شيء لا يصدق بأن المسلمين الأوائل اكتشفوا قارة أمريكا قبل أن يكتشفها ''كولومبوس'' بفترة طويلة، وذلك عندما قطعوا المحيط الأطلسي من الأندلس سنة1150م، ووصلوا إلى ما يعرف حاليا بالبرازيل، والمؤرخ المسلم الشريف الإدريسي، يذكر أن اكتشاف المسلمين لهذه القارة كان قد تم قبيل هذا التاريخ، عندما أبحر ثمانية من المسلمين من لشبونة في القرن العاشر الميلادي، محاولين اكتشاف ما وراء بحر الظلمات، وهو الاسم الذي كان يطلقه البحارة المسلمون على المحيط الأطلسي، إلى أن نزلوا في أمريكا الجنوبية. وقد تحدث أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي المتوفى عام 346ه عن قوم من أهل الأندلس عبروا ما كان يسميه بحر الظلمات والأخضر والمحيط، الذي كان يظن بعض أهل عصره أنه أصل سائر البحار وقال: «إن منهم رجلا من أهل الأندلس يقال له خشخاش، وكان من فتيان قرطبة وأحداثها فجمع جماعة من أحداثها، وركب بهم مراكب استعدها في هذا البحر المحيط، فغاب فيه مدة ثم انثنى بغنائم واسعة، وخبره مشهور عند أهل الأندلس ..» وتؤكد هذه الحقائق بعض كتابات المستشرقين، يذكر مهدي في كتابه (العرب في أمريكا) أنه في سنة 1539 م اكتشف ''فراماركوس دي نايز'' المناطق المعروفة اليوم باسم ''نيومكسيكو'' و''أريزونا''(ولاية من ولايات أمريكا اليوم)، وكان مرشده في ذلك مسلم مغربي اسمه ''أسطفان''.. ويؤكد المؤرخ المكسيكي «باسكال ألمازان» في كتابه عن تاريخ المكسيك (أن مسلما من أهل الأندلس وصل إلى المكسيك من المغرب واسمه يوسف بن العباس، بعد أن خطفه القراصنة في القرن السادس عشر الميلادي؛ حيث تم اعتقاله من طرف الإسبان وبيع في أسواق النخاسة، ولم يكن معروفا آنذاك بفصله وأصله..)؛ لكن اليوم وبعد تطور الدراسات التاريخية والأثرية تيقن للكثير من الدارسين والباحثين أن هذا الشخص هو مصطفى الأزموري المغربي أول رجل مسلم - من خارج قبائل الهنود- يكتشف المكسيكالجديدة وأريزونا بعد عبوره صحراء سونورا القاحلة.. مع العلم أن الأزموري فضل المكوث إلى جانب هنود (زوني) المجاورين، وظل في الانسجام معهم حتى وفاته الغريبة في قرية (هاويكوه) القديمة، التي تقع اليوم بالمكسيك. مما لاشك فيه أن الكثير من المؤرخين والباحثين في أوطاننا العربية والإسلامية لم يسمعوا قط باسم مصطفى الأزموري، لأننا نحن العرب –مع الأسف- لا نسجل تاريخنا، رغم أن هذا المكتشف المغربي أكثر شأنا من ابن بلده أبن بطوطة المغربي الطنجاوي..صادفتُ اسمه عندما كنت أعد بحثا في موضوع «تاريخ المسلمين في البرازيل» كلفت به من طرف الإخوة في مجلة المجتمع الكويتية، سنة 2004 فاكتشفت أن مصطفى الأزموري المغربي المتحدر من مدينة أزمور، تحت أسماء مختلفة منها: أيصطفان، يوسف بن العباس، إستيبانيكو، إستيبانو، المورو، ستيفن الأسود، خوينتستا.. وقد كانت دهشتي كبيرة حين علمت بأن الأزموري هو أول مستكشفي فلوريدا، وتكساس، وأريزونا والمكسيكالجديدة..!! لا، بل إنه بالنسبة إلى الكتاب والفنانين السود، على الخصوص، في قارة أمريكا الشمالية والجنوبية هو أول رجل (إفريقي) يكتشف العالم الجديد. وُلد في مرفأ أزمور حوالي سنة 1500م، وكان مراهقا عندما قبض عليه البرتغاليون وباعوه ضمن العبيد لقائد إسباني اسمه أندريس دولورانتس. وفي سنة1527، التحق القائد وخادمه الصغير برحلة «بانفيلو