وفي منح التزكيات، وأيضا من غياب الشفافية في مالية الحزب والتكتم الشديد على طرق صرف نفقاتها وعدم مراعاة مبدأ التطابق بين البرامج الانتخابية الحزبية المتشابهة والمتسمة بالتعميم والمفتقرة للضوابط الكمية والنوعية للتقييم وبين المرشحين المؤهلين أخلاقيا ومهنيا لتنفيذها. وذكرت «ترانسبرانسي- المغرب» بتقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الأحزاب السياسية، الذي كان قد أشار إلى أنه من أصل 35 حزبا المرخص لها بصفة قانونية فإن 21 حزبا هي التي قدمت حساباتها للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2011، فيما بلغ عدد الأحزاب التي أدلت بحساباتها السنوية في الأجل القانوني 8 أحزاب فقط. كما تأكد للمجلس أن 14 حزبا فقط هي التي أدلت بحسابات مشهود بصحتها من طرف خبير مقيد في جدول هيئة الخبراء المحاسبين. وبالرغم من التنصيص في الدستور على العديد من المقتضيات المتعلقة بنزاهة العلمية الانتخابية وتضمن القوانين الانتخابية في المغرب لمجموعة من العقوبات عن أفعال الفساد الانتخابي، فالواقع يكشف بشكل جلي بأن الفرق بين القانون والممارسة شاسع جدا بالنظر إلى بعض الخروقات الماسة بسلامة العمليات الانتخابية ونزاهتها، سواء منها التشريعية أو الجماعية، وفق ما جاء في التقرير الذي أعده أحمد مفيد أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بفاس. وأكد التقرير أن الفساد الانتخابي أصبح ظاهرة ملازمة لكل المحطات الانتخابية، وتتمثل أهم مظاهره في الرشوة والترحال الحزبي واستعمال الأموال واستخدام الممتلكات والتدخل غير المبرر للسلطة، مبرزا أن هناك إشكالية حقيقية تتعلق بمدى حياد الإدارة الانتخابية خلال الانتخابات بمختلف أنواعها تشرف عليها وزارة الداخلية، وأن هذه الوزارة هي التي تحضر مشروع المرسوم المتعلق بالتقطيع الانتخابي. وقد اعتبرت «ترانسبرانسي- المغرب» أن الفساد السياسي من أخطر الظواهر التي يمكن أن تعيق التنمية السياسية والبشرية وتحول دون تحقيق الديمقراطية وحماية الحقوق والحريات وبناء دولة القانون، وأنه أحد الأسباب الرئيسة في ضعف الاستقرار السياسي وهشاشته وفي غياب العدالة الاجتماعية. وبخصوص الجسم القضائي، تحدث التقرير عن انتشار الفساد والرشوة في الجسم القضائي، وعن تعقد المساطر القضائية، وبطء الإجراءات، والتأخر في صدور الأحكام والقرارات، وضعف الجودة على مستوى تعليل الأحكام، وضعف الحكم الجيد في الخريطة القضائية، وقلة الموارد البشرية، سواء في صفوف القضاة أو في صفوف كتاب الضبط. كما أشار التقرير إلى أن القضاة يعانون من التضييق عليهم في ممارسة العديد من الحقوق والحريات، مضيفا أنهم يمنع عليهم الإضراب وتوضع عدة عراقيل للحيلولة دون ممارستهم حرية التنظيم والتجمع والتظاهر. وخلصت منظمة «ترانسبرانسي» إلى أنه ينبغي توافر الإرادة السياسية وتفعيلها على مستوى الممارسة والخروج من مرحلة رفع الشعارات نحو مرحلة العمل من حلال تفعيل القوانين والمساطر في حق جميع الجهات والأشخاص الفاسدين، وتكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب وحماية الشهود والمبلغين وضمان الحق في الحصول على المعلومات والعمل على تكريس استقلال القضاء ومحاربة الفساد السياسي والانتخابي. ودعت إلى احترام مبادئ الديمقراطية، وتعزيز معاييرها في عمل الدولة، وكل المؤسسات المجتمعية، وضمان حماية الحقوق والحريات، ومحاربة اقتصاد الريع، واعتماد الديمقراطية التشاركية في تدبير الشأن العام، ومحاربة كل مظاهر الرشوة، واستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة، وتضارب المصالح، ومنع الجمع بين الثروة، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، واحترام مبدأ سيادة القانون، وضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين والمواطنات. تجدر الإشارة إلى أن التقرير الذي قدمته «ترانسبرانسي- المغرب» جاء ضمن تقرير التقرير الإقليمي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط حول الفساد السياسي، وشمل كلا من المغرب وتونس ومصر وفلسطين واليمن ولبنان.