تحج إلى ضريح مولاي بوعزة وفود أو ما يسمى ب«الركب» قادمة من قبائل بأقاليم خريبكة وسطات و ابن سليمان والجديدة وقبائل الأطلس وضواحي الرباط ... كما تزوره أسر وشباب من مختلف المدن والأقاليم بالمملكة. وتعرف المنطقة خلال النصف الثاني من مارس والنصف الأول من أبريل من كل سنة توافد الآلاف من الزوار والحجاج الذين ينضافون إلى حوالي 12 ألف نسمة، تكون الجماعة القروية مولاي بوعزة ينشط النقل السري بالمنطقة خلال موسم الحج، بسبب قلة سيارات الأجرة وصعوبة المسالك والطرق المؤدية إلى الضريح. الدرك الملكي والسلطات المحلية و أفراد القوات المساعدة يديرون أمن وسير وجولان الزوار، راكبين وراجلين ومستقرين داخل غرف للكراء أو بين أزقة وشوارع الجماعة...، على الطريقة البوعزاوية، واضعين صوب أعينهم ظرفية الفترة التي تمتد حوالي الشهر من كل سنة، ويغضون الطرف عن النقل السري والعربات والشاحنات (البيكوبات) والحافلات والعربات المجرورة بالجرارات والبغال والخيول، والتي لا تقيم وزنا لحمولتها العادية ولا لعدد الركاب المسموح به، ولا حتى لإشارات المرور على مداخل الجماعة القروية، ويكتفون بتنظيم مرور تلك المواكب الهائجة التي تفرض نظامها الخاص في السير والجولان. إذ حيثما وجهت عينيك تجد الإنسان والحيوان والعتاد معا فوق وداخل وفي مؤخرة الحافلات والشاحنات، بل حتى فوق أسقف وجدران المنازل والمحلات التجارية وجوانب من الضريح يتابعون «الهديات» أو “العادات” أو «الحضرة» التي تشدهم بطقوسها المثيرة والخارقة و المتوحشة ... الكل يثق في كرامات وبركات الولي الذي يقصدونه، متأكدين أنهم داخل منطقة الولي الصالح وتحت حمايته، إذ يمكن للجميع أن يغامر بحياته دون أن يلحقه أي أذى. والسلطات المحلية تشترط على ساكنة الجماعة القروية مولاي بوعزة عدم استضافة الزوار الذين لا يمتلكون وثائق الهوية من بطاقات التعريف الوطنية وعقود الزواج، ومعظم الأسر القاطنة بجوار الضريح تركت أولادها داخل غرف صغيرة أو مطابخ منازلها، لتستأجر باقي الغرف لضيوف وحجاج الضريح، وخصوصا في هذه الفترة ما بين 15 مارس و15 أبريل، بأثمنة تتراوح بين 60 و100 درهم للغرفة كل ليلة. ذلك أن هذه الأسر فقيرة وليس لها دخل قار، وتعتمد على مداخيل الموسم السنوي. بركة و دعارة وشعوذة تحج إلى ضريح مولاي بوعزة وفود أو ما يسمى ب«الركب» قادمة من قبائل بأقاليم خريبكة وسطات و ابن سليمان والجديدة وقبائل الأطلس وضواحي الرباط ... كما تزوره أسر وشباب من مختلف المدن والأقاليم بالمملكة. وتعرف المنطقة خلال النصف الثاني من مارس والنصف الأول من أبريل من كل سنة توافد الآلاف من الزوار والحجاج الذين ينضافون إلى حوالي 12 ألف نسمة، تكون الجماعة القروية مولاي بوعزة، فتتضاعف الكثافة السكانية بالمنطقة وتزدهر التجارة وعمليات كراء المنازل والغرف التي تساهم في رفع مداخيل الأسر الفقيرة ،التي تعتمد أساسا على الفلاحة وتربية المواشي. وإذا كان الحجاج يلجون المنطقة من مختلف مناطق المغرب، بهدف طلب «البركة» وتقديم الذبائح والهدايا للضريح والكشف عن «مساخيط» الوالدين، والاستمتاع بطقوس وخرافات وابتهالات و أمداح ورقصات عيساوة وأكلة اللحوم النيئة والأعمدة النارية والمياه الحارقة والزجاج، فإن المنطقة يلجها كذلك زوار من نوع آخر، يساهمون في نشر وتوطين الدعارة والشعوذة والتسول، والسطو على ممتلكات الحجاج. وقد قال محمد القدوري، عضو بجماعة الضريح السلالية، في تصريح ل«المساء» إن الوفود التي تحج إلى الضريح من كل ناحية لا يمكن لجماعة الضريح إلا أن ترحب بها ولن تستطيع انتقاد طقوسها وعاداتها، وأنه لا دخل لها بالطقوس والعادات والخرافات التي تقيمها تلك الوفود أثناء مقامها بالقرب من الضريح، وأوضح أن مصاريف صيانة وتدبير شؤون الضريح ومرافقه تعتمد بالأساس على الهبات والذبائح التي تهديها وفود القبائل والأشخاص الذاتيون. عزل قائد وإذا كانت مجموعة من الفتيات وقلة قليلة من الشبان يأتون من أجل الدجل والشعوذة والحصول على تأشيرات وهم الخلاص من العنوسة والمرض