ما الذي يفعله المغرب من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية؟ سؤال يتبادر إلى الذهن ونحن نتابع تجمع زعماء عشرين دولة كبرى بلندن، من أجل وضع ميكانيزمات الحد من تبعات أزمة كسرت شوكة أقوى الاقتصاديات العالمية. المغرب ليس جزيرة معزولة عن العالم.. المغرب له ارتباطات مع تلك الدول، بل إن أزيد من تسعين في المائة من مبادلاته تتم مع مجموعة العشرين. فما هو الحل؟ في عز كل أزمة تتضح عبقرية المكلفين بتدبير الشأن الاقتصادي بإيجاد البدائل، أين نحن من ذلك؟ صادرات النسيج والفوسفاط والفلاحة تنخفض... عائدات مغاربة المهجر ستعرف لا محالة أكبر انخفاض في العشرية الأخيرة... السياحة ستبور، كما يقع ذلك في مختلف بلدان العالم، وليس هناك سبب واحد لتكون السياحة المغربية هي الاستثناء... ما هي البدائل إذن؟ لا شك أن القيمين على الشأن الاقتصادي بالمغرب يفكرون في جلب استثمارات وأموال أجنبية لتقليل الخسائر. لكن هل ذلك متاح في ظرف مثل هذا؟ بالتأكيد لا. فالاستثمارات الكلاسيكية تعرف انتكاسة كبرى، حتى أن الاستثمار بالبورصة والأسواق المالية أصبح ضربا من الخيال, فيما عرف بتمويل العقار والسياحة تراجعا خطيرا. فما الذي انتعش في ظل الأزمة؟ الاقتصاديون الكبار يقولون دائما إن هناك اقتصاد الأزمة ويعنون بذلك القطاعات التي تنتعش مع الأزمة. وقد سمعت قبل ثلاثة أشهر أحد الوزراء المغاربة يقول باطمئنان كبير إن السياحة المغربية لن تتضرر بل العكس ستستفيد من أزمة السياحة بالدول المجاورة، وكان يقصد إسبانيا. كان واضحا أن في هذا الطرح الكثير من السطحية، حتى لا أقول جهلا بما يجري في العالم. إن من القطاعات النادرة التي انتعشت في ظل الأزمة البنوك الإسلامية وذلك بشهادة خبراء الاقتصاد الغربيين. ثم هناك اليوم بمنطقة الخليج توجس وحذر كبيران من الاستثمار في العالم الغربي، وتحديدا بأوربا وأمريكا. فهل يعي المسؤولون المغاربة هذا المعطى وهل يتجاوبون مع طلبات إنشاء بنوك إسلامية ستدر على المغرب ملايير الدولارات بالعملة الصعبة؟ سؤال كبير يحتاج إلى وضوح أكبر. لقد كان المغرب دائما يتحجج في رفضه للبنوك الاسلامية بالتسمية التي تحملها والتي تفزع البعض، مع أنها مجرد نموذج ل«بيزنس» جد مربح لأصحابه ولدول الاستقبال. ولنكن أكثر وضوحا، فالذين يعتقدون أن الأمر مزعج في بلاد لها إمارة المؤمنين، أرد عليهم بالقول: «إمارة المؤمنين صمام أمان الحقل الروحي للمغاربة، وذلك لا يتعارض إطلاقا مع البنوك الإسلامية التي أنشئت في مهد المسيحية أي بفرنسا وبريطانيا وأمريكا. هناك فرصة تاريخية أمام المغرب، من أجل فتح هذه القناة التي وإن تمادى في رفضها فإنها ستتجه إلى مغاربة المهجر في دول الاستقبال وإذاك سيخسر المغرب الشيء الكثير. لن يخسر المغرب شيئا في تجربة هذا النموذج الناجح وسيبقى الحكم في الأول والأخير للسوق.