أعلن رئيس مجلس المستشارين، التجمعي المعطي بنقدور، عن إنشاء قناة تلفزيونية برلمانية، ستكون هي الأولى من نوعها في المغرب، في مبادرة للتصالح مع المواطنين والناخبين ومحو الصورة السلبية التي التصقت بالغرفة الثانية بوصفها تكرارا لما يجري داخل الغرفة الأولى. جاء ذلك في لقاء تواصلي نظم يوم الجمعة الماضي بمقر المجلس، بحضور الوزير الأول عباس الفاسي ورئيس مجلس النواب مصطفى المنصوري ووزير الاتصال الناطق باسم الحكومة خالد الناصري والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان سعد العلمي، وعدد من مديري شركات الإنتاج والإعلاميين. وحسب بنقدور فإن قرار إنشاء قناة تلفزيونية يدخل في إطار دعم ثقافة التواصل التي يقوم بها المجلس في حلته الجديدة، خصوصا وأن الإعلام أصبح خدمة خاصة، وكذا بهدف محاربة العزوف الانتخابي. وعبر عباس الفاسي عن دعمه للمشروع وأعلن أن الحكومة ستخصص دعما ماليا له، لكنه أكد على ضرورة أن تعكس القناة التعددية المتواجدة داخل الغرفة الثانية. ويعد مشروع القناة التلفزيونية جزءا من برنامج للإصلاح وضعه به بنقدور مع مكتبه، يهم تطوير عمل المجلس والرقي بأدائه التشريعي، سعيا لتجاوز الانتقادات التي توجه إلى الغرفة الثانية التي يبقى دورها محصورا في تكرار الأسئلة الشفوية والكتابية التي تلقى بالغرفة الأولى، والتي وصلت إلى حد مطالبة أحزاب سياسية وجمعيات حقوقية بإلغائها، مثل تحالف اليسار الديمقراطي الذي يضم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الاشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني، الذي دعا في وثيقة الإصلاحات الدستورية إلى إلغاء الغرفة الثانية وإقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي كمجال للحوار والاقتراح، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي سبق أن طالبت بنفس الأمر، بسبب الموقف السلبي للمجلس من قانون التصريح بالممتلكات وتشابه صلاحياته مع تلك المعطاة لمجلس النواب. ويرمي برنامج الإصلاح الذي وضعه بنقدور مع مكونات مكتبه وقدمه إلى الملك محمد السادس قبل أسابيع بمدينة إفران، إلى القيام بإصلاح تشريعي ورقابي وديبلوماسي للنهوض بأداء المجلس، إذ علمت«المساء» بأن بنقدور شكل لجنة تضم ممثلين عن جميع الفرق البرلمانية في المجلس لتعديل مواد القانون الداخلي للغرفة الثانية، وأن اللجنة قامت حتى الآن بتعديل حوالي 70 مادة. ومن بين التعديلات التي أدخلتها اللجنة، في إطار العمل على توسيع صلاحيات المجلس، أن هذا الأخير سيصبح له الحق، في إطار لجنة مؤقتة، في دعوة وزير أو مسؤول عن إحدى القطاعات للحضور إلى الجلسة لبحث موضوع أو ملف من الملفات المطروحة للنقاش، وذلك في سعي إلى تطوير عمل المراقبة التي يقوم بها المجلس. ويشير برنامج الإصلاح، الذي حصلت«المساء» على تفاصيله الكبرى، إلى أن الأسئلة الشفوية كما هو معمول بها اليوم لا تفي بالغرض المطلوب، من حيث المدة الزمنية الممنوحة لها ومن حيث طبيعتها وتطابقها مع الأسئلة التي تلقى بمجلس النواب، إذ نص البرنامج على أن المجلس سيصبح من مهامه طرح أسئلة تهم قطاعات معينة بعيدا عن انشغالات السكان التي يتكلف بها النواب في الغرفة الأولى، عملا بالاختصاصات المخولة للمجلس وسعيا إلى عقلنة العمل البرلماني، ولكونه يمثل القطاعات المهنية وليس السكان الناخبين المباشرين، وفي هذا السياق يؤكد البرنامج على أنه سيتم تخصيص ثلاث قطاعات بالمناقشة كل أسبوع، تمنح لكل قطاع منها ساعة كاملة، حتى يكون هناك وقت كاف للمستشار والمسؤول الحكومي في الرد والمناقشة. واعتبر مراقبون أن قرار رئيس مجلس المستشارين بوقف مناقشة مشروع مدونة السير المثير للجدل يوم الجمعة الماضي، إلى حين التوصل بجميع ملاحظات الأطراف المعنية، تدخل في إطار تقوية صلاحياته وإعطاء صورة إيجابية عنه، ووصف البعض القرار بأنه «قرار سياسي شجاع»، بسبب طبيعة الغرفة الثانية التي تمثل المأجورين والمهنيين الذين ترتبط مصالحهم بالمشروع، ما يقضي بأخذ مهلة للتفكير والنقاش قبل البت فيه.