مرة أخرى، يثبت الشعب المغربي أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية وفي مقدمة قضاياه الوطنية الأولى، بدليل الحضور القوي الذي عرفته مسيرة التضامن مع ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي خلف مئات الضحايا بين شهداء وجرحى بسبب القصف العشوائي الذي أتى على الأخضر واليابس ودك أحياء آهلة بالمدنيين الأبرياء. مسيرة الرباط، التضامنية مع غزة والمنددة بهمجية الجيش الإسرائيلي وقادته، تأتي في ظل الإنجازات العسكرية الكبيرة التي حققتها المقاومة.. مقاومة بثت الرعب في قلوب الصهاينة لأنها تمكنت من أن تضرب في العمق الإسرائيلي، فلأول مرة تصل صواريخ المقاومة إلى مدن بعيدة كتل أبيب وأسدود وبئر السبع وغيرها، بل وتتمكن من تهديد منشآت عسكرية وأماكن حساسة مثل مفاعل ديمونة، فضلا عن قيام الكتائب العسكرية بتنفيذ عمليات نوعية عبر الأنفاق خلفت خسائر في الأرواح والعتاد وبثت الرعب في قلوب المحتلين.. عمليات مكنت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وفصائل أخرى من أن تفاوض من موقع قوة وتضع لأول مرة في تاريخ المقاومة شروطا متقدمة للموافقة على التهدئة ووقف إطلاق النار. ولعله يحق لنا أن نتساءل: أي دعم تقدمه كثير من الشعوب والأنظمة إلى المقاومة الفلسطينية؟ وهو دور يتعاظم حين يتعلق الأمر بدول الطوق المحيطة بفلسطين؟ للأسف الشديد، كثير من المواقف التي صدرت من دول قريبة، مثل مصر، تدفعنا إلى طرح تساؤلات محرجة عن سبب هذا التحول في الموقف من القضية الفلسطينية.. وإلا بم نفسر إصرار الحكومة المصرية على إغلاق معبر رفح وهو أهم منفذ يمكن فلسطينيي القطاع المحاصر من العيش، بما يعنيه ذلك من توفير حاجياتهم من الغذاء والدواء والتطبيب وتدفق المساعدات؟ وبم نفسر الحملة الهوجاء والمتناغمة التي تقودها كثير من وسائل الإعلام، العامة والخاصة، لتصوير المقاومة بصورة من يهدد الأمن الداخلي لمصر؟ وكأننا بإسرائيل -التي كانت قبل سنوات أكبر عدو تجب محاربته- صارت أكثر خوفا وحرصا على أمننا وسلامتنا من إخوان لنا يصرون على استرجاع أرض اغتصبت منهم قبل عقود وماتزال تغتصب كل يوم.