كانت بوليفيا جزءا من إمبراطورية الهنود الأمريكيين «الأنكا» قبل استيلاء الإسبان عليها سنة 1538م وكان الموريسكيون المسلمون الذين هاجروا من الأندلس إلى هذه القارة، عبارة عن الأذرع الواقية والشاحنات النقالة، والدواب الطيعة في يد دهاقنة الاستعمار الإسباني، يوجهونهم كيفما يريدون وحسب مصالحهم وأهدافهم.. للأسف هذه الموجة من المؤمنين الضعفاء تلاشت في خضم الأحداث الاستعمارية، وذابت أمام قسوة محاكم التفتيش، والبقية الباقية استسلمت للقهر والجبروت وأخفت إسلامها، ولا يوجد اليوم في بوليفيا أي أثر لهذه الجماعة إلا علامات وآيات من خلال جدران وأبواب ونوافذ مدينة «سوكري»، توحي لك بأن المسلمين «مروا من هنا»! وبدأت الهجرات الثانية إلى بوليفيا في الربع الثاني من القرن العشرين، وبالضبط سنة 1920م حيث وصل إلى مدينة «كوتشا بامبا» أول فلسطيني، واسمه إسماعيل عقيلي، وترك أسرة كبيرة العدد، تبعته عائلة عمرو المتمثلة في محمود عمرو، وعندما بدأ محمود يتحدث اللغة الإسبانية بدأ يناقش غير المسلمين ويدعوهم إلى الإسلام، وعندما تعرف إلى بعض المسلمين خاصة القادمين من آسيا، بدأ يجمعهم في العيدين، ثم بدأ يدعوهم لصلاة الجمعة والجماعة في بيته لمدة 11 سنة حتى تمكن من تسجيل أول مؤسسة إسلامية بوليفية وهي (المركز الإسلامي البوليفي) كمؤسسة إسلامية ثقافية دينية اجتماعية ورياضية في مدينة «سانتاكروز»، كان ذلك عام 1989م ووقع رئيس الجمهورية على الشخصية القانونية للمركز في سنة 1989م. ويوجد في بوليفيا ما يزيد عن ألف مسلم يمثلهم مركز إسلامي ومسجد وحيد، ويتزايد عددهم من ذوي الأصول البوليفية باستمرار في السنوات الأخيرة ؛ لكنهم يخشون من نقص في أعداد الكاثوليك الذين يشكلون نسبة 95% من السكان لحساب البروتستانت الذين يحملون ميولا عدائية للمسلمين. ويرى مدير المركز الإسلامي «عمرو كيفيدو» أن أحوال المسلمين تتحسن شيئاً فشيئاً، مشيرا إلى أن أغلب المسلمين يقيمون في مدينتي سانتاكروز ولاباز، ويتفوق المسلمون ذوو الأصل البوليفي على أقرانهم المهاجرين بنشاطهم الدعوي. وقال: إنه تم بناء مركز ومسجد تابع له يسمى بمسجد «العمرين» من تبرعات مسلمي بوليفيا والدول المجاورة، خاصة تشيلي. ويصل عدد المصلين يوم الجمعة إلى أكثر من خمسين مصلياً. وبالإضافة إلى هذا المسجد يوجد مصلى للمسلمين الشيعة في مدينة لاباز، وهم قلة قليلة وأغلبهم بوليفيون، كما يوجد مصلَّى للسنة في مدينة سوكري. وأغلب المسلمين المهاجرين من بنغلاديش، باكستان، فلسطين، سورية، لبنان. ويوضح كيفيدو أنه بجهود المركز الإسلامي وبعض الدعاة، اعتنق الكثير من أهل البلاد الإسلام ومنهم سفير بوليفيا في مصر، وعبد المؤمن أحمد، ابن قنصل بوليفيا السابق في المملكة المغربية، وغيرهم كثيرون. ويتخوف مسلمو بوليفيا من ضعف الكاثوليك، بحيث كانت نسبتهم تصل إلى 95% وهذا العدد أصبح في تناقص مستمر، بينما نسبة البروتستانت (الإنجيليون الجدد) تتكاثر وتنمو بسرعة البرق داخل الحقل الديني المسيحي البوليفي، وهو ما يقلق الجالية المسلمة؛ حيث إنها أشد عداءً للإسلام