"التحكم".. ما "التحكم"؟ أستحضر في هذه الكلمات معنى "التحكم" كما استوعبته من خلال الفهم اليومي لسياقات زمننا السياسي الحديث الذي حمل إلينا، ذات ليلة ظلماء وفي غفلة من أحلام الشعب وحكماء الحاكمين، "صخب اللامعنى" أو "سياسة اللامعنى" عبر عملية صناعة أخطر مشروع تحكمي استبدادي حزبي كاد يعصف باستقرار البلاد ويغرقها في وادي الفساد والاستبداد، لولا ألطاف رب العباد الذي سخر للاستقرار ما شاء من الرجال والأوتاد.. وعود على بدء، فإن التحكم يعني منهجية لإضعاف منسوب الإصلاح ورغبة في وأد أي طموح لبناء دولة المؤسسات. التحكم آلية لتأبيد الفساد وترسيخ الاستبداد واستغلال غير شرعي لخيرات البلاد. التحكم أقصر الطرق لتحقيق العزوف عن السياسة. التحكم عقيدة المفسدين الطامعين، بطرق غير قانونية وبالإكراه، في الحكم والهيمنة والرياسة. التحكم يرى ذووه كل الناس عبيدا، وهم وحدهم السادة في مجال السياسة التي حولوها إلى سوق للنخاسة. التحكم هو أن يتحكم المال في التحالفات، وتبنى على أسسه مآلات الانتخاب والانتداب وتدبير شؤون العباد. التحكم بالضرورة يخدم الريع ويرعى الفساد ويجعل من قلة فاسدة ناهبة، مستأثرةً بثروات البلاد. التحكم منهجية نافذة لتشجع الرغبات "المافيوزية" الطامعة في بيع الوطن، والاستهتار بالأمن العام. التحكم يعني أن تغيب القوانين وتحل محلها القرابين. التحكم يعني أن تعطى المناصب بمنطق الولاءات، لا الكفاءات. التحكم يعني أن تكون الدولة المرئية غطاءً.. والدولة العميقة حكما ومسيرا ومتحكما في السر، بل وحتى في العلن عند الاقتضاء. التحكم منطق لتسمين "النخب المهترئة" بعدما أعلنت قطيعتها مع الشعب، وخانت أمانة القيادة والتأطير والقدوة والتنظير. التحكم كابوس للشعوب.. وكابوس للحكام كذلك.. لأن الشعوب إذا ما طال ليلها استفاقت مستصرخة، هائجة، فزعة.. معبرة عما تريده.. وما عشرون من فبراير عنا ببعيد !!.. التحكم هو قدرة غريبة على ترويج الكذب والادعاء.. قدرة عجيبة على تبني فكر "جون لوك" و"كارل ماركس" في ذات الآن.. وأن تطبق الليبرالية بمبادئ الماركسية.. من تمظهرات التحكم، كما تعلمته في وطني، أن تكون لصا "محترما" تتحدث بلغة الشرفاء وتؤثر في صناعة القرارات والسياسات العمومية، أو تكون تاجر مخدرات ثم تتحدث عن القانون والمؤسسات وتقنين الكيف واستخدامه طبعا لأغراض "طبية"، أو أن تكون مفسدا فتطالب بعدم الإفلات من العقاب وبالشفافية والنزاهة وبالحساب.. خلاصة تركيبية: عندما ينفرد التحكم بالسلطة والحكم، تموت الدولة ويموت الوطن، سواء قصُرَ أو طال الزمن. نبيل الأندلوسي * * الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بالحسيمة