تشير بعض الوثائق التاريخية إلى أنه في الفترة (1860 -1850م) بدأت هجرات مكثفة من عرب ومسلمين معظمهم من أصل سوري ولبناني وفلسطيني إلى القارة الأمريكية، وتمركز أغلبهم في الأرجنتين والبرازيل وباراجواي، كما وفد أيضاً مهاجرون من بنجلاديش وباكستان، وكانت نية هؤلاء البحث عن عمل وجمع ما تيسر من المال، ثم العودة من جديد إلى الوطن الأم.. وكان المهاجرون الأولون من العناصر الشابة غير المثقفة عموما، بل والأمية أحيانا، وكانوا يعتمدون على العمل اليدوي والتجارة المتنقلة، ولم يفكروا مطلقاً في العيش والاستقرار في هذه البلاد، مما أدى إلى عدم اهتمامهم بإقامة المساجد والمراكز والمدارس الإسلامية والعربية، وهو ما تسبب في ضياع أبنائهم وذوبانهم بشكل كامل.. ومَنْ يزر باراجواي ودول أمريكا اللاتينية عموماً سيُفاجأ بسماع اسم الراهب محمد، أو عمر أو القديسة فاطمة؛ حيث إن كثيرا من أبناء المسلمين في هذه البلاد أصبحوا قساوسة ورهباناً!! ومع مرور الزمن استقرت الجالية العربية المسلمة في جمهورية باراجواي، ثم ما لبثوا أن اندمجوا في المجتمع الجديد، وتباعدت بينهم المسافات، وانقطعت الصلة بين الكثيرين منهم، وانقرض الجيل الأول، وتبعه الجيل الثاني الذي كان أوفر حظاً من الناحية الاقتصادية والثقافية، ولكنه أقل ارتباطاً بالإسلام واللغة العربية، ثم تلاه الجيل الثالث الذي لا يعرف من العربية والإسلام إلا النزر القليل، ويتخذ من انتمائه العرقي أو الديني أداة تجمع عاطفي تقليداً لما للجاليات الأخرى من مراكز ثقافية ورياضية. ومع مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وبحكم تحسن الأوضاع الثقافية والسياسية والاقتصادية، وبروز تيار الصحوة الإسلامية في الأوطان العربية، وعودة أبناء الأقليات الإسلامية في أوروبا إلى دينهم وأصالتهم، نشأت لدى الشباب المسلم، وخاصة الشباب المهاجر الجديد في باراجواي وفي دول أخرى من أمريكا اللاتينية، روح جديدة تشده إلى أصوله الحضارية وتبعث فيه الهمة للبحث عن هويته الحقيقية التي كادت أن تختفي.. وأصبح الناس يتطلعون لمن يثقفهم في أمور دينهم، ويعرّفهم بالإسلام الوسطي المعتدل المتسامح، ولكن هذه الروح تلقفها دعاة الكراهية وشيوخ الفتنة، فبثوا في عقول بعض الشباب من دارسي العلوم الشرعية الكثير من أفكارهم العقيمة السقيمة! ويقدر رئيس المركز الخيري الثقافي الإسلامي أحمد رحال عدد المسلمين في باراجواي بحوالي 15 ألف نسمة يقيمون في المدن الرئيسة، وعلى رأسها العاصمة أسونسيون.. وقد تأسس المركز الخيري الثقافي الإسلامي في العاصمة سنة 1990م، كما قام المركز أخيراً بتأسيس فرع بمدينة إنكارناسيون الحدودية مع الأرجنتين والتي تبعد 370 كيلومتراً عن العاصمة، ويوجد أكبر تجمع للمسلمين في المنطقة المسماة بالمثلث الحدودي، حيث نقطة تلاقي الحدود بين باراجواي والبرازيل والأرجنتين، وهي المنطقة المشهورة بالشلالات، والتي تعتبر من أجمل مناطق العالم، وهي مقسمة بين الدول الثلاث..