في يونيو من سنة 1982، تزينت إسبانيا يومها كثيرا، فقد كان الموعد مع إنجاز جزائري تحدثت عنه وسائل الإعلام طويلا.. يومها، كان منتخب الثعالب يفخر بلاعبيه الكبار، كان هناك بلومي وماجر وسرباح وعصاد وبن ساولة.. ولم تكن هناك أسماء أخرى أكبر منهم.. لا زلت أذكر ونحن صغار، حين كنا نتسابق من أجل جمع صور لاعبي هذا المنتخب العربي الذي سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه بعد فوز رائع على منتخب ألماني مثقل بالنجوم.. وكان ماجر ومعه بلومي يسجلان بالقدم أحلى لحظات القدر.. فاز المنتخب الجزائري وأبدع أمام منتخب الشيلي، ولم يحرمه من المرور للدور الثاني سوى تواطؤ دنيء بين ألمانيا والنمسا، وخرج المنتخب يومها سعيدا بإنجازه.. وأدعوكم سادتي لمشاهدة بعضا من دقائق مباراة الجزائر التاريخية أمام ألمانيا، وتأكدوا قبلها أن الفرجة مضمونة... مضى مونديال إسبانيا، كانت بصمة العرب واضحة، وكان لابد لنا جميعا أن ننتظر حتى مونديال المكسيك لنفخر بمنتخب آخر عربي، حينها، فجر الأسود المغاربة مفاجأة جميلة، وعبروا إلى الدور الثاني كأول منتخب عربي وإفريقي في تاريخ المونديال.. ليتم فتح الباب بعد ذلك أمام منتخبات أخرى صنعت مجد الكرة الإفريقية.. وأكمل المنتخب السعودي فرحة العرب بتأهل تاريخي في مونديال أمريكا 94 ، وأصبح الحلم بإنجاز رياضي في المونديال غير ممنوع على الأفارقة والعرب.. الجزائر، يعبر بثقة للدور الثاني، ومعه منتخب نيجيريا، وكان بإمكان فيلة الكوت ديفوار أن يفعلوا ذلك، دون أن ننسى منتخب غانا طبعا، فقد كان كبيرا وهو يرغم ألمانيا على التواضع.. لقد أسعدنا حقا، أن نفخر بانتمائنا العربي والإفريقي، أسعدنا أن يكون لنا منتخب جزائري مع الكبار، كان الفرح كبيرا في المقاهي، استحق ثعالب الصحراء تصفيقات جمهور مغربي عاشق.. رصدت الفرحة في أعين المتفرجين، في تبادل التهاني بين كل الحاضرين، فوحده منتخب الجزائر من رفع عنا غبن عدم المشاركة في المونديال، وتحمل مرارة غياب السنين.. الجزائر، تألق وهو يبدع أمام منتخب كوريا، تألق، حتى وهو ينهزم أمام منتخب بلجيكا، وأمتع وهو يتعادل أمام الدب الروسي بقيادة كابيلو.. لقد جعلنا ثعالب الصحراء نعيش واحدة من أجمل ليالي المونديال، تفرجنا بحماس، برغبة شديدة في التأهل، دعونا الله، وكنا نعلم أن كل العرب معنا يدعون.. ثعالب الصحراء، كبرت أحلامهم، ومن حقهم أن يحلموا بأكثر من ذلك، صحيح أن المنافس من العيار الثقيل، ولكن التاريخ يحفظ للعرب تألقهم الدائم أمام الكرة الألمانية، فقد عطل الجزائريون يوما الآلة الألمانية في عز قوتها.. وليس للمنتخب ما يخسره، فكل النتائج فوز مستحق.. فقط على رفاق مبولحي أن يثقوا في قدراتهم، أن يؤمنوا بحظوظهم حتى النهاية.. والفوز ليس شيئا مستحيلا.. وإلى أن نلتقي في مباراة كتابة التاريخ، تأكدوا أن الفرح، سيستمر طويلا في الجزائر، في فرنسا، وفي كل مدن العالم، فقد أنصفت الكرة منتخبا ظل يحلم بإنجاز تاريخي في المونديال طيلة مشاركاته الأربع.. ولابد أننا لن نتعب من ترديد موال النصر الكبير.. وان، تو، ثري، فيفا لالجيري.