حادث انفجار قنينة غاز في مطبخ أسرة الحمومي ب»عرسة البطيوي» في حي «واد الزحول» بفاس يعود إلى نهاية ماي الماضي، لكن تداعيات الحادث لا تزال مفتوحة، بالرغم من العلاجات التي قدمت لها من قبل اختصاصيين في المستشفى العسكري محمد الخامس بالعاصمة الرباط. فقد بكت سعاد محسن، والدة الأسرة، أكثر من مرة، وهي تستعيد ل»المساء» فصول انفجار مروع لقنينة غاز من الحجم الصغير، وكيف «أجهز» الحريق على أطراف مختلفة من جسمها، ثم انتقل إلى أجساد بناتها الثلاث، بعدما حاولن التدخل لإنقاذ حياتها وهي تواجه موتا محققا في المطبخ، في وقت العشاء، قبل أن يتدخل الجيران لإطفاء النيران. الحريق أضر كثيرا بمنزل العائلة، وقضى على عدد من محتوياتها، وشقق جدران البيت، وجعل سقفه يتكبد خسائر فادحة. ليلة رعب حقيقية انتهت بإعلان حالة استنفار وسط الجيران، حيث تدخل هؤلاء لإخماد الحريق، وإخراج أفراد الأسرة إلى منطقة آمنة، قبل أن تحضر سيارة إسعاف نقلت السيدة وبناتها الثلاث إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي، ومنه تم التدخل لنقل الأم وابنتها المصابتان بحروق خطيرة إلى المستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط، قبل أن تلتحق بهما الشقيقتان الأخريان اللتين أبقيتا في أجنحة مختلفة في المستشفى بفاس. أما أب العائلة، عسكري حصل على تقاعد نسبي، فإنه لم يتأثر بالحريق، لكن محنة أزمته النفسية التي جعلته يواظب على زيارة مستشفى الأمراض النفسية، بتقاعد بالكاد يكفي لاقتناء الأدوية، منذ مدة، انضافت إلى محنة الحريق، لكي تتحول حياة الأسرة بأكملها إلى مأساة. ظلت الأم وبناتها الثلاث في غرفة الإنعاش لمدة فاقت الشهر، وأخبرت بأن الحروق التي أصيبت بها إضافة إلى ابنتيها وئام الحمومي وسهام الحمومي، مصنفة في خانة «حروق من الدرجة الثالثة»، أما ابتسام، فإن حروقها مصنفة في خانة «حروق من الدرجة الثانية». وأشارت التقارير، إلى أن نيران قنينة الغاز أصابت أجساد هذه الأسرة في أنحاء متفرقة، حيث لم تسلم وجوههن وأيديهن، وظهورهن، وأطرافهن العلوية والسفلية من آثار حريق مرعب حول حياة الأسرة إلى جحيم لا يطاق. ومن أصعب المضاعفات، ما خلفته الحروق في نفسية بنات شابات في مقتبل العمر، كن يطمحن إلى بناء مستقبل زاهر، ويحلمن بمتابعة الدراسة، وبناء الحياة، وهن مقبلات عليها، رغم الوضع الاجتماعي الصعب، فأصبحن منزويات في البيت، يحصين الخسائر في الأجساد، وينظرن بين الفينة والأخرى في المرآة، وهن محبطات، بنفسية متدهورة تعاني من انكسار كبير. فقد ألزمتهن الحروق، حسب توصية الأطباء المتخصصين، على ارتداء كسوة ضاغطة لمدة سنة، كما أجبرن على عدم مغادرة المنزل، لمدة سنتين، واستعمال الأدوية للمدة ذاتها. والمثير في قصة هذه الأسرة أن الأم، وهي المعيلة الرئيسية للأسرة، وتمتهن مهنة خياطة، وجدت نفسها عاجزة عن تلبية تكاليف الدواء وتسديد أقساط قرض لاقتناء كسوة الحروق. «لقد وقعت شيكا بدون رصيد»، تقول سعيدة محسن، وهي تبكي، لاقتناء هذه الكسوة لنفسها ولبناتها. لكنها، عاجزة، تضيف، عن مواكبة تلقي العلاجات واقتناء الأدوية الباهظة، ما يهدد حياة أفراد الأسرة بمضاعفات خطرة للحروق، يمكن أن يكون الحد الأدنى من هذه المضاعفات عبارة عن تشوهات، ويمكنه أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه، تورد هذه الأم، التي لم تعد قادرة على العمل، مضيفة أن قريبة لها هي التي تسهر حتى على إمدادها بوجبات الطعام، كونها لا تستطيع حتى الإمساك بكوب ماء بسبب ما خلفه انفجار قنينة الغاز.