سما دبي قامت بإشعار شركات المناولة التي تتعامل معها بالتوقف مؤقتا عن استكمال الأشغال، بالنظر إلى الوضع المالي الصعب الذي تجتازه الشركة المملوكة لحاكم دبي، وعدم قدرتها على أداء المستحقات ليدخل المشروع في نفق مظلم، خاصة أن وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق لم تعلن لحد الآن عن التدابير التي ستتخذها لإيجاد مصادر تمويل بديلة. ربما ستستمر حكاية المغاربة مع خيبة الأمل طويلا، فبعد كؤوس العالم التي طار بها الجيران بعد أن قدم المسؤولون المغاربة ملاعب ورقية في ملف احتضان مثقل بكلمة «سوف»، مرورا بترشيح طنجة لاحتضان المعرض الدولي الذي كان غياب المراحيض العمومية كافيا لنسفه، حان الدور على مشروع عملاق كان ورقة النجاة الوحيدة التي بإمكانها إخراج مدينة مليونية من ركودها. توقف؟ لم يتوقف؟ سؤالان يترددان كثيرا على ألسنة السلاويين هذه الأيام، فخبر تجميد أشغال شركة سما دبي التي تمول مشروع أبي رقراق بنسبة 50 في المائة، نزل كقطعة ثلج باردة على الجميع، والخبر أصبح يقينا بعدما شلت حركة الرافعات المنصوبة فيما بقي مركز المبيعات التابع لشركة إعمار فارغا. سما دبي قامت بإشعار شركات المناولة التي تتعامل معها بالتوقف مؤقتا عن استكمال الأشغال، بالنظر إلى الوضع المالي الصعب الذي تجتازه الشركة المملوكة لحاكم دبي، وعدم قدرتها على أداء المستحقات ليدخل المشروع في نفق مظلم، خاصة أن وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق لم تعلن لحد الآن عن التدابير التي ستتخذها لإيجاد مصادر تمويل بديلة. المشروع الذي كان مقررا أن يمتد من البحر إلى السد على مساحة تناهز 5000 هكتار توقف قرب القنطرة الحسنية، والترامواي والقنطرة الجديدة والمارينا ونفق الأودية وميناء الصيد وحدها بقيت تقاوم. مشاعر السلاويين متضاربة، منهم من يقول إن المشروع كان منذ البداية متعثرا بعد الحديث عن وجود اختلاسات تم على إثرها توقيف عدد من العاملين، مرورا بالضجة التي أثارها قرار نزع ملكية حوالي 6.000 هكتار لصالح المنفعة العامة، وهي الخطوة التي ولدت العديد من الاحتجاجات من طرف قبائل بضواحي مدينة سلا، رأت في الأمر محاولة لطردها وتهجيرها من المنطقة لصالح السياح وأصحاب المال. وهناك من يرى بأن المشروع كان من الأفضل أن يتولاه الأجانب، وخاصة الإماراتيين، بعد نجاح الإماراتيين في إنجاز مشاريع عملاقة في ظرف وجيز، مثل مدينة النخلة وبرج العرب.كما أن هناك من يحافظ على تفاؤله، ويقول إن الأمر يتعلق بسحابة أزمة عابرة ستعود بعدها الآليات إلى العمل (...) عضة من الفكرون عبد الكريم شاب في العقد الثالث وقف أمام القنطرة الحسنية وهو يحدق في أحد اليخوت الراسية بدلال بالمارينا، عبد الكريم أبدى حسرة شديدة على مصير المشروع، وقال: «لقد كان فرصة لا تعوض من أجل جعل سكان سلا يتصالحون مع مدينتهم»، قبل أن يضيف» الحمد الله تم إنجاز المارينا وأشغال الترامواي والقنطرة لازالت مستمرة، اللهم عضة من الفكرون ولا بلاش». ما لا يعلمه عبد الكريم هو أن المغاربة هم من يتحملون الآن تكلفة المشروع، من خلال أموال صندوق الإيداع والتدبير، وصندوق التقاعد الذي يمتلك