بسرعة أنهى الاتحاد الإسباني لكرة القدم، ومعه مدرب منتخب «لاروخا» فيسنتي ديل بوسكي الجدل المحتدم بخصوص موهبة «البارصا» الصاعد منير الحدادي، بعد أن تم توجيه الدعوة للأخير ليلتحق بتشكيلة المنتخب الإسباني الذي سيواجه اليوم منتخب مقدونيا في تصفيات كأس أوروبا للأمم 2016 التي ستحتضنها فرنسا. في الوقت الذي تحرك فيه الاتحاد الإسباني بانسجام وتناغم بين مختلف مكوناته لقطع الطريق على المغرب ومنعه من ضم هذه الموهبة إلى صفوف «الأسود» المقبلين على المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015، فإن الجامعة الملكية المغربية وبكل مكوناتها تحركت ببطء وبعدم فعالية، بل وساهمت في حرمان المنتخب الوطني من الاستفادة من خدمات لاعب سيكون له شأن كبير في كرة القدم العالمية، فبينما قال بادو الزاكي مدرب «الأسود» إنه في حاجة إلى الوقت لإقناع اللاعب بحمل قميص المنتخب الوطني، فإن الجامعة لم تتحرك سواء على المستوى الرسمي أو في الكواليس، بل إن حتى توجيه الدعوة للاعب للمشاركة في مباراة ودية سواء مع المنتخب الأولمبي أو الأول لم تتم ولو لجس نبضه على الأقل. في إسبانيا، ما أن بدأ الحديث عن حدادي وهو يخوض مباراته الأولى مع «البارصا» حتى وجهت له الدعوة لينضم لمنتخب إسبانيا لأقل من 21 سنة، ونظم له الاتحاد الإسباني بمناسبة عيد ميلاده 19 احتفالا بسيطا لكن بدلالات عميقة. لم يتوقف الاتحاد الإسباني عند هذا الحد فقط، فأمام تسارع الأحداث وحديث الإعلام الإسباني عن إمكانية انضمام اللاعب إلى المغرب، وإطلاق الحدادي لتصريحات ذكية لا تستبعد لعبه للمنتخب الوطني، فإن ديل بوسكي مدرب المنتخب الإسباني دخل على الخط بتنسيق مع اتحاد بلاده، عندما قال إنه لا يستبعد المناداة على الحدادي، قبل أن يرفع إيقاع الضغط، وهو يوجه له دعوة مفاجئة لتعويض غياب دييغو كوسطا لاعب تشيلسي المصاب، رغم أن هناك لاعبين أكثر خبرة من الحدادي كان بمقدوره أن يوجه لهم الدعوة كلورينتي وفيرناندو طوريس، لكن ديل بوسكي اختار أن ينهي الملف بشكل نهائي، فإذا خاض اللاعب دقيقة واحدة اليوم مع منتخب إسبانيا فإن كل شيء سينتهي ولن يعود بمقدور اللاعب حمل قميص المنتخب الوطني المغربي مرة أخرى، وهو بذلك يعيد سيناريو اللاعب بويان الذي كان برز بشكل لافت مع «البارصا» فوجه له دعوة سريعة ليحرم المنتخب الصربي من خدماته، قبل أن يختفي اللاعب بعد ذلك عن الأنظار، ويتابع ديل بوسكي العمل مع لاعبيه المفضلين. لاحظوا كيف تحركت الجامعة الملكية المغربية، وبالمقابل كيف وضع الاتحاد الإسباني خطة محكمة للإبقاء على اللاعب بإسبانيا. غدا سيبدأ الحديث عن أن «الوطنية» لا تشترى وأن اللاعب لو كان يريد الانضمام إلى المنتخب الوطني لفعل ذلك، أما علماء الكرة والتحليل الجدد، فإنهم لم يترددوا في القول إن الذي يحب الحدادي سيشجعه على الانضمام إلى المنتخب الإسباني، لأنه منتوج إسباني خالص، لكن هؤلاء نسوا أن الحدادي لاعب من أب وأم مغربية، وأن الذي يحب منتخب بلاده رغم الظروف الصعبة التي يمر منها، فإنه سيأمل أن يرى مثل هذه الموهبة تحمل قميص المنتخب الوطني وليس منتخب إسبانيا، بل إنه ما أن وجهت الدعوة للحدادي حتى خرج بعض العنصريين ليقولوا إنه تم استبدال «القرد كوسطا «في إشارة إلى أصوله البرازيلية، ب»المورو» الحدادي، هذا ناهيك عن أن المنتخب الإسباني بدوره لم يتردد في ضم كوسطا لصفوفه رغم أن اللاعب نشأ في البرازيل وبدأ أولى خطواته بها قبل أن يلتحق بالمنتخب الإسباني. إذا كان حدادي اليوم قريبا من طي صفحة المنتخب الوطني، وهو الذي كان يرغب في اللعب له، فإن المفروض أن تستفيد الجامعة من هذا الدرس جيدا، ففيه الكثير من الدروس للمستقبل، وأهم درس هو أن هناك الكثير من «الحداديات» في المغرب وبمواهب خارقة، لكن ليس هناك من ينقب عنهم، وليس هناك من يمنحهم التكوين العلمي الذي يمكن أن يرتقي بمواهبهم للأفضل، كما أن هناك «حداديات» كثر في أوربا يريدون اللعب لمنتخب الجذور.