والمسلمين. ويزيد عدد اليهود في بوليفيا على 6000 نسمة وهم أقوياء اقتصادياً ويملكون أكبر محطة إعلامية وهي القناة الخامسة ATB، كما يمتلكون مجلة أسبوعية(كوساس). كما توجد في بوليفيا منابر إعلامية تملكها بعض الطوائف الدينية تقوم بتشويه صورة الأقلية المسلمة لصرف الشعب البوليفي البسيط عن الإسلام وعن التعاطف مع العرب والمسلمين، وقد تم قبل سنوات القبض على 23 مسلما من بنغلاديش، إثر مقال لكاتب اتهمهم بالتخطيط لعملية إرهابية؛ بينما هم تجار أبرياء لا علاقة لهم بما نسب إليهم. وحاول كثيرون من أبناء الأقلية المسلمة في بوليفيا التعريف بالإسلام في بعض الصحف والمحطات الإعلامية لكنها رفضت.. !! لأن هناك لوبيا ماسونيا قويا، له تنظيماته المحكمة وقد نجحوا في اختراق جهاز القضاء والمؤسسة العسكرية وغيرها من المؤسسات. ويعتبر العرب المسيحيون الذين أتوا من سورية ولبنان من أكبر الماسونيين في بوليفيا وأغلبهم يقطنون في مدينة سانتا كروز، حتى الزعيم والمحرر المعروف «سيمون بوليفار» (1738 1830 م) كان من أكبر الماسونيين، ثم خرج عنهم وأعلن القطيعة التامة مع نواديهم. وفي هذه الأجواء القاتمة والعداء المبطن من قبل المعارضين للوجود الإسلامي في بوليفيا يتحتم على الأقلية المسلمة أن تتعاون وتتضامن وتنبذ الخلاف والشقاق فيما بينها، وأن تستفيد من نفوذ بعض الشخصيات البوليفية بنسج خيوط التعارف معها ومع بعض مدراء الصحف اليومية والأسبوعية، والانخراط الإيجابي في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والعمالية والهيئات الحقوقية وخاصة المتعاطفة مع قضايا العرب والمسلمين، بالإضافة إلى إنشاء جمعيات ومراكز إسلامية ومساجد ومصليات ونوادٍ رياضية وترفيهية ومدارس عربية وإسلامية لتعليم أبناء الأقلية، ولهذا يناشدون وزارات الأوقاف في الدول العربية والإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والأزهر الشريف ومنظمة الإيسيسكو لإرسال الدعاة والمدرسين إلى بوليفيا دعماً لاستمرارية وجود الأقلية المسلمة بدول أمريكا اللاتينية. وتقع بوليفيا في قلب القارة الأمريكية الجنوبية، تحدها البرازيل وبيرو وتشيليوالأرجنتين وبرجواي، وهي همزة وصل بين هذه الدول، ويزيد عدد سكانها الآن عن 8 ملايين نسمة، منهم 64% هنود. النسبة المتبقية من السكان من أجناس وأصول متعددة، منهم الإسبان والألمان والعرب واليابانيون والأفارقة واليهود، وهي خامس دولة من حيث المساحة بعد البرازيل، والأرجنتين، وبيرو، وكولومبيا، وقد ظلت تحت الحكم الإسباني حتى سنة 1825م. استقلت عقب ثورة دامية قادها الزعيم الثائر «سيمون بوليفار» وسميت على اسمه، مقر حكومتها مدينة لاباز، أما عاصمتها التاريخية فهي مدينة سوكري. غنية بثرواتها الطبيعية ومنتجاتها الزراعية وأهمها: الذرة، الأرز، القمح، قصب السكر، البن، الكاكاو وثروتها الحيوانية تتكون من الماشية، والأغنام، والماعز والبقر، ويستخرج النفط والغاز من بعض مناطقها ويصدر إلى الأرجنتين والشيلي عبر أنانيب، وإنتاجها من المعادن يتكون من القصدير واليورانيوم والذهب. الصادق العثماني