حصة 30 في المائة، تضاف إليها نسبة 20 في المائة المملوكة لوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، فيما غادرت 1.5 مليار دولار ضفتي المشروع بسبب أزمة مالية جعلت العديد من المصارف والشركات العالمية على حافة الإفلاس، ودفعت الدول إلى ضخ ملايير الدولارات من أجل إنقاذ المؤسسات المالية، فمن قال إن المغرب لن يتأثر بالأزمة؟. العزاء في المارينا المارينا تبدو لعشرات الآلاف من السلاويين، الذين يتنقلون يوميا من مدينتهم نحو الرباط في حافلات وسيارات أجرة متهالكة، كبطاقة بريدية جميلة تنسيهم للحظات الجحيم الذي يعيشون فيه. بالمارينا التي ترسو فيها عشرات اليخوت، توجد مقاه افتتحت أبوابها مؤخرا، والزبائن يفدون بشكل يومي من أجل غسل عيونهم من البؤس المنتشر في أرجاء سلا، بعدما تحولت الرباط بدورها إلى مدينة بشعة نصف طرقها مدمر بسبب أشغال الترامواي، وأشغال أخرى يتم إنجازها دون أن يعلم أحد طبيعتها. محسن، أحد الزبائن، حضر رفقة صديقته إلى مقهى بالمارينا للتمتع بمنظر اليخوت، و أكد بأنه لم يعد بالمدينتين مكان هادئ يستطيع الإنسان أن يجلس فيه. لذا قرر المجيء إلى هنا رغم أن ثمن المشروب الواحد يساوي 15 درهما، قبل أن يضيف مبتسما بأنه أوصى صديقته بعدم طلب العصير. محسن قال إنه لاحظ أن الأشغال ومنذ البداية كانت بطيئة بعد مرور أزيد من سنتين من انطلاق المشروع، وأضاف أن ما حدث نكسة كبيرة وخسارة لمدينة سلا التي عانت كثيرا من الإهمال، قبل أن يختتم كلامه بجملة «حلمنا بزاف ومصدقش الحلم، هاد الشي تعودنا عليه». معاناة الأموات والأحياء السلاويون الأحياء والأموات تحملوا الكثير في سبيل المشروع، فبعد أن وجد عدد من الأموات بمقبرة سيدي بلعباس أنفسهم مضطرين لترك قبورهم لإفساح المجال أمام توسيع الطريق، بعدما أشهرت في وجوههم فتوى شرعية كانت بمثابة حكم بالإفراغ، وكان نصيب الأحياء زحاما خانقا وحفرا عميقة وضجيجا لا ينتهي. معاناة امتدت لشهور طويلة قبل أن تختفي لوحات كانت تحمل عبارة صبرا، الأشغال تتقدم»، لوحات اقتلعتها رياح الأزمة، وحل مكانها سؤال كبير: هل تبخر الحلم بتلك الصور الجملية التي تضمنتها الملصقات المحيطة بالأوراش؟ مدينة سلا التي وشمت اسمها في ذاكرة المؤرخين الأوربيين بمينائها الذي كان طريقا للجهاد البحري، مما جعل العديد من ملوك أوربا يصابون بالأرق خوفا على سفنهم، تحولت الآن إلى حي شعبي كبير يتعايش فيه البشر مع قطعان الماشية والحمير الشاردة والكلاب الضالة، والرئة الوحيدة التي كانت تتنفس بها وتوفر من خلالها فرص شغل لجحافل العاطلين بدأت تختنق. فالحي الصناعي أصبح شبه مهجور، بعدما رحل العديد من أصحاب الشركات أمام تصاعد أزمة النسيج، ليتحول عدد من شبان المدينة إلى «حراكة» يجربون لعبة الموت انطلاقا من شواطئ القنيطرة، أو «متقاعدين» يملؤون المقاهي الشعبية البئيسة بدخان السجائر والثرثرة حول الريال والبارصا، أو مجرمين ومعترضي السبيل تحت يافطة الظروف القاهرة. السلاويون ملوا الهروب بشكل يومي، مرة باتجاه القنيطرة ومرة باتجاه الرباط لكسر الرتابة القاتلة التي تجثم على مدينة بدون ملامح، لذا كانت الآمال المعلقة على