هو أحد أبناء تلك «الجزيرة» الإعلامية وصانعي الحدث في الأرض القطرية، هو من منح للعرب رفقة من جاوروه وعشقوا الخبر وسحره، المتنفس كل المتنفس التلفزيوني في زمن هيمنة الهياكل التلفزيونية المتهالكة والمواليد المستنسخة لأنظمتها «الشمولية». الاسم غسان بنجدو، المسلم السني، اجتمعت فيه مختلف الأطياف الدينية والعرقية، هو الابن الوفي للأب التونسي والابن المتعلق بانتماء أمه اللبنانية المسيحية، وبين الجزائر واليونان يعبر غسان، ليحكي بلغة الأصول عن زمن التجانس والتلاقح والانتماء، ويفند ما استطاع إلى ذلك سبيلا ادعاءات أو حقيقة من وصفه بتغليب طائفة عن أخرى وتفضيل مذهب دون آخر. في زمن العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان، كان غسان بنجدو مرآة لما يحدث هناك وحجبته يد الرقيب في العديد من القنوات العربية التي اختارت أن تعكس تلفزيوناتها رؤيتها لما يحدث لأبناء لبنان الأبرياء وتعكس تسويغها للدمار والتذبيج والتقتيل. هو من حمل كلمات حسن نصر الله لمنتظريه في اللحظة التي لم يكن متخيلا أن يعبر فيها نصر الله للجمهور، هو المصر على نقل ما تخفيه إكراهات إغلاق المعابر عن المدنيين، حاول أن ينتقل إلى قطاع غزة، لإعلان كلمة التضامن وكشف الواقفين وراء حصارالفلسطينيين، عبر قطاع غزة، إلا أن منع السلطات المصرية له من الدخول، ألهمه الطريق الصعب، طريق الأنفاق التي تلخص بشكل غير عصي الفهم على كل ذي قلب سليم وذمة إنسانية لا تخضع للضغط أو المساومة على ما يعيشه الواقع السياسي العربي من أنفاق. فبعد دراسة جامعية تمرس فيها على أحلام وصعاب العمل الصحفي، بحث في ذاته فألفى الكثير من الميل لنقل المعلومة وتحليل الخبر وتضييق الخناق، ميل سيحمله للعمل في قناة «بي بي سي» كمراسل في العديد من الأقطار من بينها إيران، فضلا عن اشتغاله متعاونا ومراسلا لجريدة الحياة اللندنية ومنابر صحفية عربية عديدة. واشتغاله مع المعهد العربي للدرسات الدولية بواشنطن. بين «البي بي سي» وسحر الصحافة المكتوبة، صقل غسان بنجدو الموهبة المستعدة للتطور، فانتظر اللقاء الحقيقي مع الجمهور الذي تكرس من خلال انتمائه لقناة الجزيرة سنة 1997، هناك كان المنطلق برأي متتبعي مسار غسان، وهناك كشف بشكل جميل عن الانتماء الحقيقي للتلفزيون وكشف الكثير عن الهدوء الماكر والجدال الهادئ الذي يحرك في المشاهد الأسئلة المقلقة وينوب عنه في كثير من الهموم ويمنح لنفسه عبر فضاءات النقاش المتعددة والمختلفة التي يتيحها برنامج «حوار مفتوح» فضاء حقيقيا للحرية الجديرة بالتأمل والاعتبار بالنسبة إلى المحاورين المغاربة في البرامج التي تسمى حوارية «زعما».