والعزلة، فإن المئات إن لم نقل الآلاف من الشباب والفتيات يقودهم هاجس الفساد الأخلاقي ولقاء العاهرات والشواذ جنسيا . قنينات الكحول والمخدرات والأقراص المهلوسة... يأتي بها الشباب مدسوسة داخل حقائب على متن سيارات و«بيكوبات» وحافلات من مدن الدارالبيضاءوالرباط وسطات وخريبكة وخنفيرة... وقد قال عدد من سكان المنطقة في تصريحات متفرقة ل«المساء» إنه رغم الحملات التمشيطية المستمرة داخل الجماعة القروية، فإن عدد هؤلاء الشباب لازال في تزايد، وأشاروا إلى أن جذور هذه الفئة المنحلة، متوغلة إلى درجة أن بعض المسؤولين السابقين (قائد سابق) بالمنطقة تمت معاقبته وعزله ،قبل حوالي سنة، من منصبه لمجرد أنه نفذ حملة تطهير للمنطقة من العاهرات والشواذ جنسيا، وقرر إعادة تنظيم فترات الحج والزيارات وتخليق المنطقة، موضحين أن عدة جهات من أعلى مستوى تدخلت وحررت تقارير كاذبة في حقه ليتم عزله من منصب قائد. القوات المساعدة تتابع عن كثب تحركات بعض الشباب (اللطيف منهم والخشن)، معظمهم غرباء، تؤمن سير “العادة”، تهدد المتجاوزين وتنذرهم بالاعتقال، و تتلف كل ما يتم حجزه من كحول ومخدرات (أزيد من 500 قنينة تم إتلافها ليلة الثلاثاء المنصرم حسب مصدر مطلع)... شباب يأتون بهدف الاستمتاع بموسم الحج على طريقتهم الخاصة: تحرشات جنسية ورقص تقليدي مع كل الألوان الغنائية الأصيلة وغوص في طقوس الوافدين من مناطق مختلفة بالنهار ، تليها سهرات ليلية حمراء ممزوجة بكل أنواع الكحول والمخدرات والشيشا الوديعة داخل غرف مستأجرة أو منازل للدعارة. بشر من الدرجة الثالثة أكثر هؤلاء الأطفال والشباب والشيوخ المشردين وسجناء الضريح غرباء عن المنطقة، دعاهم كما يدعونا مولاي بوعزة، فلبوا النداء، وأتوه منذ أشهر وسنوات مجردين من كل ما يضمن لهم حياة محترمة، لا مال ولا جاه ولا ملجأ للمبيت، يقضون النهار في التسول ومشاركة الحجاج والزوار مأكلهم ومشربهم والظفر ببعض هداياهم... عددهم في تزايد داخل أزقة وأحياء الجماعة القروية، التي لا دخل لأسرها سوى ما تكسبه من فلاحة ضعيفة وتربية للماشية، بينهم منحرفون يحملون أكياسا من البلاستيك بداخلها «مادة السلسيون»، يتابعون المارة بأعينهم ويمدون أنوفهم إلى داخل الأكياس حيث يستمدون الراحة والهدوء المزعوم. راحة من التفكير في وضع متأزم لازمهم منذ نشأتهم، وهدوء يفتت ضوضاء التشرد الذي فرض عليهم بعيدا عن أحضان أسرهم الدافئة. يفرضون أمنهم بطرقهم الخاصة على باقي السكان والزوار، و يعبثون بكل ما تحتك به أياديهم وأرجلهم، يغازلون كل من تجاوب معهم، تارة بالسب والشتم، وتارة بالتسول من أجل كسب دراهم لشراء مؤونة يومهم من الغذاء، أو شراء علبة «سيراج» الأحذية، أو علبة «سلسيون» أو قنينة كحول... عتاد السهرات التي أدمنوا على إحيائها لمسح ذاكرتهم وضبط المزاج وضمان مخزون ليلة حمراء لا تجف فيها عيونهم إلا بعصر العلب وتجفيف القنينات وختم السهرات بتكسير الزجاج والصراخ في منتصف الليل وعند الفجر، معلنين عن انتهاء ليلة صاخبة من عمرهم الضائع. تجدهم على طول شوارع وأزقة ومداخل وجبال المنطقة. أطفال ورجال في صورة كائنات حية غريبة تعيش خارج تغطية أدبيات مجتمعنا، نسجوا لأنفسهم بساطا خاصا بطقوسهم التي لا علاقة لها بطقوس وعادات مولاي بوعزة...وعلوا ببساطهم فوق محيطنا..قنابل موقوتة تنمو في صمت وتزادد خطورتها مع مرور السنين باحترافها الشغب والعنف لتصبح جاهزة للانفجار بعد امتصاصها كل أشكال الانحراف. تجدهم هنا وهناك يدقون عالمنا للحظات، يحاوروننا بنظرات خاطفة كالبرق، ويعودون إلى عالمهم، يمضون النهار في البحث عن مصروف ليلة أخرى يقضونها وسط ركام من العشب والأزبال أو داخل منزل مهجور أو فوق الجبال، يحاورون كل خيال مر بهم، يضحكون، يبكون، يعترضون سبيل المارة، ويزيد الظلام من غليانهم، ويزيدهم الإهمال والتهميش شجاعة وخشونة، ويبقى قدرهم بين أيدي خالقهم، منهم من يصاب ويمرض، فيضعف ويختفي، ومنهم من يزداد متانة وبأسا ليخرج من خانة المتشردين وسجناء الضريح إلى خانة المجرمين.