المشروع كبيرة، وكانت خيبة الأمل أكبر بعد أن تحول الحلم إلى سراب، فرغم التصريحات المتتالية التي صدرت عن لمغاري الصاقل، مدير وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، بأن الأمور تسير على ما يرام، وأن الوكالة تلقت طلبات من دول بأوربا وأمريكا والشرق الأوسط أبدت اهتماما كبيرا بالمشروع، فإن قرار الشركاء الإماراتيين كان واضحا وأكد المخاوف التي تصاعدت منذ شهور. بحر سلا بدون أمواج مشروع «أمواج» الذي تساهم فيه شركة سما دبي بمبلغ 1.5 مليار دولار ويمتد على مساحة تقدر ب 200 هكتار، يتضمن إقامة وحدات سياحية وفندقية فاخرة إضافة إلى مكاتب أعمال للشركات الدولية ومساكن وفيلات. سكان سلا معذورون فقد رأوا في المشروع طوق النجاة الوحيد الذي ينقذهم من فشل المنتخبين والمسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير شؤون المدينة، وكان الشيء الوحيد الذي تفوقوا فيه خلال العقود الأخيرة، هو إنتاج المزيد من الأحياء العشوائية وتكريس جميع مظاهر البدواة. تقول سناء( طالبة جامعية): «لقد زرت مدن الشمال ولاحظت الفرق الذي حدث في السنوات الأخيرة على عكس مدينة سلا التي زاد وضعها سوءا، رغم تزايد عدد سكانها، فالمشاريع الوحيدة التي أنجزت تتعلق بالعمارات والسكن الاجتماعي، وبالتالي فالمشروع كان فرصة من أجل رد الاعتبار للمدينة ولسكانها، لكن توقف للأسف». البعض حاول الحفاظ على تفاؤله وقال إن الأزمة لن تستمر طويلا، وتأخر تنفيذ المشروع ليس مشكلا، فالمهم هو أن يتم إنجازه لأنه وحده القادر على بعث الحياة في المدينة. يقول عبد الفتاح لمغاري (35 سنة): «الأزمة عصفت باقتصاد دول قوية، ومن الطبيعي أن يتأثر بها المغرب أيضا، والتوقف المؤقت للمشروع لا يعني التخلي عنه، لأنه تطلب الكثير من الدراسات التي استنزفت أموالا طائلة، كما أن مردوديته ستجذب مستثمرين آخرين» ليختم كلامه بعبارة ممزوجة بالسخرية «صبرنا بزاف، ما فيها باس نزيدو نصبرو». الترامواي تبلغ القيمة المالية لمشروع الترامواي 3 ملايير و300 مليون درهم، وستمتد شبكة الترامواي على طول 20 كلم. من خلال خطين، الأول سيربط بين حي كريمة بسلا وحي أكدال بالرباط على مسافة 11.7 كلم.، فيما سيخصص الخط الثاني للأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل بطانة بسلا والمحيط ويعقوب المنصور بالرباط على مسافة 7.8 كلم. سيبلغ العدد الإجمالي للعربات التي سيتم تشغيلها في شبكة الترامواي 22 عربة،طول كل واحدة 60 مترا بطاقة استيعابية تصل إلى 560 مسافرا لكل عربة، وسيتم تشغيل العربات بالكهرباء اعتمادا على الربط الجوي. سيتوقف الترامواي في 32 محطة موزعة على الرباطوسلا وتضم أهم النقط والمحاور بالمدينتين. القنطرة الجديدة ستكلف القنطرة الجديدة 1286 مليون درهم، وسيشرع في استغلالها مع بداية يونيو 2010، وستمتد فوق مجال طوله يتعدى 1200 متر، وارتفاعه سيفوق 12 مترا، كما ستضم طريقين بستة ممرات ومسلكين للترامواي الذي سيربط الرباطوسلا، و سيتطلب إنشاؤها ثمانية وأربعين ألف متر مكعب من القوالب الإسمنتية. القنطرة الجديدة ستعوض قنطرة مولاي الحسن، وستسهل مرور السفن تحتها نظرا لعلوها عن النهر.