دو نارفاييز» برفقة 600 بحار آخرين لاستكشاف فلوريدا والأراضي القريبة. وقد كانت السنوات الإثنتي عشرة التي قضاها متنقلا بين منطقة الكارايبي وتكساس وأريزونا والمكسيك كافية لتجعل منه أحد أكبر مستكشفي الولاياتالمتحدةالأمريكية الحالية، كما قام بدعوة الناس إلى الإسلام في هذه المناطق، الأمر الذي قد يميل إلى الصحة ؛حيث وُجدت آثار موريسكية أندلسية مغربية في المعمار المكسيكي، فتبدو بعض المباني كما لو كانت مساجد، حيث تعتليها قباب ومآذن، كما تجدر الإشارة إلى أن السلطات المكسيكية في مدينة مكسيكو قد اعترفت بأن أحد المباني الواقعة وسط العاصمة المكسيكية كان مسجدًا في الماضي، ومازال كساء من البلاط والسيراميك لإحدى المطابخ في معبد «سانت روز» بالمكسيك شاهدا على عبر قرية الرجل الموريسكي المسلم الذي جئ به مع المستعمرين الإسبان إلى العالم الجديد . وقد كشف الملتقى الخامس للجنة الدولية للدراسات العثمانية في تونس قبل 5سنوات عن وثيقة تاريخية هامة أعلن المؤرخ الفرنسي «جورج هازي» أن رحالة عربيا تركيا من أصل عراقي استطاع الوصول إلى قلب أمريكا الجنوبية وخصوصا البرازيل منذ ما يزيد عن 280 سنة وتسجيل حياة المسلمين فيها، وقال إن الرحالة عبد الرحمن البغدادي سجل ملاحظاته ومغامراته في مخطوط بعنوان «مسلية الغريب» يوجد حاليا في مكتبة الدولة ببرلين الغربية، ومؤلف هذا المخطوط النادر كان يعيش في دمشق أثناء حكم السلطان عبد العزيز، غادرها والتحق بعاصمة الخلافة الإسلامية اسطانبول؛ حيث انضم للعمل في الأسطول العثماني ذات يوم من عام 1866..كانت السفينة التي يعمل عليها ملتحقة بالبصرة عبر البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي والهندي آخر الأمر. إلا أن عاصفة هوجاء هبت بالمحيط الأطلنتي والسفينة عابرة به جعلتها تجنح وتتوه في المحيط أسابيع طويلة.. حتى دفعتها إلى أمريكا الجنوبية، ونزل ركابها وبحارتها بالبرازيل..ويروي البغدادي في مخطوطه كيف أن مسلمي ريودي جانيرو كانوا خائفين من القمع المسلط ضدهم، وأن هؤلاء أخبروه بأنهم يمارسون شعائرهم الإسلامية خفية، خوفا من ملاحقتهم من قبل محاكم التفتيش البرتغالية، ولكنهم ظلوا في قرارة أنفسهم وفي أسرهم وبيوتهم مسلمين صادقين.. وقد دخل الإسلام إلى أمريكا اللاتينية فعليا منذ اكتشاف أمريكا في القرن الخامس عشر مع العبيد الذين جلبوا من شمال وشرق إفريقيا، وقد استقر أغلبهم في البرازيل ثم انتشروا في باقي أنحاء أمريكا الشمالية والجنوبية، والأغلبية الساحقة لهؤلاء العبيد كانوا من المسلمين الذين أرغموا على ترك دينهم تحت التهديد والتعذيب وذاب الكثير منهم في هذه القارة، وتنصر من تنصر تحت الإكراه البدني والنفسي والمعنوي، وعليه تقهقر الإسلام في هذه القارة..وبعد تحرير «العبيد» وعودة الكثير منهم إلى الإسلام، والهجرات المتكررة من العرب والمسلمين إلى دول أمريكا اللاتينية؛ أصبح وجود الإسلام حقيقة واقعة في المجتمع اللاتيني، وهذا ما أقر به الكثير من رؤساء دول أمريكا اللاتينية وفي مقدمتهم رئيس جمهورية البرازيل في عدة مناسبات؛ بحيث اعتبر الهجرة العربية إلى البرازيل وباقي الدول في أمريكا اللاتينية بمثابة اللبنة الأساسية والمهمة في إعمار أرض البرازيل وبناء حضارتها وازدهارها اقتصادها وثقافيا وعمرانيا. الصادق العثماني